استفادت منطقة تبوك الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية من المقدرات التي حظيت بها، وجعلتها وجهة سياحية وتجارية مناسبة، ضمن عددٍ من المناطق المتميزة سياحياً واقتصادياً في المملكة. فموقعها الجغرافي منحها بعداً تاريخياً تظهر أثاره في أماكن متعددة منها، كالنقوش الحجرية، وكثير من المباني والقلاع والآبار التي يعود تاريخها لما قبل القرن السادس الميلادي. ففي الشمال الشرقي لمدينة تبوك يحتل موقع "كلوة الأثري" مكاناً بارزاً تسهل مشاهدته والتعرف عليه، بسبب تميز الأحجار المستخدمة في بنائه، العائد إلى العصور القديمة، ويلاحظ وجود رسومات صخرية اعتبرت الأكثر قدماً في المنطقة. وعلى بعد 115كيلو متراً جنوب غرب مدينة تبوك تقع " روافة " التي اكتشف فيها معبد يعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد حسب النقش المؤرخ، الذي عثر عليه مؤخراً في ذلك المكان وقد كتب عنها (سنت جون فيلبي) أي أرض الأنبياء، وهي عبارة عن حجارة مستطيلة يصل طولها لمترين حفر عليها بعض الكتابات المنتظمة. ويقع في الجهة الغربية الجنوبية لمدينة تبوك بحوالي 15 كيلو متراً موقع أثري يسمى" قصير التمرة " والمكون من حجرتين مبنيتين ومسقوفتين بالحجارة المدرجة وهو مطل على دروب متعددة من جهة الغرب. وعلى بعد 225 كيلو متراً شمال غرب مدينة تبوك تقع آثار "واحة البدع" ذلك الإرث التاريخي الذي تحتضنه محافظة البدع، التي تعد من أهم المعالم الأثرية وتضم 16 مقبرة تحتوي كل واحدة منها على عدد من اللحود المنحوتة في تكوين جبلي متوسط الارتفاع من الصخر الرملي، ويطرز بعضها زخارف قديمة مشابهة لواجهة المقابر النبطية الموجودة في"مدائن صالح"، وبها البئر التي استسقى منها موسى عليه السلام لسائمة شعيب. وفي محافظة "تيماء" التي تبعد عن مدينة تبوك 260 كيلو متراً باتجاه الشرق، ذات الآثار الغنية التي صنفها المؤرخون بأنها الأقدم على الإطلاق، ويبرز منها قصر "الرضم"، ذلك المبنى الضخم الذي يسمي أيضاً ب"الأبلق"، لأن في بنائه بياض وحمرة، وسمي " الفرد" لعدم وجود ما يماثله في زمانه، واشتهر بالمنعة والحصانة وارتبط بالمثل المنسوب إلى ملكة تدمر في القرن الثالث الميلادي التي قالت: " تمر مارد وعز الأبلق ", وتظهر بقايا القصر في موقعها بشكل مستطيل جيد البنيان. في الجهة الشمالية الغربية من "تيماء" يقع قصر "الحمراء" الذي يعود بناؤه إلى منتصف القرن السادس قبل الميلاد، المشيد من الحجارة على قمة مرتفع صخري بلون أحمر. ويظهر داخل سور "تيماء" موقع "البجيدي الأثري" البناء المشيد من الحجر على شكل قصر كبير له سور خارجي يتكون من وحدات سكنية وأربعة أبراج تقع في أركانه. ويشير بعض المؤرخين إلى أن "أصحاب الرس" الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، قد استوطنوا منطقة تسمى "الديسة"، التي تحتضن قرية أثرية بها واجهات مقابر نبطية منحوتة في الصخر وغير مكتملة، وبقايا جدران لمبان سكنية، إلى جانب الكثير من الكتابات النبطية والعربية المكتوبة ب" الخط الكوفي"، وفي ذات المنطقة "الديسة" بعض المواقع الأثرية الأخرى لبقايا مستوطنات سكنية مثل "المشرف" وموقع "السخنة" و"المسكونة". ولا