تتناوب منطقة الباحة في زراعة محاصيلها كلٌ حسب موسمه , ففي هذه الأيام بدأ المزارعون بحرث أراضيهم ونثر بذور " الدخن " تزامناً مع بزوغ نجم سهيل اليماني الذي دلف متلألئاً إلى الأفق الجنوبي. وتعد حبوب " الدخن " من أفضل وأجود أنواع المحاصيل الزراعية بالمنطقة وأغلاها ثمناً نظراً لغناها بالكثير من العناصر الغذائية التي يفضلها معظم أفراد العائلة وكبار السن على وجه الخصوص , حيث تكمن فوائد " الدخن " الصحية في احتوائه على نحو 10 في المئة من وزنه بروتين وقرابة الأربعة بالمئة دهن, علاوة على العديد العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن . وتتعدد استخدامات حبوب " الدخن " الدوائية , حيث أكدت الدراسات العلمية أن حبوب الدخن تعمل على خفض السكر بالجسم لاحتوائها على مواد نشوية وبروتينية وفيتامينات وكويريستين وزيت ثابت , كما تعد مادة عاقلة للبطن أي مضادة للإسهال ، وقاطعة للقي , وتستخدم أيضاً لمن يعانون من احتباس البول , ولمرضى التهاب القولون وقروح المعدة . وتتنوع محاصيل " الدخن " الذي يصل طول سيقانه بعد نضجه من 30 إلى 120 سم، ما بين البلدي ذو الحبة الصغيرة الذي يزرع عادة في جبل شدا الأسفل ، وفي وادي لومة إلى الغرب , وعلى ضفاف وادي الأحسبة غرب محافظة المخواة , فضلاً عما يُزرع في قرى هوران ومنجل التابعة لمحافظة المخواة الذي يعد الأجود والأغلى في المنطقة , فيما يختلف النوع الثاني بطول سنابله وبحبته الكبيرة التي تحمل اللون الأصفر , حيث يزرع عادة في الجزء المحاذي للبحر الأحمر وهو أقل جودة وسعراً . وتتطلب زراعة " الدخن " كمية كبيرة من المياه , الأمر الذي لم يغفل عنه المزارعون حيث عمدوا لزراعته من خلال المدرجات الزراعية التي تعمل على الحد من الإنسيال السطحي لمياه المطر والري , كما يتطلب حصاده جهداً كبيرا ًوفريقاً ليس بالقليل في موسمه الخريفي , ولذلك يعزا ارتفاع قيمة "مد " الدخن الذي يتراوح من 80 إلى 100 ريال . ويشهد بيع محصول " الدخن " تبايناً في الأسواق , حيث يزداد الطلب عليه في شهر رمضان المبارك وفي مواسم الأعياد التي يفضل فيها السكان الأكلات الشعبية المصنوعة من طحين " الدخن " , ومنها على سبيل المثال " الثريد " الذي يُصنع بإضافة الحليب إلى قرصان الدخن وهرسها معاً لتكون أكلة لذيذة في شهر رمضان يفضلها البعض بإضافة السكر لمنحه طعماً حلواً . ويدخل" الدخن " في صناعة الخبز والقرصان والمسيلات كما يسميها البعض في تهامة المنطقة وخاصة في المخواة , إلى جانب صناعة الكيك والمعجنات , وكذا في عملية تحضير وطهي السمن البلدي لإعطائه النكهة المطلوبة .