كشف أحمد الحميدان وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية أن الوزارة بدأت فعليا في خطوات تنفيذية نحو الاستغناء عن "نظام الكفيل" في السعودية، كاستبدال بعض المصطلحات المرتبطة بنظام الكفيل، منها تغيير مسمى اللائحة الخاصة ب"نقل الكفالة" إلى لائحة "نقل الخدمات"، وكذلك منح الوافدين حرية التنقل، وعدم احتجاز الوثائق، وذلك في مؤشر على أن وزارة العمل استبدلت الكثير من قوانين نظام الكفالة بتنظيمات جديدة تنظم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد في المملكة. وبين الحميدان خلال مشاركته في ندوة عقدتها "صحيفة الاقتصادية" أمس الأول حول (المنشآت الصحية في القطاع الخاص بين الدور التنموي والمعوقات)، تنشر لاحقا، أن الوزارة لم تعد تعترف بنظام الكفالة في أدبياتها العملية، وقال: "نحن لا نعترف بشيء اسمه كفالة"، مشيرا إلى أنه في حال مراجعة كل أنظمة وزارة العمل اليوم لا يمكن أن تجد ما يشير إلى نظام الكفالة. وقال وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية ل"الاقتصادية" لقد قامت الوزارة بإلغاء كل القيود التي كان يمارسها صاحب العمل على العامل الوافد بدءا من حرية التنقل، والاحتفاظ بالجواز، وانتهاء بحرية نقل خدماته من جهة أو شخص إلى آخر، ما يعني أنه لا يوجد اليوم أي التزامات باستتناء أن هناك صاحب عمل وعاملا. وبين الحميدان أنه إذا كان المقصود بإلغاء نظام الكفيل، أن يتم تحرير سوق العمل في السعودية بحيث يأتي الأجنبي من الخارج ويقوم بالبحث عن عمل في الداخل، فإن هذا لن يحدث وغير منطقي، وليس موجودا في أكثر أسواق العمل تنظيما في العالم كالسوق الأمريكية مثلا. وزاد "أود التأكيد أن ما نسعى إليه الآن هو ضمان حقوق العامل كاملة، دون الإضرار بصاحب العمل، وهو ما تحقق من خلال إلغاء الكثير من القيود التي ذكرناها سابقا..". وتأتي تصريحات الحميدان بعد أن ذكرت تقارير صحفية في آذار ( مارس) الماضي، أن وزارة العمل أنهت دراسة لائحة شركات الاستقدام التي يتوقع أن تكون بديلاً لنظام الكفالة الفردي، وينتظر أن تعرض على مجلس الوزراء للموافقة النهائية قبل نهاية عام 2012. وأوصت الدراسة بإنشاء هيئة حكومية ذات شخصية اعتبارية تتبع ل"العمل" هدفها الإشراف على أوضاع العمالة الوافدة وإلغاء أي دور للكفيل التقليدي، مقترحة أن يسمى هذا الجهاز ب"هيئة شؤون العمالة الوافدة" وأن يكون مقرها الرياض ولها فروع في المناطق، وطالبت الدراسة ب"منع احتجاز جواز سفر العامل، وإلغاء موافقة الكفيل على استقدام العامل لأسرته أو طلب التصريح له بالحج أو الزواج أو زيارة أحد أقاربه في منطقة أخرى داخل السعودية، وكذلك إلغاء أي مسؤولية شخصية للكفيل بسبب تصرفات العامل الوافد خارج إطار العمل". واقترحت الدراسة حلولا تضمن حقوق العامل وصاحب العمل، منها استحداث وثيقة تأمين إلزامية لضمان الحقوق المالية للعامل وصاحب العمل كوسيلة فاعلة لإنهاء دوافع أحكام الكفالة وإزالة مسبباتها ومبرراتها، بهدف تغطية مسؤولية العامل الوافد في حال تسبب في أضرار تصيب صاحب العمل أو غيره. يشكل حجم العمالة الوافدة في السعودية وفق آخر الإحصائيات نحو 9 ملايين وافد، وفي الصورة يظهر عدد من الأجانب العاملين في أحد المشاريع الحكومية. ووفق اقتصاديين فإن اتجاه السعودية نحو التعامل بجدية مع نظام الكفيل، الذي أبدت الكثير من المؤسسات في الداخل والخارج ملاحظاتها عليه، يأتي متسقا مع توجه خليجي عام، حيث كانت البحرين بدأت مشوار إلغاء كفالة العمالة الوافدة عام 2009، فيما الكويت أعلنت عن توجه من هذا القبيل بعد أن سمحت في 2009 للعمال بتغيير كفالتهم بعد انتهاء فترة العقد الأولية، أو بعد العمل ثلاث سنوات متتالية لدى صاحب العمل. كما أعلنت قطر أنها ستؤخر دراسة تعديل نظام الكفالة حتى ترى ما تسفر عنه نتائج تجربتي مملكة البحرين ودولة الكويت اللتين أقدمتا على إلغاء نظام الكفالة، فيما أقرت الإمارات مطلع العام الماضي تخفيف قيود نقل الكفالة بين العمال الأجانب، لتنتهج بذلك أسلوبا أقل شدة في نظام الكفيل المطبق في معظم الدول الخليجية. ونشأت فكرة الكفيل في منطقة الخليج بأن يكون لدى كل وافد من أجل العمل كفيل يكفله في حالة أن يكون على المكفول مديونيات تمنعه من السفر فيكون الكفيل متكفلاً بسداد ديونه، لكن في الممارسة العملية صار الكفيل يتحكم في المكفول تحكما تاما، ما أنتج بعض المخلفات وسوقا كبيرة للتستر.