تزال تبوك تتبوء مقعداً في هذا الصدد، عبر حيازتها نصيباً من الأحداث التي واكبت العصر الإسلامي منذ بدايته بغزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، التي قادها الرسول صلى الله عليه وسلم ضد الرومان، وصلى فيها بضعة عشر ليلة في مسجد "التوبة"، الواقع في وسط المدينة. تلا هذا الحدث التاريخي الكبير كمٌ كبير من المواقع والأحداث التي أكسبت منطقة تبوك أهمية في جميع الجوانب، فعلى سبيل المثال تبرز "قلعة تبوك" المبنية في العام 967ه، وجدد بناؤها العديد من المرات كان آخرها بواسطة هيئة الآثار والمتاحف "بوزارة المعارف " حين ذاك، وتحوي داخلها فناء به بئر وغرف نوم في الجهة الجنوبية والشمالية وبها مصلى بالدور الأول والثاني, وتحوي بركتين من برك طريق الحج الشامي. وتحتضن مدينة تبوك "محطة سكة حديد الحجاز" الواقعة بالقرب من الطريق الموصل إلى حالة عمار، وهي سكة حديدية بنيت في سنة 1906ميلادي، وبها قلعة أثرية كانت تستخدم لحماية الحجاج المسافرين عبر طريق الحج. وعلى بعد130كيلو متراً جنوب مدينة تبوك تقع قلعة"المَعظم" أكبر المحطات على درب الحجاج الشاميين, التي تعد من أهم آثار العصر الإسلامي. ولم تكتف منطقة تبوك ببعدها التاريخي لتكون وجهة سياحية، بل امتازت بجمال طبيعتها المتمثل في تنوع تضاريسها، لتزيد من فرص استقطاب السياح لها، فقد باتت بيئتها الصحراوية متنفساً وملاذاً مفضلاً للسكان، لاسيما وهي تأخذهم إلى السكون بعيداً عن ضجيج المدينة. فمن أشهر المواقع الصحراوية في منطقة تبوك "الديسة"، الذي يبعد عن مدينة تبوك باتجاه الجنوب الغربي 180كيلو متراً، وتعد واجهة سياحية فريدة، بواحتها الصحراوية ذات التكوينات الصخرية الغريبة، وتتميز بكثافة أشجارها وتنوعها بالنباتات العشبية البرية مثل "النعناع" و" النفلة "، كما تنتشر بها أشجار" البردي"، وتحيط بها الجبال. ومن المواقع البرية المهمة بالمنطقة هضبة جبل " قراقر" الواقع على بعد 180كيلو متراً جنوب مدينة تبوك, بجوار منطقة "الديسة" ,ويشكل محمية طبيعية تحتوي على أجمل المواقع من الرمل الحجري تقطعها أجراف عميقة،وشبكة من خوانق الأودية ذات الجداول المائية دائمة الجريان, وتنتشر على أطرافها شجيرات "الدفلي" التي حمتها طبيعة المنطقة الوعرة منتجة بذلك بيئة خصبة لتكاثر حيوان"الوعل"، وهو أكبر المواقع التي تشهد تجمع "الوعول" على مستوى المملكة. أما وادي"الشق" ذلك المقصد الذي فرض نفسه على خارطة المواقع السياحية كأحد النماذج الفريدة للتضاريس التي تمتلكها منطقة تبوك, ويبعد عن مدينة تبوك باتجاه الغرب 60 كيلو متراً, مشكلاً انحداراً ملازماً لأرضٍ منبسطة, كونت له بفعل السيول الجارية حافات جبلية حادة ميزته بإطلالة خلابة, فتجمع المياه فيه من وادي "الخنبرة" وجبال "حسمى" أسهمت في انخفاضه عن مستوى الأرض بدرجة أعمق من الأودية الأخرى بالمملكة. ومن المواقع المهمة في المنطقة حرة "عويرض"وهي منطقة مختلفة التضاريس، تقع جنوب مدينة تبوك ب120 كيلو متراً،وتصل إلى المدينةالمنورة غرب مدائن صالح، وفيها تنشط الحياة الفطرية التي تضم الوعول والغزلان. ومن أكبر الأودية بالمنطقة يبرز وادي "ضم" الذي يبعد