تساءل الكاتب الكويتي المتخصص بالنفط كامل عبدالله الحرمي عن مبررات نشر بنك سيتي جروب الشهير لخبر يشير إلى أن السعودية ستكون دولة مستوردة للنفط بعد ثمانية عشر عاما تقريبا وكتب الحرمي نقلا عن صحيفة الآن الكويتية أن التقرير جرس انذار مستقبلي يجب أن يؤخذ بعناية شديدة وقال ( نقلا عن تقرير صدر الأسبوع الماضي من 'سيتي جروب' الأمريكية بأن المملكة العربية السعودية ستكون دولة مستوردة للنفط بعد 18 عاما من الآن، ولا نعرف سبب نشر هذا التقرير من هذا البنك والذي يمتلك فيه الأمير وليد بن طلال نسبة مؤثرة، ومدى مصداقية هذا التقرير الصادر من هذا البنك الأمريكي العريق. من المعلوم بأن المملكة العربية وبقية دول النفطية الخليجية تستورد كميات كبيرة من المنتجات و المشتقات النفطية والغاز الطبيعي في فترة الصيف لإنتاج الكهرباء والماء، حيث يتراوح معدل نمو الطلب المحلي على الطاقة مابين 6 إلى 8% سنويا وهو الأعلى عالميا. و سنستمر بالاعتماد على الاستيراد الخارجي من المشتقات النفطية مهما بنينا من مصاف جديدة، حيث أن معدل الاستهلاك عالي جدا، وفي سباق نحو شراء المزيد من المولدات الكهربائية . يتراوح معدل استهلاك دولنا النفطية من النفط المكافئ من زيوت الوقود والديزل و الغاز مابين 25 إلى 30 % من اجمالي انتاجنا من النفط الخام . وتستهلك السعودية حاليا حوالي 3 ملايين برميل من اجمالي انتاجها من النفط الخام في فترة الصيف ومعدل استهلاك الفرد من النفط في المملكة يبلغ حوالي 40 برميل في السنة وهو 4 أضعاف معدل استهلاك المواطن الأمريكي و 8 أضعاف المواطن الياباني . ولم يشر تقرير ' سيتي جروب ' إلى معدل استهلاك المملكة من النفط الا انه في حدود 3 ملايين برميل في فترات الذروة في الصيف، ومع احتساب نسبة النمو السنوي والبالغ 8% يعني أن الزياد ة السنوية ستكون في حدود ال 240 الف برميل عند معدل ال 3ملايين أو مايعادل 400 ر2 مليون خلال 10 سنوات وهذا يساوي 5 ملايين برميل في خلال 10 سنوات ومايعادل اجمالي 8 ملايين استهلاك يومي مع حلول 2030 . فعلا ستكون المملكة العربية السعودية دولة مستهلكة للنفط بصورة مستمرة اذا ما افترضنا ان المعدل إنتاج المملكة من النفط الخام سيتوقف عند 9 ملايين أو 10 ملايين برميل في اليوم. هذا و إن افترضنا أيضا أن السعودية لن تكتشف او تبحث عن حقول جديدة للغاز الطبيعي ليحل محل النفط لتوليد الكهرباء و الماء، أو أن المملكة لن تتوجه نحو الطاقات البديلة مثل الإعتماد على الطاقة النووية إذا مادعت الحاجة الملحة. يتراوح سعر الكهرباء والمشتقات النفطية في المملكة العربية السعودية والدول النفطية الخليجية مابين 10 الى 12 سنتا أمريكيا، وهو الأدنى مقارنة مع بقية دول العالم حيث يترواح مابين 3 الى 6 دولارات للتر الواحد من المنتج النفطى أو الغاز الطبيعي. ولتقنيين الاستهلاك لا بد من زيادة أسعار المحروقات لتخفيض معدل الاستهلاك لكن هذا من المستحيل تطبيقه في دولنا العربية، وأفضل مثال هو إقالة الحكومة أو في الغاء قرار الزيادة وفي اقل من 38 ساعة مثلما ما حدث في الأردن . الزيادة مطلوبة وضرورية في رفع أسعار المحروقات وقد تستغرق بعض الوقت لكن هناك دورا مهما على الشركات النفطية الوطنية وشركات الكهرباء بتوعية المواطن بعدم الاسراف والمحافظة على الطاقة، لكن في النهاية يجب من رفع أسعار المحروقات ان اردنا ان نحد من معدلات الاستهلاك وعلى دفعات، والعمل بحصة الشرائح . لكن هل ستكون السعودية غير قادرة على تصدير النفط والمشتقات النفطية خلال ال18 سنة القادمة، نحن نشك في هذا حيث لم يتطرق التقرير في نفس الوقت إلى الاحتياطي الوفير من النفط الخام، ولم يتطرق كذلك إلى تركيز المملكة على البحث والتنقيب والكشف عن الغاز الطبيعي بحيث يكون المصدر الأكبر في توليد الكهرباء و الماء مستقبلا، وقد يكون التقرير عبارة عن ' جرس إنذار ' لنا جميعا وبهذا يكون قد أدى غرضه.