دعا عدد ممن يعلنون الانتماء للمذهب السلفي في الجزائر إلى إحياء الليلة التاسعة والعشرين من شهر رمضان؛ لأن ليلة القدر ستكون في تلك الليلة بالتأكيد، بعد أن ثبت فلكياً أن كوكب الزهرة سيظهر تلك الليلة مقترناً مع ظهور القمر. وربط هؤلاء ظهور هذا الكوكب في هذه الليلة المباركة بأنها علامة من علامات ليلة القدر، وانتشرت إشاعة ظهور ليلة القدر في هذا اليوم من الشهر الفضيل، حيث أصبحت حديث العام والخاص خلال الأيام الأخيرة، وأصبح الكل يترصد هذا اليوم حتى يدعو الله من أجل الاستجابة لدعائه، في وقت يسعى بعض ممن يدعون العلم بالدين لتهويل الأمور وتأكيد صحة هذه الإشاعة، بين المواطنين البسطاء الذين يرون في 29 من شهر رمضان الجاري فرصة لتحقيق كل الأماني. انتشار الإشاعة بين الناس وفي حديث نشرته صحيفة "النهار" الجزائرية مع بعض المواطنين الذين بلغتهم الإشاعة، (ا.م) قال إنه "سمع من بعض الأطراف حديثاً مفاده أن ليلة القدر ستكون يوم 29 رمضان وستظهر للعيان وبإمكانه رؤيتها، وأنه قام واستشار إماماً فقال له إن الأمر لا يعدو أن يكون كذبة لأن ليلة القدر لا ترى". ومن جهتها قالت (ح.ك)، وهي موظفة في مؤسسة خاصة، إن والدها نقل لهم الخبر من جماعة كان بينها، وإنه كان مصدقاً لما سمع غير أنه بعد التحري ثبت أن أشخاصاً يروّجون لهذه ''الكذبة'' لشغل الناس بها. وتعد هذه المرة الثانية من نوعها، والتي يقترن فيها كوكبان قبل أو خلال شهر رمضان خلال العقد الأخير، حيث حدث وأن ظهر قمر ثان مكتمل على هيئة البدر في السماء عام 2008، ولكن ذلك كان قبل استطلاع هلال رمضان بليلتين، وثبت أن الأمر يتعلق باقتراب كوكب المريخ من الأرض، ما يسهم في مشاهدته أكثر لمعاناً ووضوحاً. ومن جهه، أفاد رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك البروفيسور جمال ميموني، أنه وبتاريخ التاسع والعشرين من شهر رمضان الموافق ل29 أغسطس/آب وهو ليلة تحري هلال شوال، سيكون القمر وقت الرصد تحت الأفق، ويكون كوكب الزهرة فوق الأفق بثلاث درجات، أي أن الكوكبين سيظهران في وقت واحد، وقت غروب الشمس. وأضاف رئيس الجمعية أمس أن كوكب الزهرة سيكون أشد لمعاناً باعتبار هذا الأخير من أكثر الكواكب لمعاناً، حيث سيكون وبالتحديد في اتجاه غروب الشمس، وهذا ما يمنع - حسب البروفيسور - الهلال تحت الأفق في ذلك اليوم من الظهور، وبالتالي فإنه سيتم إكمال عدة شهر رمضان 30 يوماً بسبب عدم ثبوت رؤية الهلال. وبخصوص حدوث هذه الظاهرة وفي هذا الشهر الفضيل، قال ميموني إنها عادية تحدث مرتين في السنة، حيث تقترب الزهرة من القمر وقت غروب الشمس، كما تظهر في أيام أخرى في الصباح، فتكون مرة كوكباً صباحياً ومرة أخرى كوكباً مسائياً. خرافة لا أساس لها من الصحة أما الشيخ عبدالحميد بيرم المكلف بالجانب الفقهي بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فقال إن اعتبار ظهور الكوكب الجديد يوم 29 رمضان الجاري إلى جانب القمر علامة من علامات ليلة القدر خرافة ولا أساس لها من الصحة، ولا يوجد دليل شرعي يشير إلى ظهور علامة من هذا الشكل كدلالة على ليلة القدر. وأضاف الشيخ أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لما حدث الصحابة عن علامات ليلة القدر لم يذكر ظهور أي كوكب إلى جانب القمر، ولكن تحدث عن أشياء أخرى كما أنها تعتبر اجتهادات قام بها علماء. ولهذا فالقول إن ظهور هذا الكوكب الذي اكتشفه علم الفلك دليل على أن ليلة القدر ستكون في 29 رمضان أمر غير منطقي وفيه شيء من الخرافة لا تمت بصلة إلى الجانب الشرعي. وأوضح بيرم أن ليلة القدر لا ترى مسبقاً ولا يدركها إلا القائمون المجتهدون في الطاعة، لقوله (صلى الله عليه وسلم): ''التمسوها في العشر الأواخر''، وهي لا تلتمس بعلم الفلك أو تظهر في شكل كوكب يراه الناس كلما رفعوا بصرهم إلى السماء، وإنما تتجلى للقائمين في شهر الصيام واحتسبوا قيامهم لله عز وجل، كما أنه لم يرد في وصف النبي لها أنها كوكب يظهر إلى جانب القمر ليلة 29.