عن تبوك 80 كيلو متراً, وتجتمع به أغلب أودية منطقة تسمى "حسمى"، ويصل امتداده إلى منطقة وادي "رم" في الأراضي الأردنية, وتحيط به سلسلة جبلية تتميز بتكويناتها وأشكالها، ويعد من أجمل الأودية بالمنطقة, عطفاً على ما تمتاز به تلاله الرملية شديدة الاحمرار، التي تحيط بها مناطق رملية ذات ألوان متدرجة. وأما بالنسبة لجبل "اللوز" المشهور في المنطقة بتساقط الثلوج عليه في الشتاء، المستمدة تسميته من أشجار اللوز البرية التي تنمو في جهته الشرقية، والواقع على بعد 200 كيلو متراً غرب مدينة تبوك, فيعد من أعلى السلاسل الجبلية بالمنطقة, وأشهرها، إذ يبلغ ارتفاعه نحو 2400 متراً فوق سطح البحر, ويتميز بتكويناته الصخرية متعددة الألوان, ويحوي عيناً مائية وأراضٍ مزروعة بنبات" الحبق" و"النعناع "، وتنتشر به كتابات ورسومات ونقوش أثرية وأطلال لمستوطناتٍ يرجع تاريخها إلى ما قبل الإسلام. وإلى وسط الشمال تقع محمية "الخنفة" التي تمتد إلى منطقة الجوف, المتميزة بارتفاعها الشاهق إلى جانب التلال والوديان والهضاب, وتنمو في المحمية أصناف مختلفة من النباتات . وتعد محمية "الطبيق" من المناطق القليلة في المملكة التي لا تزال تقطنها حيوانات الوعول والغزلان والذئاب والأرانب البرية وأعداد كبيرة من فصائل الطيور. وفي شمال محافظة "ضباء" تقع منطقة جبل "الدبغ", التي تعرضت ملامح منحدراتها السفلية للتغيير بسبب عوامل التعرية، بينما لا تزال المنحدرات العليا فيها محتفظة بطبيعتها الأصلية, وتعيش فيها حيوانات الوعل والوشق. بحرياً كان لتبوك تميز يضاهي تميزها صحراوياً، فشواطئ الشريط الساحلي بها تحظى بخصوصية مميزة لجذب السياح، بدءاً بمدينة حقل، ومرورا بمحافظتي ضباء والوجه, وانتهاءً بالحد الإقليمي لمحافظة أملج جنوب مدينة تبوك. ففي محافظة حقل يوجد شاطئ "البئر الماشي"، على شكل هلالي يحده من الشمال لسان صغير يضيق باتجاه الجنوب لاقتراب الجبال من البحر, وتتألف أرضه من تربة خشنة من الرمال والحصى ومياه متدرجة الأعماق. ويبرز شاطئ "السلطانية" بين شواطئ المنطقة، لاسيما بشكله الهلالي، وإمكانية ممارسة السباحة فيه، لصفاء مائه ونقائها، وتدرج عمق المياه به حتى مسافة 15 مترًا. وفي الجنوب من محافظة حقل يقع شاطئ "الشريح" وشاطئ "جزيرة الوصل"، وهما من المواقع السياحية البكر بالمدينة، ويتميزان بطبيعتهما الجميلة وأرضهما المستوية ويمكن ممارسة السباحة والرياضيات المائية المختلفة بهما، تزيدهما مجموعة من الشعاب المرجانية جمالاً، مما يجعلهما موقعين مثاليين لممارسة رياضة الغوص. وفي ذات المحافظة يقع شاطئ "أم عنم"، ويعد المقصد الدائم للسياح، كونه من أقدم المتنزهات التي أقيمت على شواطئها, ويمتاز بزراعة أعداد كثيرة من النخيل وتوزيع المساحات المفتوحة عبر إنشاء ملاعب خاصة للأطفال ومظلات على امتداد الشاطئ وبعض المجسمات الجمالية، ويلقى هذا المتنزه إقبالا شديداً من المتنزهين ومحبي رياضة الغوص . ويعد شاطئ ممر "الطيب اسم" الذي يشكل ممراً ضيقاً يخترق الجبال، وبه عين تجري على مدار العام يتميز بشاطئه الرملي الجميل,وتنتشر فيه أشجار النخيل, يمكن لزواره الاستمتاع بممارسة الرياضات البحرية وتسلق