في رحلة هروبها من الموت الى الحياة بين الحدود السورية الأردنية أبت اللاجئة السورية الشابة "أمل" ذات ال18 عاماً أن تدخل إلى الأردن دون طائر الببغاء الذي أحضرته معها من مخيم اليرموك في دمشق، حيث عاشت برفقته 15 عاماً قبل أن يخيم شبح الحرب على سوريا، بحسب ما شرحت ل"زمان الوصل". دخل هذا الطائر الذكي الثرثار التاريخ من أوسع أبوابه أيضاً باعتباره أول طائر يلجأ خلال الثورة السورية، وربما يكون أول طائر يلجأ في تاريخ الصراعات البشرية، وفي هذا السياق يتساءل الصحفي الأردني "محمد فضيلات" عن معنى أن تحمل لاجئة شابة هذا الطائر وهي تهرب بحثاً عن الحياة بعدما ثارت بلادها بحثاً عن الحرية، هذه الحالة تثير- كما يقول - سخرية من نوع ما فما معنى الحياة داخل القفص وما معنى أنها تطالب بالحرية وتسلبها من هذا الببغاء، ما يهمني، أين سينتهي الحال بالطير اللاجئ، هل ستخصص له خيمة في الزعتري، وهل سيسجل على قوائم مفوضية الأممالمتحدة للاجئين وهل ستتوفر له كميات مناسبة من بزر عباد الشمس، وهل، وهل، ولماذا؟ أنا والببغاء أو أعود ! لم تفلح جهود قائد إحدى السرايا العسكرية التابعة لقوات حرس الحدود في إقناع أمل بالدخول وترك الببغاء في عهدة القوات المسلحة لإخضاعه لفحص بيطري قبل السماح بدخوله، بل أصرت على موقفها في اصطحابه "أنا والببغاء أو أعود!". وقد استطاعت امل ان تدخل مع ببغائها رغم أن قوانين الأردن تمنع إدخال الحيوانات أو الطيور دون شهادة صحية لها مصدقة من وزارة الزراعة. قصة أمل، التي اختارت هذا الأسم عوضاً عن استخدام اسمها الحقيقي، تختزل في بساطتها وإنسانيتها ألم وأمل السوريين الفارين من شبح الموت بعد أن تدهورت الأحوال الأمنية في بلدهم منذ نحو عامين ورغم ذلك يتشبثون برغبة الحياة والاهتمام بتفاصيل الحياة اليومية ومفرداتها الجميلة. تقول أمل: فررت مع أسرتي من قرية الغارية الشرقية في محافظة درعا إلى مخيم اليرموك ولكن الاشتباكات التي شهدها المخيم في الفترة الاخيرة اضطرتنا للهروب الى الأردن بحثاً عن الأمن والأمان. وحول سبب اصطحابها للببغاء واختيارها له من بين المقتنيات الشخصية الأخرى تقول أمل:اشترى أبي هذه الببغاء من أحد أسواق الطيور في درعا منذ أكثر من 15 عاماً وعاش هذا الطائر معنا كفرد من أفراد الأسرة ولذلك حين بدأ القصف على المنطقة التي نسكنها لم أجد امامي إلا أن أحمل قفصه وآتي به إلى هنا لأنه ارتبط معنا بذكريات جميلة لاتنسى. ببغاء ثوري وعن كيفية السماح لها بإدخال الببغاء تقول أمل: لقد واجهت صعوبة في إدخال الببغاء عبر الحدود لأن القانون الأردني يمنع إدخال الحيوانات والطيور قبل إجراء الفحوصات البيطرية لها للتأكد من خلوها من الأمراض المعدية، ولكن أفراد حرس الحدود أدركوا المخاطر التي عشتها مع عائلتي للوصول إلى الأردن وأدركوا المخاطر التي تتضاعف في حال عودتي لأنني قلت لهم إما أن أدخل مع الببغاء او نعود معاً، ومن منطلق واجبهم وحسهم الإنساني سمحوا لي بإدخال الببغاء معي على أن أتعهد بتقديمه للفحص البيطري عند وصولي إلى مخيم الزعتري. جدير بالذكرأن طائر الببغاء دخل مؤخرا في قاموس الثورة السورية عندما تهافت عدد كبير من رواد موقع اليوتيوب على مشاهدة فيديو لببغاء سوري من مدينة حمص يردد شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". وهكذا، فطن الشعب السوري إلى أن مواجهة الأسد لا يمكن إلا أن تكون من فم ببغاء ثوري خرج عن صمته الأزلي وواجه الأسد رافضاً حكمه المتسلط.