في إطار نشره آلاف الرسائل الإلكترونية السورية الرسمية التي حصل عليها ، والذي بدأ قبل يومين تحت اسم "ملفات سوريا"، نشر موقع "ويكيليكس" مراسلات جديدة بين المدعو فارس كلاس، أحد مساعدي أسماء الأسد، وشركة علاقات عامة أميركية تدعى Brown Lloyd James وتتخذ من نيويورك مقرا لها. وتظهر إحدى هذه الرسائل ، التي يعود تاريخها إلى 19 أيار / مايو من العام الماضي، أي بعد انفجار الأزمة الوطنية في سوريا بشهرين، العقلية الرخيصة والمنحطة التي يلجأ إليها النظام للانتصار على انتفاضة شعبية ولحل أزمة وطنية لا سابق لها منذ الاستقلال، أي من خلال الحصول على نصائح شركة علاقات عامة ، كما لو أن الأمر يتعلق بالترويج لصنف جديد من السردين أو السمنة أو الأحذية. الرسالة مرسلة من الشركة المذكورة إلى المدعو فارس كلاس الذي يحولها من جهته إلى رئاسة الجمهورية، والتي تحولها من جهتها إلى منصور عزام ، وزير شؤون رئاسة الجمهورية. وهي تقدم قراءة للوضع السوري، بطلب من أعلى هرم السلطة، تقول فيها "يتضح من تصريحات الحكومة الأميركية ، منذ بدء التظاهرات العامة في سوريا، أن إدارة أوباما تريد للقيادة في سوريا أن تستمر. وبخلاف تعاملها مع التظاهرات في بعض الدول الأخرى، ليس هناك أية مطالب اميركية بتغيير النظام في سوريا أو دعوات للتدخل العسكري. كما أن النقد (الأميركي للنظام) كان خفيفاً نسبياً، والعقوبات موجهة كنوع من التحذير أكثر من كونها أداة لإيذاء القيادة، كونها لم تكن موجهة مباشرة إلى الرئيس الأسد". غير أن الشركة لا تلبث أن تعود وتشير إلى "تحول" في لهجة الإدارة الأميركية ، وهو ما " قد يجعل من إعادة تقويم الموقف من سوريا أمراً لا بد منه". وتلفت الرسالة إلى أن الإعلام الأميركي بدأ يزيد من اهتمامه بالوضع في سوريا، ويزيد من تغطيته له، الأمر الذي يؤكد أيضاً حصول "التحول" في الموقف الرسمي. الأميركي بعد ذلك تنتقل الشركة ، من خلال الرسالة، إلى تقويم الأداء السوري في "التواصل السياسي" مع الرأي العام والشارع السوري، والرأي العام الخارجي . والمدهش( لكن غير المستغرب) أن الشركة تنصح السلطة بممارسة القمع! فهي تقول"بينما تبدو القوة الخشنة ضرورية لإنهاء التمرد( كان ذلك في أيار / مايو 2011!)، تبقى القوة الناعمة ضرورية لطمأنة الشعب السوري والأطراف الخارجية بأن الإصلاح يأخذ مجراه". وتضيف الشركة في رسالتها القول "من جهة التواصل، لا يبدو أن أحدا في القيادة (السورية) لديه أجندة للإصلاح. وبعيداً عن إعادة تشكيل الحكومة وخطابي الرئيس الدراماتيكيين، فقد جرى وضع الإصلاح (من قبل النظام) في المقعد الخلفي وراء الأزمة السياسية المباشرة، التي تسيطر على العناوين ونظرة الرأي العام للأحداث". أما بشأن التوصيات التي تقترحها الشركة على السلطة في دمشق، فإنها تصور النظام على وجوب أن يكون له "يدان ، واحدة تقدم الإصلاحات وهي يد مفتوحة، وأخرى تقدم حكم القانون وهي قبضة". وتوضح بالقول "حالياً تبدو القبضة بالنسبة للعالم الخارجي، وعلى الأرجح لكثير من السوريين، أكبر 10 مرات من الكف المبسوطة. ويجب أن يكون هناك موازنة بين اليدين". ولذلك فإن الشركة تنصح بشار الأسد بأن"يتواصل (مع الناس) بوتيرة أكبر وبرسائل أكثر ملائمة، وعلى السيدة الأولى أن تدخل اللعبة"!!. كما توصي الشركة بإطلاق "حملة عامة ومرئية، حتى مع استمرار الأزمة، للتواصل مع السوريين العاديين حول الإصلاح. وهو ما من شأنه أن يبقى تركيز الناس موجها نحو المستقبل". ثم توصي الشركة رأس السلطة بأن يقوم "باستعراض علني جداً لجهة معاقبة أو طرد أو إدانة جنود انتهكوا الاوامر باستخدام العنف ضد المدنيين العزل". ولمواجهة "التقارير الإعلامية السلبية" ، تقترح الشركة إنشاء "نظام مراقبة واستجابة يعمل 24 ساعة على 24، ويشمل فروعا في أميركا وبريطانيا"، و"مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، و مواجهة المواقع المزيفة وإزالتها"، وب"جهود دائمة لإعطاء صورة عادية عن الوضع الحالي في سوريا، لمواجهة الأخبار الحالية التي تصور سوريا على أنها على شفير الهاوية". ويبدو أن هذا ما يفسر تفريخ مئات أو آلاف مواقع التواصل التي أنشأتها المخابرات العامة السورية مثل " شبكة أخبار الشام الموالية"و " شبكة أخبار حمص" و" شبكة أخبار حلب" ... إلخ ، فضلا عن "الجيش السوري الإلكتروني" الذي أخذ على عاتقه تخريب المواقع المناهضة، والذي كان من نصيب "الحقيقة" ضربة كبيرة منه في أيلول / سبتمبر الماضي أخرجته بضعة أشهر عن الشبكة. أخيرا، وبحسب المراسلات، يستفاد أن شركة" براون لويد جيمس" حصلت على 5 آلاف دولار شهرياً مقابل ما كانت تقوم به، من حملة إعلامية لصالح أسماء الأسد، وذلك وفقاً لسجلات مراقبة التعاملات مع أطراف أجنبية من داخل الولاياتالمتحدة. يشار إلى أن جيمس مايك هولتزمان ، الشريك الأكبر في شركة العلاقات العامة المذكورة، وهذه معلومات خاصة ب"الحقيقة"، أميركي إسرائيلي مزدوج الجنسية. أما الشركة ، وبالإضافة إلى مقرها في نيويورك، فقد أنشأت فروعا لها في لندن والعاصمة القطرية ، وفراكفورت ، وروما ، وباريس، وغيرها. والجدير بالانتباه أن سجل تعاملاتها يظهر أنها قامت بحملة علاقات عامة لنظام القذافي ، ونظام الغابون في أفريقيا، والفاسد طوني بلير رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، و"الجزيرة الإنكليزية" وعصابات "مجاهدي خلق" الإيرانية التي عملت كذراع مسلح لنظام صدام حسين سابقا والمخابرات المركزية لاحقا. كما أنها قامت بحملة علاقات عامة لتمكين إمارة قطر الشخبوطية من استضافة كأس العالم في العام 2022 . أي باختصار : إنها شركة متخصصة بالترويح لمرتديلا فاسدة مصنوعة من لحم الحمير وجثث الفطائس!