الجبال. أما شاطئ " مقنا " فهو شاطئ بكر يتميز بجمال خلجانه والتدريجات اللونية للتشكيلات الرملية, وبتنوع بيئته البحرية، وتنتشر به أشجار نخيل" الدوم "ويتميز بتدرج تشكيلاته من الحصى والرمال بشكل متعاقب، كما يتميز بصفاء مائه وهو ملائم للتنزه والتخييم. بينما يتميز شاطئ "رأس الشيخ حميد"بوقوعه بمنطقة مهمة على المستويين المحلي والإقليمي، حيث تقابله مباشرة باتجاه الغرب منطقة شرم الشيخ المصرية, ويزدان بطبيعته وجمال منظره, وهو عبارة عن لسان صخري يمتد في البحر، وبجواره خليج كبير مناسب للسباحة وممارسة الرياضات البحرية لصفاء مياهه ونقاوتها. وفي محافظة "ضباء" يوجد عدد من الشطآن مثل شاطئ "شرما" الرملي على شكل هلال، تنتشر فيه أشجار نخيل الدوم، ويتميز بضئآلة مياهه، ما يجعلها مناسبة للسباحة، وشاطئ "الخريبة" ذو المياه الصافية والتنوع في بيئته البحرية, وبه مرسى للصيادين. وفي محافظة "الوجه" يوجد عدد كبير من الشواطئ الجميلة التي تجذب الزائرين, من أهمها شاطئ "الدميغة"، و"حواز"، و"حويز" و"عنتر" و"الهرابة" و"الحشرة" ، وتعد من أجمل الشواطئ بالمنطقة,وتتبوأ مساحة كبيرة من محافظة الوجه، وتتميز بتنوع بيئتها الطبيعية، وتدرج أعماقها، وتنتشر النخيل في بعضٍ منها. أما الشواطئ في محافظة أملج فهي متعددة ومنها شاطئ "الدقم" المتميز بكثرة أشجار النخيل, وشاطئ "الحرة" ذو الأرض الصخرية التي تمتد حتى قاع البحر, وتنتشر فيه الشعاب المرجانية أحد عوامل الجذب إليه لممارسة رياضة الغوص، وشاطئ "الشعبان" الذي يقع جنوب محافظة أملج، ويضم رأساً يمتد داخل البحر مشكلا شاطئا هلالي الشكل, وشاطئ "الحسي" أحد أبرز المواقع الصالحة للممارسة الغوص، حيث يشهد إقبالاً كبيراً من هواة رياضة الغوص، لاسيما في فصل الصيف. كما وتزخر منطقة تبوك في إطار تنوع تضاريسه واختلاف بيتها بعشرات الجزر البحرية المنتظمة داخل البحر الأحمر، مثل جزيرة " النعمان " الواقعة غرب محافظة ضباء، التي تتألف من قمة جبل تمتد سفوحه وقاعدته تحت الماء,وتتميز بارتفاعها عن سطح البحر وتنوع بيئتها البحرية التي تشمل العديد من التلال والصخور متميزة الأشكال. وجزيرة "أم قصور" التي تقع بالقرب من شاطئ "شرما"، التي تعد من أكبر جزر تبوك، وتتنوع بيئتها البحرية المحيطة بها، ويميزها ارتفاعها عن سطح البحر بصورة كبيرة مما يبعدها عن تيارات المد والجزر وهي ملائمة لإقامة المنتجعات السياحية البحرية وممارسة النشاطات البحرية المتنوعة. وجزيرة "ريخة" التابعة لمحافظة الوجه التي تتميز باتساعها وتنوع طبيعتها، وجمعها للجبال والشواطئ الرملية. وجزيرة جبل"حسان" أكبر جزر منطقة تبوك ذات التضاريس الجبلية، وتتميز بتنوع بيئتها البحرية والجبلية ويمكن الاستفادة من شواطئها بالنشاطات البحرية، كما يمكن مشاهدة الطيور المهاجرة إليها بكثرة. وتشارك مجموعة جزر" الثقباء" التابعة لمحافظة أملج، طبيعة تبوك بتميزها وتتدرج ألوان التكوينات الرملية فيها، و فيها من أجمل الشواطئ بالمنطقة وتزدان بانتشار الشعب المرجانية التي يمكن رؤيتها بوضوح بسبب نقاء المياه وصفائها، وتتميز أيضاً بارتفاعها عن سطح البحر مما يجعلها بعيدة عن تيارات المد والجزر.