تعصف بالامة ريح غريبة منتنة.. ريحٌ محملة بالفتن المهلكة المدمرة للاوطان والشعوب..ريح عاصفة لايكبح جماحها إلا التمسك بالدين القويم..دين الاسلام العظيم الذي ارتضاه الرب الحكيم العليم..رب السماوات والارض ومابينهما رب العالمين! وما وطن الكرامة والفضيلة (المملكة العربية السعودية) إلا جزءٌ من الاوطان المستهدفة التي تهب عليها هذه الريح العاتية البغيضة! بيد أن مهبط الوحي ومنطلق الرسالة ومهوى أفئدة المسلمين قاطبة وحاضن الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة,هو الذي فُتحتْ عليه الجهات الاربع بكل ريح عاصف,وهو المستهدف الآول فهو الوطن الذي كانت قبائله العربية الشديدة في البأس تتصارع وتتقاتل من اجل الماء والكلاء في الاودية والشعاب أو من أجل نزعات قبلية وتعصبات عمياء من أثار الجاهلية,حتى قيض الله لهامؤسس هذه الدولة المباركة الملك عبدالعزيز رحمه الله, فوحدها بالعقيدة والدين التي لمّت الشمل والشعث حين جعل كتاب الله وسنة رسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دستور هذه البلاد في كل أمر!! فحين يتدمر هذا الكيان الشامخ لاقدر الله,وهوالوطن الذي بُني على اساس الدين, يسهل اصطياده والهيمنة عليه وعلى خيراته,ثم يسهل اصطياد غيره من غير عناء ولامشقة ولانضال,وحين يتدمر تتدمربقية الاوطان الاسلامية والشعوب التي لم تُبن في غالبها على اساس من الدين كما بُني هذا الوطن الكبير! ولاريب أن الفتن تأتي في كل زمان,فقد فُتحتْ أبوابها منذ مقتل عمر بن الخطاب وإلى هذا اليوم,فمنها ماحُطّت رحالها وأكَلتْ وشربت,ومنها ما كُبِتَ ووئد في مهده,ومنها من تطل علينا برأسها تارة وتختفي تارة,تتحين الفرص للانقضاض علينا عند ضعفنا! غير أن الفتن قديما تأتي عشوائية التنظيم,سرعان ماتُقطّع حبائلها حين يتصدى لها سلطان مؤمن حازم في حينها,(فاالله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرأن)! ومن البديهي جدا, أن هذا الوطن قيادة وشعبا عصي على قبول كل مايخالف دين الاسلام الذي ارتضاه الله للناس اجمعين,وكم من فتنة خُطط لها لتدلف إلى بلادنا فتصدّى لها ولاة أمرنا وعلماؤنا بكل حزم وجدية,فمنعوها وحذروا منها,وبصروا الناس بها! غير أن الشياطين وأعوانهم لايفتأون يعملون لهدم الدين ونشر الفتن بكل ما لديهم من وسائل,وقد حققوا بعض مأربهم..ولكن لم يكن ليتحقق هذا, إلا حين تواطأ أشرار الداخل مع أسيادهم في الخارج! والخوف الذي يعتري كل مواطن سعودي مخلص لوطنه وقيادته الرشيدة,من الفتن وزحمتها, هو خوف المحب الذي ينعم بالامن الوارف فلا يريد أن يفقده,وخوف الذي يؤدي عبادته كل يوم وليلة بكل طمأنينة,فلايريد أن يحرم منها,وخوف الذي يرى الوطن شامخا معطاءا فلايريد أن يراه منكسرا تبعا ذليلا! وقد لانستطيع حصر الفتن,صغيرها وكبيرها..غير أن أعظم ما يحيط بنا منها, ونخشى من تأججها واستفحال أمرها, في هذه البلاد الكريمة,هي حسب رأيي تنحصر فيما يلي: أولا: فتنة التغريب وإذا ذكر التغريب,فإنه يضم العلمانية واللبرالية,وكل فكر وافد يدعو للحداثة الفكرية التي تنبذ الثابت وتقر المتحول,وتمقت التقليدية بكل أشكالها,لتجعل في الاذهان أن الدين من التقليدية وأن القيم الحميدة والفضيلة والعبادات آسلمة قديمة تقليدية لامكان لها! ولعل فتنة التغريب قد استطاعت أن تحقق ما حققته الصهيونية في اميركا وأوربا بسيطرتها على المنابر الاعلامية,مقروئة ومسموعة ومرئية,فالصحافة السعودية تعج برموز الحداثة واللبرالية,كذلك القنوات السعودية الخاصة كمجموعة العربية (أم بي سي وأخواتها) والتي تفْعل بمجتمعاتنا الاسلامية من السؤ, مالم تفعله دول الشرق والغرب ولا دول الاستعمار قاطبة! ثانيا:فتنة الفكر المذهبي المحدَث وهذا ما بات يقلق الكثيرحقا,فحين يستظل الفكر المحدث على منهج السلف المعتدل بمظلة السلفية الحقة,ليسوّق لافكاره ومعتقداته كي تقبل لدى المجتمع بإعتبارها تنبثق من مشكاة معتقد اهل السنة والجماعة وبالتحديد,عقيدة السلف الصالح..