هايتش نيوبين كان في السابعة من عمره عندما تسلق لأول مرة الجبال بمنطقة دولبا العليا في شمال غربي نيبال مع أسرته بحثا عن فطر اليسروع الذي يطلق عليه يارساغومبا. ومثل سائر العشائر الأخرى بمنطقة دولبا، تخرج أسرة الصبي الذي يبلغ الآن 10 سنوات من العمر كل صيف بحثا عن الفطر الذي يستمد قيمته من كونه يحتوي على مواد يزعم في بعض البلاد أنها محفزة جنسيا. ويستخدم يارساغومبا في الطب البديل، ويعد سلعة ذات قيمة في منطقة دولبا الفقيرة حيث يتم تصديره منها إلى بلاد مثل الصين وهونغ كونغ وتايوان وكوريا الجنوبية وتايلاند. لذلك يبدأ المواطنون في دولبا رحلاتهم إلى الجبال الشاهقة في مطلع (مايو) من كل عام بحثا عن هذا النوع من الفطريات. وتصبح المكاتب الحكومية والمدارس مهجورة لفترة ثلاثة أشهر بدءا من (مايو) حيث يشد شخص على الأقل من كل أسرة الرحال إلى الجبال الشاهقة. ويقول نيوبين، الذي ظهرت تشققات على وجنتيه بسبب شدة الصقيع في المنطقة، وقد بدا عليه الحماس "سوف ألحق بوالدي مرة أخرى هذا الصيف". وأضاف الصبي أنه استخدم أداة حفر صغيرة لجمع 40 دودة خلال 15 يوما العام الماضي وأنه أنفق المال الذي جناه من بيعها على مصروفاته المدرسية والطعام. ويارساغومبا هو فطر طفيلي ينمو في رؤوس اليساريع التي تعيش تحت الأرض بمنطقة الهملايا. وتتغذى الفطريات على هذه الدودة حيث تقتلها وتنمو في رأسها ثم تنفجر في التربة مع بداية الصيف. ويعتقد أن هذه الدودة، التي يطلق عليها أيضا فياغرا الهملايا، تعالج العنة. كما أنها تستخدم في علاج العديد من الأمراض الأخرى بداية من الإرهاق وحتى السرطان. وقال شاندرا بهادور دانجي، الذي يعمل في جهاز الإيرادات الحكومية: "لقد جربته أحيانا وأنا عادة ما أتناوله مع الحليب أو العسل عندما أخوض امتحانا لأنهم يقولون إنها تمنح المرء المزيد من الطاقة". والقائمون على جمع هذه الديدان يبيعون الواحدة منها بسعر يتراوح بين 200 و500 روبية (70ر2 و 80ر6 دولار) وهو مبلغ ضخم في دولبا التي تعد واحدة من أفقر المناطق في نيبال. هذه المنطقة تقع على حافة هضبة التبت وعلى ارتفاع 3 آلاف متر. كما أن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يصنفها كواحدة من أسوأ المناطق في العالم على صعيد الأمن الغذائي بسبب صعوبة الوصول إليها وتضاريسها الوعرة التي تمثل عقبة لكنها لا تمثل عائقا أمام سكان دولبا في بحثهم عن فطريات اليساريع. الارتفاع الشاهق وانهيار الجبال الجليدية والامطار أحيانا ما يودي بحياة القائمين على جمع فطريات اليساريع. فقد لقي سبعة منهم حتفهم في عام 2009 أثناء كفاحهم المستميت من أجل جمع هذا الفطر، لكن مثل هذه الأخطار لم تمنع ازدهار هذه التجارة. ويأتي 50 في المئة من إجمالي تجارة اليارساغومبا في نيبال من دولبا. وفي عام 1996 حظرت الحكومة جمع هذا الفطر بدعوى أنها ترغب في تشجيع الحفاظ على التنوع الإحيائي، لكن هذا الحظر جرى رفعه في 2001 بعد طلب الناس المنخرطين في هذه التجارة حيث طلبوا من الحكومة تقنينها بدلا من ذلك. وبالفعل وافقت الحكومة على تقنين جمع الفطر مع فرض ضريبها قدرها 20 ألف روبية على كل كيلوغرام من اليارساغومبا يتم بيعه. ويعتمد الاقتصاد المحلي على اليارسغومبا حيث يقوم القائمون على جمعه ببيعه للتجار المحليين الذين يبيعونه بعد ذلك للمصدرين. ويقول هيم براساد أديكاري، وهو مسؤول زراعي حكومي، إن "الأمر يبدو وكأن الطبيعة الأم أشفقت على الناس هنا. فقد ساهمت تجارة اليارساغومبا في تعزيز الاقتصاد المحلي". ومع بداية شهر (مايو) يأخذ الناس بالمناطق القريبة في شد الرحال إلى دولبا كي يشاركون أيضا في الغنيمة، وهم يجلبون معهم الخيام والأغذية حيث يحولون الجبال إلى كرنفال موقت في حين يتنافسون معا من أجل جمع الفطريات. وتقول بينيتا جورونغ، التي تتولى إدارة وتأجير نزل صغير في دوناي: "نحن نرقص ونغني أثناء عسكرتنا في الجبال". وهي ذهبت إلى الجبال ثلاث مرات بحثا عن الديدان. وأضافت قائلة: "إنه طريق وعر للغاية والكثيرون يصيبهم الإعياء وغالبا يضطرون إلى العودة من حيث أتوا". وأردفت : "رغم كل ذلك أنا ذاهبة".