سمعنا عن الطب الشعبي .. الطب البديل .. الطب النفسي .. الطب البيطري وأنواع أخرى ، لكن عن الطب الروحي ؟ هذا ما لم أعرفه إلا من خلال رسالة بريد إلكتروني وردتني بشكل عشوائي أمس ، مرسلة من الطبيب نفسه \" محمد الروحاني \" .. لا .. ومن المغرب أيضاً ، عموماً أنا شبه متيقن أن اسمه الذي ذيل به رسالته اسم حركي لا علاقة له بهويته الحقيقية ؛ لسبب بسيط .. أن المجرمين دوماً لا يصرحون بأسمائهم أو بما يدل على كنههم وحقيقة أمرهم ، ولعل اختياره لاسم محمد من باب الروحانية أيضاً والإيهام بتدينه وورعه كون هذا الاسم من الأسماء التي توحي بالقداسة والسماحة والتقى ، وللحقيقة .. فإن الاسم ليس بذات أهمية مقارنة مع مضمون الرسالة التي بدأها بتعريف موجز للطب الروحاني ، حيث أبان فيها أهمية هذا النوع من المعالجة مؤكداَ على حتمية نجاعته الشافية من معظم الأمراض ، ومنها قوله \" أكد الطب الروحي فعاليته وجدواه في مقاربة و علاج العديد من الأمراض المستعصية..التي ظلت إلى عهد حديث تصنف تحت مسميات جانبت الصواب ( كالأمراض النفسية ، الأمراض الكامنة ، ..)..و هي في حقيقتها أمراض ذات خلفية روحية سواء كانت مسا أو سحرا أو رصدا روحيا كيفما كان نوعه \" ، ولا أخفيكم أني لم أفاجأ بموضوع الطب الروحاني هذا بقدر تفاجؤي بطريقة وأسلوب المعالجة ، حيث ارتكزت على محورين هما : الكشف الروحي من جهة والاستحضار والتحكم الروحي من جهة أخرى ، وقد يقول قائل .. وما الجديد في الأمر ؟ فالدجالون والمشعوذون ( تارسين الديرة ) وكلهم يدعون الكشف الروحي والاستحضار الروحي ؟ فأين مكمن الدهشة ؟ لأقول له ؛ أن محمد الروحاني غير !! فكل من سبقه من الدجالين يقومون بدجلهم وجهاً لوجه ، أما هو فعن طريق الماسنجر والشات !! يعني ببساطة علاج عن بعد ، وكل ما يتطلبه العلاج أن يكون بين يديك جهاز كومبيوتر مرفق به كاميرا صغيرة للمعاينة والكشف ، وعلى الفور يأتي العلاج ترانزيت من المغرب إلي حيث يقبع المريض ولو كان في شرق الصين !! ، ولم تخل الرسالة أيضاً من مضامين التنزيه الشخصي للمعالج بما نصه \" ساهم الشيخ محمد الروحاني - طيلة مسيرته العلاجية - في التأسيس لمنهج روحاني خاص في العلاج ينطلق من القرآن و يتشرب من مناهل العلم الروحي الخالص \" وهذا مصداق قولي أن هذا المتحايل يحاول استغلال العاطفة والوازع الديني للإيحاء بمصداقيته وأحقيته بالثقة التامة كونه – على حد زعمه – يرتكز في علاجه على القرآن الكريم لا على الدجل والشعوذة ، والمذهل أنه لم يترك مرضاً إلا وأدرجه ضمن قائمة قدراته الروحية \" كالعوارض و الثقاف و العنين و البوار و العقد و الرجمية والخيالية و التابعة و التسليط و التجرية و غيرها كثير \" ، يا للهول .. ما ترك لغيره من المحتالين شيء ، كلها في متناول يده وحده !! وبالماسنجر !! . إن ما يدهش حقاً في رسالة فضيلة الشيخ هذه .. أنها تؤكد على أمر كنت قد أكدت عليه في مقال سابق بأن الدجل مثله مثل كل الأشياء من حولنا في تطور وارتقاء ، وها هي الآن تدلف من باب التكنولوجيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي والخدمات الإلكترونية البريدية ، فكما أن هناك من يفكر بإيجابية لجعل الحياة أفضل ، هناك من يفكر أيضاً لكن بسلبية تحيل الحياة أسوأ . كل ما آسف عليه .. أن هناك من الناس من يغرق في قنوطه وبحيرات يأسه لا يلوي على شيء إلا أن يجد الخلاص من مرضه !! وحينما ترده مثل هذه الرسالة الخادعة فلن يجد بداً من إتباعها والوقوع في حبائل باعثيها ، فأرجوكم لا تدعوا لمثل هؤلاء الفرصة لاقتناص من ابتلي من معارفكم وأقاربكم وذكّروهم أن فرج الله أقرب من ماسنجر الروحاني ودردشته . عبدالرحمن ظافر الشهري [email protected]