بقلم/خالد بن محمد الأنصاري عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية وعضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية لقد تتابع أدعياء المهدوية في الظهور على مر التاريخ الإسلامي منذ القرون الأولى ؛ وإلى عهدنا الحاضر ، من أصحاب الفرق وغيرهم من بعض الأدعياء من أبناء الخلفاء وبعض الواعظين والمتزهدين ؛ وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – في كتابه((منهاج السنة )) (8/259): (وأعرف في زماننا غير واحد من المشايخ الذين فيهم زهد وعبادة يظن كل منهم أنه المهدي وربما يخاطب احدهم بذلك مرات ،ويكون المخاطب له بذلك الشيطان ، وهو يظن انه خطاب من الله ) . وقد ظهر في هذه الأيام عدداً من المدعين بأنهم المهدي المنتظر ، مخاطبين المصلين في المساجد وغيرها بهذه الدعوة ،ولقد رأيت عدداً منهم بأمي عيني بالمسجد الحرام بمكة وغيره من المساجد ؛ وبمجرد أن يقضي الإمام من الفريضة ، يقوم الواحد منهم رافعاً عقيرته قائلاً: " أنا المهدي المنتظر"! ويغلب على هؤلاء الإعتلالات النفسية والروحية كما يؤكده بعض أطباء علم النفس المختصين ، ويؤيده ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في كتابه (( الدرر الكامنة)) (1/185-186) في ترجمة أحمد بن عبدالله بن هاشم أبو العباس المعروف بالملثم حيث قال مانصه(ثم سلك طريق العبادة فحصل له انحراف مزاج فادعى في سنة 689 ه دعوة عريضة من رؤية الله تعالى في المنام مراراً ؛ وأنه أسري به إلى السموات السبع ؛ ثم إلى سدرة المنتهى ؛ ثم إلى العرش ؛ ومعه جبريل وجمع من الملائكة ؛ وأن الله كلمه وأخبره بأنه المهدي ؛ وأن البشائر تواردت عليه من الملائكة ؛ وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بأنه من ولده وأنه المهدي، وأمره أن ينذر الناس ويدعوهم الى الله فاشتهر أمره فأخذ وحبس)). وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – عن هذا وأمثاله من المدعين دعوى المهدوية في كتابه ((منهاج السنة)) (4/98) ما نصه لما كان الحديث المعروف عند السلف والخلف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المهدي:" ويواطئ أسمه اسمي ؛ وأسم أبيه أسم أبي " صار يطمع كثير من الناس أن يكون هو المهدي ). وصدق شيخ الإسلام فقد طمع في هذه الدعوى البعض من الناس ؛ وأصبح يتلقب بها ويدعيها ؛ من أمثال محمد بن عبدالله الشهير "بالنفس الزكية" ، الذي ينتظره بعض "الجارودية" ويدعون بأنه لم يمت ، فقد قال عنه الإمام ابن كثير – رحمه الله - في ((البداية والنهاية)) (10/89) تَلَقَّبَ بالمهدي ؛ طمعاً أن يكون هو المذكور في الأحاديث ، فلم يكن به ، ولا تم له ما رجاه ، ولا ما تَمَنَّاهُ ، فإنا للَّه!). وقد ذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه ((الدرر الكامنة )) (1/518) في ترجمة تمرتاش ابن النوين جوبان ما نصهكان شجاعاً فاتكاً إلا انه خف عقله فزعم أنه المهدي الذي يخرج في أخر الزمان ؛ فبلغ ذلك أباه فركب إليه ورده عن هذا المعتقد). وعليه ينبغي الحذر من الانجراف وراء هذه الدعوات الباطلة ؛ وما قد ينتج عنها من فتن عظيمة وجسيمة ؛ لا يعقلها إلا الراسخون في العلم ؛ كما قال الإمام الحسن البصري - رحمه الله – فيما ذكر ابن سعد في ((الطبقات)) (7/166) إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم ؛ وإذا أدبرت عرفها كل جاهل). ومن تلك الفتن المتعلقة بدعوى المهدية الواقعة الشهيرة التي وقعت بالمسجد الحرام غرة شهر الله المحرم عام1400ه ؛ فتسببت في استباحة الحرم ، وقتل الأنفس البريئة ، وترويع الآمنين ؛ وهذا نموذج واحد من الآثار المترتبة على تصديق هؤلاء الأدعياء. @khalidmalansary