تحت عنوان " ربيع عربي في نيوجرزي: الجالية العربية تهزم مرشح الإيباك" كتب عبد الحميد صيام في صحيفة القدس العربي عن حيوية جديدة في المشاركة السياسية بدأت تدب بالمغتربين العربن ويقول إن العرب والمسلمون في الولاياتالمتحدة لم يبقوا كمًا مهملا يتصفون بالسلبية والانسحاب والتهميش وابتلاع الإهانات والدعاية السامة والتنميط. لأول مرة ينظمون أنفسهم وينزلون إلى الميدان لدعم مرشحهم بيل باسكريل ضد ستيف روثمان الصهيوني العريق والمنتمي إلى جماعة يطلق عليها إسم 'إسرائيل أولا' وهم مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ يبالغون بطريقة ممجوجة في الدفاع عن إسرائيل ويضعون مصلحتها قبل مصالح الولاياتالمتحدة ويزايدون على غلاة الإسرائيليين أنفسهم، ويعتبرون أي انتقاد لسياسات إسرائيل مهما صغر نوعا من معاداة السامية. في يوم الخامس من حزيران (يونيو) الماضي توجه العرب بعشرات الألوف ليختاروا واحدا من بين المرشحَْين الديمقراطيين في الانتخابات الأولية: بيل باسكريل أو ستيف روثمان. وجاءت النتائج قبل منتصف الليل بفوز باسكريل بهامش كبير يزيد عن 60'. لقد جاءت هزيمة روثمان مفاجأة لأنصار اللوبي الإسرائيلي وضربة موجعة لمخططاتهم لدرجة أن عنوان موقع الهفنتون بوست المشهور ظهر في اليوم التالي هكذا: سحق الأيباك في نيو جرزي (اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة). كان باسكريل عمدة مدينة باترسون، ثالث أكبر مدن ولاية نيوجرزي وذات الكثافة العربية الكبيرة، بين عامي 1990 و1996 حيث كون صداقات عديدة مع العرب والمسلمين. إنتخب عضوا في الكونغرس منذ 16 سنة. وسجله، رغم دعمه لإسرائيل في بعض المواقف، إلا أنه عارض الحرب على العراق وصوت ضد 'قانون المواطنة' الذي إقترحه الرئيس السابق جورج بوش للتجسس على المواطنين بحجة محاربة الإرهاب، ووقع وثيقة مع أعضاء آخرين في الكونغرس ضد الحصار على غزة وأيد مشروع سلام للتوصل إلى تسوية سلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل مدعوم من اليهود الليبراليين المنتظمين في تجمع منافس للإيباك يسمى'جي ستريت'. وقد قف مع الشيخ محمد القطناني، إمام مسجد باسيك الكبير، في معركته القانونية لوقف قرار ترحيله من البلاد بتهمة إسرائيلية باطلة ثبت خطلها، كما نادى في أكثر من مناسبة بحرية الأديان وحصانة دور العبادة واعترض علنا على ممارسات شرطة نيويورك بالتجسس على العرب والمسلمين في مساجدهم ومقاهيهم ومطاعمهم وجامعاتهم. أما بالنسبة لروثمان فهو عضو في لجنة تخصيص الأموال للمساعدات الخارجية في الكونغرس. ولا عجب أنه إختار هذه اللجنة أو إختيرت له بناء على نصيحة من الإيباك ليشرف بنفسه على تخصيص الأموال لإسرائيل دون قيود أو مساءلة أو مراجعة. وقد دخل المنافسة بثقة زائدة في النفس بسبب دعم المنظمات الصهيونية وأنصار إسرائيل لترشيحه. كما شن حملة سلبية ضد باسكريل واتهمه بمصادقة بعض المسلمين من داعمي التطرف والإرهاب. كان يعرف باسكريل أنه لا يستطيع أن يتفوق على خصمه العنيد المدعوم من الإيباك والمحافظين الجدد إلا إذا وقفت الجالية العربية/المسلمة بقوة إلى جانبه، فاختار ضمن حملته مجموعة منتقاة من النشطاء العرب وبدأ يتحدث في المساجد والتجمعات العربية. بل وتمت استضافته في أكثر من بيت عربي لجمع التبرعات لدعم حملته الانتخابية والتي زادت عن المائة ألف دولار. ثم طلب العون من عضو الكونغرس المسلم 'كيث ألسون' من ولاية منيسوتا والرئيس الأسبق بل كلنتون، واللذين يتمتعان بشعبية كبيرة لدى الجالية العربية. كما قام نشطاء ضمن فريقه الانتخابي بحملة لتسجيل الناخبين العرب غير المسجلين وتم توزيع المطويات الانتخابية من بيت لبيت. وقد أثمرت هذه الحملة بزيادة عدد المشاركين في الانتخابات من جهة وبكثافة التصويت لصالح باسكريل حيث بلغت نسبة المصوتين العرب 22 صوتا لصالح باسكريل مقابل صوت واحد لروثمان، وهي من أعلى النسب حتى في انتخابات الرئاسة عام 2008 التي أوصلت باراك أوباما إلى البيت الأبيض. لقد وعد باسكريل الجالية العربية بأن يحتفل معها إذا ما تحقق له الفوز. وقد بر بوعده حيث كان العرب على موعد معه يوم الإثنين الماضي 10 حزيران (يونيو) لقبول التهنئة والحديث عن رؤيته لدعم نسيج العلاقات التي برزت في حملته بين كافة أطياف المجتمع في نيوجرزي ووعد بأن يبقى مدافعا عن الحق والكرامة الإنسانية والمواطنة المتساوية ورفض التهميش والتعصب واستهداف العرب والمسلمين. هذه هي البداية. بداية موفقة وفعالة إنها بداية لربيع عربي في أمريكا وصحوة واسعة يستطيع العرب والمسلمون أن يبنوا عليها ويستخدموها نموذجا للعمل المنظم والفعال. وقد أخبرني السيد صلاح مصطفى، أحد نشطاء حملة باسكريل، بأن عددا كبيرا من السياسيين الأمريكيين في نيوجرزي إتصلوا طالبين دعم الجالية العربية المسلمة في حملاتهم الانتخابية القادمة. إنه أول الغيث . فعلى عاتق الجالية العربية والمسلمة، والتي تتفوق في أعدادها على عدد اليهود، مسؤولية الانخراط في قلب الأحداث والعمل على الساحة الأمريكية بشكل منظم. وإذا نجح العرب في مساندة مرشحهم المفضل هذه المرة فقد ينجحون يوما في دعم مرشحيهم للمجلسين التشريعيين ومرشح الرئاسة وبالتالي دعم تعزيز مواقعهم في هذه البلاد وزيادة مستوى تأثيرهم في السياستين الداخلية والخارجية. وكما تغيرت الصورة السلبية لعدد من الجاليات كالإيرلنديين والطليان واليابانيين واللاتينيين والسود بفضل جهود أبنائها وبناتها المتفوقين والناشطين فلا بد للعرب والمسلمين أن يبقوا متحدين ومنخرطين في العمل بجدية أكبر لتغيير الصورة النمطية السلبية التي عممتها وسائل الإعلام المغرضة وأنصار اللوبي الإسرائيلي واليمين المتطرف. أمريكا بلاد الفرص المفتوحة والاحتمالات الواسعة والأحلام القابلة للتحقيق. فمن كان يعتقد أن البيت الأبيض سيحل به يوما ما رئيس أسود؟ ' أستاذ جامعي وكاتب عربي مقيم في نيويورك