ما نلاحظه من تغيّرات سلوكية يمارسها الشباب من الجنسين تسترعي الكثير من الانتباه، ولابد أن نتوقف عندها فالظاهرة تبدأ على نطاق ضيّق، ثم ما تلبث أن تنتشر كانتشار النار في الهشيم. استشعرت خطورة ظاهرة الدرباوية عندما سمعت طفلي الذي لم يبلغ التاسعة من عمره يذكرهم هو وصديقه، ويعرف أخبارهم وتصرفاتهم، فأوجست في نفسي خيفةً على هذا الجيل. تساءلت حينها ماذا يريد هؤلاء الشباب؟ وما الذي أوصلهم إلى هذه الحالة من الفكر والتصرفات غير المقبولة؟ وما هي الرسالة التي يودّون إيصالها لنا من خلال هذا الدرب الذي سلكوه؟! أمّا ظاهرة «البويات» عند الفتيات والتي تمارس فيها الفتاة سلوكيات الشاب تتخلّى عن أنوثتها، وهيئتها، وتصرفاتها، ومشيتها لتمارس دور الشاب في حياته.. لماذا أيضًا؟! أيعقل أن تختار الفتاة الجميلة -بمحض إرادتها- أن تتقمّص شخصية الذكر؟ لابد أن هناك خللاً واضحًا جليًّا في فكرها وهويتها، وربما نقمة على مجتمعها الذي ترى أنه يعلي من شأن الذكور، وينتقص من دور وشأن المرأة، فلا يمكن لفتاة سوية تعامل معاملة إنسانية راقية، وتعيش حياة كريمة وسوية تمارس هذه السلوكيات. سواء كنا نتحدث عن الشباب الدرباوية، أو الفتيات المسترجلات -البويات- هؤلاء فقدوا ثقتهم بمجتمعهم، وقتلهم الفراغ، وتسلّط عليهم شياطين الإنس والجن الذين هدوهم إلى ذلك السبيل، ونحن كمربين وآباء وأمهات وخبراء في علم الاجتماع والصحة النفسية، نقف مكتوفي الأيدي! وهذا -والله- عيبٌ كبيرٌ، ومصيبةٌ لابد من تداركها، والعمل على حلّها عاجلاً قبل أن يستشري الداء بين شبابنا وفتياتنا. هم يريدون أن يقولوا لنا: نحن هنا؛ ليلفتوا الأنظار. لم يجدوا منبرًا يتحدثون من خلاله، ولا ملجأ يلجأون إليه فضلَّوا طريقهم. البيت والأسرة، وخاصة الأم يقع على عاتقها العبء الأكبر، والمسؤولية العظمى في التربية، أيّ خلل في السلوك في بداياته يمكن ملاحظته بسهولة إن كانت الأم حاضرة بدورها ليتم تداركه ومعالجته. اعتقد أن دورًا مغيَّبًا للأم والأب في عصرنا الحالي، كلّ شُغل بذاته، وبتحقيق طموحاته وأهدافه، ونسوا الدور الرئيس لهم في تربية النشء. الأسر المفككة والتي يعلو فيها صوت الجدال والعنف، ويسيطر على أفرادها، هي الأكثر تعرضًا لهذه السلوكيات الشاذّة من قبل أبنائها. المدارس والجامعات لن تستطيع أن تؤدّي دورها التربوي إن كان الخلل مصدره البيت والأسرة، والإعلام والانفتاح على الآخر بشكل غير مدروس أدّى إلى هذا الانحراف السلوكي. أخشى على جيل الشباب من السقوط في الهاوية. فالدرباوية، والبويات قد تؤدّي إلى طريق الإدمان، والمخدرات، وجحيم الشذوذ، والانهيار الأخلاقي -والعياذ بالله-. اللهمَّ إنّا استودعناكَ أبناءنَا، وبناتِنَا، فاحفظهم بحفظكَ، ولا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين، ولا تسلّط عليهم مَن لا يخافكَ، ولا يخشاكَ برحمتكَ يا أرحمَ الراحمينَ. [email protected] [email protected]