أشار الشيخ عبدالمحسن العبيكان، المستشار في الديوان الملكي السعودي، إلى أن مِن مآخذه على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية أن بعض رجال الهيئة كانوا في ماضيهم إما مدمني مخدرات أو من اللصوص ونحو ذلك، ثم يلتزمون ويقبلون بعاطفة قوية نحو الدين وإزالة المنكرات، ثم يريدون أن يزيلوا المنكرات بالطريقة التي يريدوها هم لا بالطريقة الشرعية التي رسمها لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ووصفها لنا علماء الإسلام ووضعوا لنا كتباً في كيفية التعامل مع صاحب المنكر. وقال الشيخ العبيكان في حديثه لإذاعة "يو إف إم" السعودية إن هناك فرقاً بين ظهور المعصية وبين التجسس على الناس بالقبض على من فعلها، والله تعالى قال: "ولا تجسسوا" ولم يستثنِ أحداً، ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب". ويضيف: وفي الحديث أيضاً "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم"، فالشخص غير المتمرس في الإجرام، إنما شخص فعل معصية واختفى ينبغي الستر عليه قبل أن يصل إلى السلطان. وانتقد بشدة رجال الهيئة الذين يوقفون صاحب سيارة ليسألوه عمَّا يُثبت أن التي معه هي زوجته، واصفاً هذا الفعل ب"المتنافي جداً مع النصوص الشرعية". وتعتبر الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهازاً حكومياً مستقلاً يتبع رئاسة مجلس الوزراء السعودي، وتطلق عليها بعض وسائل الإعلام "الشرطة الدينية". وقد أشاد العبيكان في سياق حديثه بهذا الجهاز العظيم، وقال إن القادة في المملكة ما قاموا بإنشاء هذا الجهاز إلا امتثالاً لأمر الله وأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وحرصاً على تطبيق أحكام الشريعة في كل الأمور، ووصف الخلل في هذا الجهاز بأنه يشابه أي خلل في جهات حكومية أخرى، يجب علاجه. وبيّن أن الحل يكمن في الدورات التدريبية المكثفة قبل أن يقوم الشخص بالعمل الميداني، لتشرح له بالنصوص الشرعية كيف يتعامل مع المنكر، مشيراً إلى أن بعض الأفراد يلتحقون بالعمل الميداني قبل الالتحاق بالدورات. وحكا الشيخ العبيكان قائلاً: "كنت مرة في سوق، وجاء بعض المتحمسين ليناصح أحدهم وكان يرفع صوته، فقلت له يا أخي امسك الرجل فيما بينك وبينه وتكلم معه، أما أن ترفع صوتك وتحرجه بين الناس، هذا لا يُقبل منك ولا يُتقبل النصح بهذه الطريقة". مضيفاً: "إن نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقر بعض الممارسات". وأضاف: "كم مريد للخير لم يصبه، لذلك يجب أن نضع حدوداً قوية لكي لا يخرج هؤلاء عن الحدود الشرعية النظامية في العمل الميداني". واقترح الشيخ العبيكان في إطار حديثه عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يُلغى جهاز الهيئة، وتُنشأ مكانها "وزارة الحُسبة" توكل إليها مهام أخرى كجباية الزكاة ومراقبة الأسعار، مبرراً ذلك بأنه "ينبغي أن لا تسمى "الهيئة" بهذا الاسم، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يختص به أحد دون آخر، إذا يقول الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)، فالأمر منوط بكل مسلم بحسب الاستطاعة والقدرة والولاية، ولا يختص بجهاز أبداً". وشدد على أن لا تكون هذه الوزارة مقتصرة على تنبيه الناس للصلاة أو أن يجتهدوا ويلاحقوا بعض المجرمين، ويقول: "أريد أن يأخذوا على الأقل بعض الأعمال التي ذكرها أهل العلم، مثلاً مراقبة الأسواق، فهؤلاء الأعضاء عملهم ميداني". ويقول: "اسمهم طويل (الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).. اللوحة لا تحتمل، لكن يجب أن نقول: "هذا مُحتسب"، والجهاز يُسمى "حُسبة"، لأنك لو قلت "رجل هيئة" فالهيئات كثيرة". ويضيف: "الذي أقترحه أن تغير التسمية لتكون هي التسمية المعروفة في كتب أهل العلم، وأن يُجعل لهذا الجهاز وزارة تُسمَّى "وزارة الحسبة"، وإذا أردنا أن نجعلها وزارة حسبة، يجب أن يعاد النظر في نظامها، وأن توكل إليها صلاحيات ومهام منها جباية الزكاة، ومراقبة الأسعار". وأكَّد العبيكان أن تغيير المنكر باليد هو منوط ب"ذوي السلطان الذين أعطوا الولاية من ولي الأمر"، ذاكراً أن وصفهم ب"المحتسبين" أصح، لأنهم احتسبوا العمل، وكل مسلم يجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الاستطاعة. وحول مقترحه "وزارة الحسبة" أضاف العبيكان أنه يريد أن يشترك في وضع نظام "الحسبة" مع القانونيين، فقهاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يُدعم الجهاز بالموظفين من ذوي الكفاءات، حتى تقوم هذه الوزارة بأعمالها على المستوى المطلوب. ويقول: "الميدانيون رواتبهم ضعيفة، ومستواهم التعليمي ضعيف، وهنا المشكلة، لكن لو وُضِع أناس على مستوى من العلم، وأعطوا وظائف تليق بقيامهم بهذا العمل، سنتلافى هذه الأخطاء".