.. تبقى حكايات (خصخصة) الأجهزة الحكومية وتحويلها إلى قطاعات خاصة واحدة من أهم المتغيرات الحضارية والتطلعات الباهية التي تسكن اهتمامات المواطن وطموحاته .. ذلك لما تتميز به وتنفرد مثل هذه النقلة (الخدماتية)المتفوقة من اختصار للوقت والمعاناة الطويلة مع سياسة الإدارات الحكومية الفجة والبطيئة في الإنجاز والذي يطولها التسويف والتطفيش والتلذذ والتلاعب بمصالح المواطن ومعاملاته التي تسافر من قسم لآخر تمتد رحلتها المؤسفة لشهور وربما لسنوات !! ..ولعل مشروع هذه الخصخصة تضمد شيئا من مواجع وانكسارات المواطن مع هذا الهم اليومي النازف وتضعه في دوائر التقدير والاحترام كما هو الحال في بعض الدول التي طبقت وتعاملت مع هذا النظام الراقي بحسها الوطني الناضج والواعي والمسئول التي تدفع بمواطنيها نحو تعزيز الحب والانتماء لأوطانها ! .. ولكن الذي يجعلنا نمسك على قلوبنا ونفرمل بعضا من طموحاتنا في تطبيق هذه الخصخصة عبر إداراتنا الحكومية هو ما تفعله بنا الاتصالات ومعها الخطوط السعودية والذين مازالوا يستمتعون بتشليح جيوبنا وتجميعنا في حظائر مطاراتنا والاستهتار بقيمة المواطن وإنسانيته الشريفة رغم انه يدفع لخدمته في هذين القطاعين من ماله الخاص ويداري أوجاعه بالتسول لهذا والتوسط بذاك بعد أن أعياه تعب الاتصال على أرقام الخطوط التي لا ترد حينا وأخرى تبقى مشغولة بأمر المآمير !! وكذلك تمطرنا جوالاتنا برسائل الخدمات التي تزيدنا نزفا من ممتلكاتنا ويتلاعبون بالعبارات التي يقنعون بها المواطن البسيط عبر المأجورين في فنون الدعاية والإعلان ومعها تصدر فاتورتك وهي متوازنة مع آخر فاتورة تم تسديدها حتى وان اختصرت في المكالمات والرسائل !! هذا العبث في خطوطنا السعودية وفي جهاز الاتصالات يجعلك تفكر طويلا في حكايات خصخصة الماء والبلديات والمرور والجوازات وغيرها من أجهزة الخدمات ويصيبك الشكوك في مصداقية المساهمين في القطاعين ( الخطوط والاتصالات ) والذين يسحبون من جيوبنا الملايين من الريالات ولا تلقى لها في النهاية اثر في التنمية الوطنية أو حتى المشاركة في دعم الفقراء والمعوزين 00 وعليكم تتبع ما يضخ للأندية الرياضية الكبيرة من مبالغ مالية مهولة مقابل رعايتها لها وعليكم كذلك بتتبع الرواتب العالية التي يقبضها المسئولون الكبار في الخطوط والاتصالات والتي تدفع جلها من جيوبنا 0 إن علينا في كل الأحوال أن لا نتطلع بمصداقية تحويل الأجهزة الحكومية إلى قطاعات خاصة فذلك ضياع خطير وهدر كبير لاستحقاقات المواطن .. وعلى المتفائلين بمشروع الخصخصة والهاربين من ويلات ( راجعنا بعد ساعة ) أن يتحملوا هذا الشعار المرير حتى وان تغيرت ساعته إلى شهور .. والله المستعان !!!