فجرت قضية قيام رجلي شرطة باغتصاب فتاة تونسية جدلاً واسعاً في تونس وعززت مخاوف نشطاء من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في تونس ما بعد الثورة. وقال محامون وناشطون هذا الشهر إن رجلي شرطة اغتصبا فتاة في ضاحية عين زغوان قرب العاصمة. وتقدمت الفتاة بشكوى ضد رجلي الأمن. وقالت وزارة الداخلية انه تم توقيف رجلي الأمن ويجري التحقيق معهما بشأن التهم الموجهة إليهما. لكن التهمة التي وجهت للفتاة "بالتجاهر بما ينافي الحياء" أثارت انتقادات واسعة في صفوف نشطاء حقوق الإنسان في تونس الذين قالوا إنهم حولوا الضحية إلى متهمة واعتبروا المسألة أمراً خطيراً وانتهاكاً لحقوق الإنسان وكرامته. وقالت الفتاة وعمرها 22 عاماً يوم أمس الجمعة "لقد وجهوا لي تهمة التجاهر بما ينافي الحياء..أنا أصبحت متهمة..هم بهذا يغتصبوبي من جديد..حقيقة أنا في حيرة من أمري وفكرت في الانتحار". وأضافت الفتاة التي ترفض كشف اسمها لأن عائلتها لا تعرف حتى الآن بالأمر "رغم كل شيء أنا لن أتنازل عن حقي وهذه المسألة تعني الموت أو الحياة بالنسبة لي". وقالت وزارة العدل يوم الجمعة في بيان إن اعتبار شخص متضرراً من جريمة لا يمنحه حصانة في حال ارتكابه جريمة أخرى "في إشارة إلى اتهام الفتاة بتهمة التجاهر بما ينافي الحياء". كما انتقدت وزارة الداخلية التوظيف الإعلامي والسياسي لهذه القضية معتبرة أن قضية يجري التحقيق فيها من اختصاص القضاء وحده. واتهم محامون ونشطاء حقوق الإنسان في تونس القضاء بممارسة ضغوط على الفتاة لسحب شكواها ودفعها للتراجع عن أقوالها معتبرين ذلك ضرباً لاستقلال القضاء. وقالت راضية النصرواي وهي ناشطة حقوقية ومحامية إن وزارة الداخلية حاولت التكتم على الجريمة ومارست عدة ضغوط على الفتاة. وقالت إن الاعتداء على هذه الفتاة نموذج من استمرار عودة انتهاكات حقوق الإنسان في تونس بعد الثورة واعتبرت أن الانتهاكات والتعذيب أصبحت ظاهرة شائعة. من جهته ندد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى بتحويل الفتاة من ضحية إلى متهمة. وقال بن موسى انه مصدوم من "تحويل فتاة مغتصبة بوحشية إلى متهمة لتشويه سمعتها". وانتقدت رئيسة جمعية إنصاف وحرية الحقوقية إيمان الطريقي سير القضية معتبرة "نفس الممارسات التي حصلت في العهد البائد تعاد الآن.. فمن يشتكي عون امن يصبح مورطا ومتهماً". وتتزامن هذه القضية التي أثارت الرأي العام في تونس مع زيارة مقررة الأممالمتحدة بشأن حقوق الإنسان لتونس لرصد أي انتهاكات لحقوق الإنسان في البلاد. وستقدم المقررة نتائج الزيارة الأسبوع المقبل. وتواجه الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة مع حليفين علمانيين انتقادات واسعة بشأن تراجع سجل تونس في مجال حقوق الإنسان بعد وفاة شاب تحت التعذيب والحديث عن حالات تعذيب أخرى في معتقلات. وطالما كان سجل حقوق الإنسان من الملفات سيئة السمعة لتونس خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به احتجاجات شعبية في 14 يناير/كانون الثاني العام الماضي. ولكن مسؤولين في الحكومة الحالية ينفون التستر على أي انتهاكات ويقولون إن هناك حالات معزولة يجري التحقيق فيها. ويشكو مسؤولون حكوميون من أن التركيز بشكل مفرط على مثل هذه القضايا يضر بصورة تونس في الخارج.