نجاح إدارة الحشود مطلب يَصُب في تعزيز الانتماء الوطني، وتصليب اللحمة الوطنية،ومؤشر نجاح يُحسب للإدارات المعنية بذلك غير أن ما يجري من عمليات تفويج واستعدادات ميدانية لعشرات الآلاف من المركبات في نهاية عطلة الأسبوع في منطقة عسير عبر عقبتي (ضلع وشعار)تحتاج إلى إعادة نظر،ووقفة تصحيحية ،إذ أن من غير المعقول أن نشاهد تظاهرة كبيرة وحاشدة لأكثر من (150) ألف سيارة بمتوسط (500000) ألف نسمة تتردد نهاية عطلة الأسبوع طلباً للدفء نحو مشاتي تهامة عبر طُرق وعرة تعتبر هي الأخطر على مستوى المملكة ،ثم تلحظ إدارة هذه الحشود لنفسها بنفسها لِنُدرة التواجد المروري لأكثر من 80كم رغم جاهزيته بكل مهنية واقتدار وفاعلية حيال زيارة مسئول رفيع المستوى لذات الطريق ،فتجد المتابعة ، والمراقبة ،والرصد ،والمسح،والتمشيط،والتوعية ، وحراسة كل المداخل والمخارج ،وهذا بحد ذاته عامل نجاح يُقدَّرُ ويُحترم ،ونتمنى أن تُستنسخ هذه التجربة الرائدة الناجحة ،وتُمنح مناصفة لعشرات الآلاف ممن يقضون إجازة نهاية الأسبوع في مشاتي تهامة ، ويعانون أشد المعاناة أثناء تنقلهم على ذات الطريق من الازدحام الشديد، والفوضى والاختناقات المرورية ،ونواتج الحوادث المرورية من احتجاز آلاف السيارات لعدة ساعات، وحاجة المحتجزين العالقين إلى خدمات تموينية ،وعلاجية ،يضاف إلى ذلك تعذر وصول طواقم الإنقاذ في الوقت المناسب بسبب عُطل الطريق المزدحم،وإغلاق المداخل بشكل عشوائي يُبَطِئ من فرص وجود أحياء في موقع الحادث. وسؤالي الذي ينبغي أن أطرحه على الهواء مباشرة عن الخطط والاستراتيجيات الموضوعة سلفاً لإدارة هذه الحشود من الجهات ذات العلاقة من إدارة المرور والدفاع المدني وجمعية الهلال الأحمر..... ؟ هل هذه الإدارات مشكورة تنتظر الوقوعات، والحوادث، والكوارث، حتى تباشر مهامها؟..أم أن هناك دوراً وقائياً احترازيا استباقياً يجب أن يُتخذ لإدارة هذه الحشود وما ينجم من حوادث لا قدر الله؟!! أظن أننا بحاجة إلى تناسي الإجابة عن السؤال والاتجاه نحو رسم خارطة طريق نؤكد فيها ابتداءً على أهمية عامل الوقت في السيطرة على تكدس الحشود الهائلة التي تُعيق وصول فرق الإنقاذ ،فكلما تأخر الإخلاء كلما قلَّت فرص النجاح ،وتسارعت التعقيدات ،وارتفعت وتيرة السُّخط لدى العالقين والمحتجزين ،لذا أناشد وأتمنى وجود فرق للدفاع المدني والهلال الأحمر على طول الطريق خارج مقراتها لضمان الإخلاء السريع ، فليس من المعقول أن يقفل الشريان الوحيد الدولي الرابط بين منطقة عسير وجازان وتُحتجز مئات السيارات لعدة ساعات ،في انتظار وصول فرق الإنقاذ من مقراتها التي غالباً يتعذر وصولها نتيجة تكدس السيارات حول منطقة الحادث وربما يكون الحادث عرضياً لا يستدعي كل هذا الوقت. ودعوني أُشخص مشكلة إدارة الحشود هنا بأنها مرورية بالدرجة الأولى وتفتقر في حلِّها إلى بصمة وقامة ورمزية رجل المرور ،وضرورة حضوره في الميدان وتواجده على طول الطريق ،لأن ذلك يُسَرِّع في حلحلت كثير من المشكلات ،ويختصر الكثير من الوقت والجهد ،ويُشَكل حضوره رافعة قوية لسلاسة وانتظام الحركة المرورية بطريقة حضارية. صدقوني لن نجد بديلاً مناسباً أفضل من رجل المرور في ضبط الحركة المرورية ،وضبط كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن والمواطن ، على ان وجود رجل المرور مطلب مُلِح ،وطَوْق نجاة لنا من السائق الذي يلعب أثناء قيادته لسيارته بأرواح ومشاعر الآخرين،ولا يُقدِّر العواقب مُستغلاً غياب مقص الرقيب،فحينما يتواجد رجل المرور في الميدان ،وتَرصد العين المرورية عن قُرب السائق العابث ،وتتحفظ عليه ،تُعيد للطريق مكانته ،وللآخرين اعتبارهم ،لأن السائق المتهور في قيادته مُشَرِّع للقتل ،بل هو قاتل بامتياز مع سبق الترصد ،و عابث بأمن ومقدرات هذا الوطن ، ومُتورط في أعمال شغب مرورية راح ضحيتها أبرياء،ونواتج السائق المستهتر حوادث مروعة ،وأزمات مفتعلة ،وإرباك للسير ،ينتهي بتذاكيه أمام عربة ساهر كالحمل الوديع. ومن هنا ندرك أهمية تواجد واقتراب رجل المرور من مسرح العمليات وتفاعله وإيجابيته وضرورة تطبيق الأنظمة المرورية على كل مخالف بكل صرامة، لأن تطبيق الأنظمة المرورية صمام أمان، وضرورة مُلحة، وإنهاء لمسلسل الفوضى إذ لا يُعقل أن ترهننا أنانية ،واستمزاجات السائق المستهتر، الذي أصبح يُشكل ظاهرة يصعب التغلُّب عليها ومعالجتها، نتيجة أمن العقوبة ،ومن أمن العقوبة أساء الأدب. إن تواصلنا مع رجل المرور فيما يخص منظومة العمل المروري يضعنا جميعاً في الاتجاه الصحيح ، وإن تطوير العمل المروري، ومواكبته للمرحلة ،واستفادته القصوى من وسائل التقنية الحديثة ،وتطويعها لتوعية الحشود ،وتوجيهها ،وتفويجها عبر رسائل الجوال القصيرة ، ومراقبة الطريق عبر الأقمار الاصطناعية ،وإنقاذ المصابين حال تعذر الوصول إليهم بطائرات الدفاع المدني ، كل هذا يجعلنا نُدير الحشود بكل كفاءة واقتدار خاصة إذا استشعرنا أننا في وطن أعطانا الكثير ولا يزال ،وأن قيادتنا للسيارة في الشارع هي ترجمة فعلية لثقافتنا ،وتوصيف حقيقي لأخلاقنا ، وتعريف شخصي لذواتنا ،ألا يجدر بنا أن نُعرِّف بأنفسنا لدى الآخرين من خلال القيادة المُتزنة الحكيمة،وتُدار حشودنا بطريقة حضارية تضعنا في الصدارة. الأستاذ/حسين عبد الله أبودوسه المدرس بمعهد أبها العلمي عضو النادي الأدبي في أبها 8/2/1433ه