تكبدت البورصة السعودية خسائر ونزلت خلال الأسبوع إلى أدنى مستوى في عشرة شهور بسبب الاضطرابات في مصر التي تسببت في هبوط السوق هناك. وكشف تراجعات البورصتين المصرية والسعودية النقاب عن مخاطر كبيرة كون السوقين عرضة لموجات بيع من مستثمرين أفراد محليين قد تساورهم مخاوف حتى وإن بدت البيئة الاقتصادية إيجابية في المدى الطويل. وقال متعاملون ومحللون إن كثيراً من المستثمرين الأجانب والمؤسسات المحلية احتفظوا بحيازاتهم في السوق أو ربما اشتروا مزيداً من الأسهم لأنهم لا يتوقعون تغيراً في الآفاق الاقتصادية. لكن حركات بيع كثيفة من المستثمرين الأفراد المحليين دفعت السوق للهبوط. وتتراوح التوقعات للأداء الفني للمؤشر السعودي خلال الأسبوع المقبل بين الانخفاض إلى مستوى 6200-6300 نقطة وبين الارتفاع من 6400إلى 6800 نقطة. وقال متعاملون إن حركة البيع خلال الأسبوع الجاري والماضي اقتصرت على مستثمرين أفراد بينما احتفظت المؤسسات المحلية والأجانب بحيازاتهم. وتقتصر استثمارات الأجانب على الاستثمار غير المباشر عبر أدوات مثل المبادلات ولذلك ليس لهم وجود كبير بالسوق. وقال تركي فدعق رئيس الأبحاث والمشورة لدى شركة البلاد للاستثمار إن 90 بالمئة من المتعاملين في السوق السعودي من الأفراد وتتحكم العاطفة في تعاملاتهم المالية وهذا هو السبب الرئيسي في تراجعات الأسبوع الجاري والماضي. وتراجع المؤشر السعودي خلال الأسبوع بنحو 1.2 بالمئة. وقال فدعق "السوق عند أدنى مستوياته منذ بداية العام. التراجعات بسبب عوامل نفسية أكثر منها مالية". واعتبر محللون أن موضوع خلافة الملك عبد الله تم تسويته أيضاً بعد تسمية ولي عهده الأمير سلمان البالغ من العمر 76 عاماً. ويرى محللون أن السياسة الاقتصادية السعودية تسير في اتجاه مستقر ولن تتغير كثيراً نتيجة أي تغير سياسي على الأرجح. وقال مازن تركي السديري كبير المحللين الماليين في شركة الاستثمار كابيتال الذراع الاستثمارية للبنك السعودي للاستثمار إن "نزول السوق السعودي الفترة الماضية غير مبرر وليس له علاقة بالوضع الاقتصادي في المملكة بل كان بسبب الأحداث في مصر ودول المنطقة". واحتشد عشرات الألوف من المصريين يوم الثلاثاء الماضي في ميدان التحرير بوسط القاهرة وميادين وشوارع في مدن أخرى تصعيداً لضغوط تطالب بإسقاط إعلان دستوري أصدره الرئيس الإسلامي محمد مرسي قائلين إنه يؤذن بحقبة استبدادية جديدة بعد أقل من عامين من إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية. وقال السديري إن "أسعار الاسهم في السوق عند مستويات مغرية للشراء. أعتقد أن الأسعار ستشجع صغار المستثمرين على العودة للسوق مرة أخرى الأسبوع المقبل. هناك فرص سانحة بالسوق". وقال وزير المالية السعودي إبراهيم العساف في أغسطس/آب الماضي إنه لا يرى أي سبب يدعو لتغيير توقعات النمو الاقتصادي للمملكة هذا العام عند مستوى يقارب ستة بالمئة. ونما الاقتصاد السعودي 6.8 بالمئة العام الماضي مدعوماً بارتفاع إيرادات النفط والإنفاق الحكومي السخي في بلد يعيش فيه نحو 18 مليون مواطن. وقال عاصم بختيار رئيس الأبحاث بشركة الرياض كابيتال "لا نتوقع تغيراً كبيراً في السياسة الاقتصادية. قد لا يكون هناك مبرر لبعض هذه المخاوف (في السوق) وهي رد فعل لعناوين الصحف وللإشاعات". وأضاف إن "الاقتصاد يقوم على أرضية قوية ولا نتوقع تغيراً". ويحقق اقتصاد المملكة نمواً قوياً مع ارتفاع أسعار النفط وتوسع البنوك في الإقراض بأسعار فائدة في خانة العشرات. وتراجعت المخاوف بشأن صحة الملك عبد الله يوم أمس الأربعاء بعدما ظهر على شاشة التليفزيون الحكومي لأول مرة منذ العملية الجراحية. وظهر الملك بصحة جيدة جالساً أثناء استقباله أعضاء العائلة الملكية ومسؤولين في الرياض. ويقول أكبر نقوي مدير محافظ صناديق التحوط بشركة الماسة كابيتال إن "سوق كالسعودية تتأثر بالإشاعات لأن من يقودها هم مستثمرون أفراد". ويرى فدعق أن توقعات المستثمرين لنتائج أعمال الشركات خلال الربع الرابع ستكون هي العامل الرئيسي المحدد لاتجاه السوق خلال شهر/ديسمبر بالكامل. وأردف إن السوق سيستقر خلال الأسبوع المقبل "ليتداول بين 6400-6800 نقطة بدعم من توقعات المستثمرين لنتائج الربع الأخير ومن البيانات المالية عن الاقتصاد الأمريكي المتوقع ظهورها الجمعة المقبلة". وهناك مخاوف في أسواق المال العالمية بشأن "الهاوية المالية" الأمريكية وهي مزيج من خفض الإنفاق وزيادة الضرائب بشكل تلقائي ضريبية بقيمة 600 مليار دولار مما قد يخرج تعافي الاقتصاد الأمريكي عن مساره. وقال السديري إن "ملامح نتائج أعمال الشركات السعودية خلال الربع الأخير بدأت تكتمل وستكون مكملة للربع الثالث. النمو سيكون موجودا في السوق". وتوقع محللون في استطلاع أجرته رويترز في يوليو/تموز أن تسجل السعودية - التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط - نموا نسبته 5.2 بالمئة هذا العام وهو ما يقل عن نسبة معدلة عند 7.1 بالمئة في 2011 وذلك بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي. وأردف السديري "لم نجد أي أخبار سلبية عن الشركات السعودية خلال الفترة الماضية باستثناء موبايلي رغم ان الشركة قالت إن القرار غير مؤثر عليها". وقالت اتحاد اتصالات (موبايلي) ثاني أكبر مزود لخدمات الاتصالات بالسعودية الأحد إنها طلبت الاجتماع مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بعدما منعتها من بيع شرائح المحمول مسبقة الدفع واصفة المنع بأنه مثير للدهشة. وقالت موبايلي في بيان للبورصة إن التأثير المالي للقرار سيكون "محدوداً جداً". ويتوقع مهاب الدين عجينة رئيس التحليل الفني لدى بلتون فايننشال في القاهرة تراجع المؤشر السعودي حتى مستوى 6200-6300 نقطة خلال الأسبوع المقبل بعد أن فشل في الثبات أعلى مستوى 6600 نقطة خلال الأسبوع الجاري والماضي. وقال عجينة إن "انخفاض أحجام التداول وظهور قوة بيعية قوية بالقرب من مستوى 6550 نقطة تؤكد توقعات تراجع السوق".