يكون الامر جد خطير! وهذا الفكر المحدث يتمثل في إدعاء بعض المُحدِثين المنتمين في الاصل للمنهج السلفي, بأنهم لازالوا يتحدثون باسم السلفية وأنهم جزء منها لايتجزأ وأنهم أهل المنهج الصحيح..غير أنهم يسعون للتنوير والتصحيح ,وقد تبين أنه يخفي وراء الاكمة شرا مستطيراً. ويمثل هذا الفكر ثلاث فئات هي: أ- فتنة حسن فرحان المالكي,الذي يعد هو الاخطر وهو الاشر فهو الذي لم يألوا جهدا ولم يدخر وسعا في سبيل نشر معتقده فنجده يردد نحن السلفيين لدينا من الاخطاء الكثير,وهذه هي أخطاؤنا , وهذا ما يجب أن تكون عليه, ثم يدخل في التدليس على العامة وأنصاف المتعلمين ويدعو الى هذا الفكر من خلال القنوات الصفوية والايرانية,وقد ظل هذا الدعي الفاسق سنين يروج لفكره,حتى أعطي أخيرا الضؤ الصفوي الاخضر ,بلعن الصحابة والترضي على الخميني,وما فعل هذا الا ليقول لحسن نصر الله والحوثيين وإيران (نحن هنا)! ب- فتنة فكر التكفير المطلق, الذي طرأ على منهج السلف, و أصبح وصمة عار ,على المسلمين جميعا,وهذا الفكر يعتقد أن كل جماعة حزبية سياسية,كافرة مارقة من الاسلام,وهم يكفرون حتى الاشاعرة والزيدية, الذين هم الاقرب لاهل السنة والجماعة وبدعهم غير مكفرة,إلا انهم كفروهم,وهذه الجماعة لاكثرها الله لازالت قليلة العدد الا أن لها اتباع في الخارج,ومن اتباعها من ظل يتباكى على القذافي ومبارك ولازال يدافع عن بشار باعتباره ولي أمر,وطاعته مطلقة!! ج- فتنة الفكر التنويري, وهذا الفكر فكر فلسفي عقلاني يقوم على الغلو في النقد للفكر السلفي والدعوة لتجليته من كل ما يدّعون أنه قد علق به من جمود فكري وعقدي منذ الخلافة الراشدة الى اليوم,وهو الفكر الذي كثيرا مايلوي اصحابه اعناق النصوص لتتوافق مع الفكر اللبرالي والانفتاح العصري والدولة المدنية والنهج الديمقراطي,وهذه فتنة حديثة تهدد الاستقرار الفكري الذي هو صمام امانٍ لأمن الوطن!!! ثالثا:فتنة الفكر الصفوي: ولا أقصد الفكر الشيعي,فالفكر الشيعي في هذا الوطن منذ قديم الزمان,وقد تعايش أهل السنة والشيعة عيشة احترام وتقدير ومواطنة مبنية على العمل الجاد الذي يخدم الوطن والمواطن ويحمي حمى البلاد تحت علم واحد وفي ظل حكومة واحدة..غير أن الفكر الصفوي الذي دلف إلى بلادنا فاستقاه بعض ابناء هذه البلاد من الشيعة,وخاصة في القطيف وهذا الفكر شيعي متطرف طرأ قبل 500 عام على الفكر الشيعي,ظل نائما في ايران, حتى أججته ثورة الخميني عام79م,وصدرته باسم تصدير الثورة الاسلامية,وهوالفكر الذي يكفر غير الشيعة الصفوية جملة وتفصيلا,وهوالفكر الذي يعادي النهج السلفي عداءا شديدا..بل يعده العدو الآول قبل أي عدو أخر,وهويعد العدة للانقضاض على اهل السنة عامة ومن يتبع نهج السلف الصالح خاصة!!! رابعا: فتنة الالحاد والتنصر وهذه الفتنة وإن كانت نادرة إلا أن تبعاتها خطيرة جدا,وهي فتنة غريبة على المجتمعات الخليجية والسعودية خاصة منها, لكنها من افرازات التغريب والزندقة ومما تبثه الفضائيات والشبكة العنكبوتية,التي لم تراقب بصدق وجدية من قِبَل الجهات الشرعية والامنية! إن هذه الفتن لتخيف كل من له قلب حي نابض بالايمان,كل من يعشق تراب هذا الوطن ويعتز ويفخر بأمجاده الذين سطروا التاريخ بماء الذهب وأضاءوه بنور ساطع وهاج تخيف كل من أحب باني ومؤسس هذا الكيان العظيم (عبدالعزيز أل سعود) صاحب العقيدة السليمة والفكر المتميز إنها لفتن كقطع الليل المظلم,غير أن الخلاص منها بإذن الله لازال ممكنا,ففي كتاب الله وسنة رسولنا النجاء بإذن الله,وفي وصايا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ,نبراسنا الهادي ورشدنا ودليلنا, قال عليه الصلاة والسلام : (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد)وقال(تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها الا هالك)وقال(تركت فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وسنتي)! ولازال الخلاص منها ممكنا,حين تتضافر الجهود بين ولاة الآمر حفظهم الله وعلمائنا ودعاتنا,ولاشك أن التضافر قائم وهوماتُنتظَر نتائجه التي ستتجلى فيها الحقائق وتوضع النقاط على الحروف!! رافع علي الشهري - - - - - - - - - - - - - - - - -