وقعت حادثة اقتحام الحرم قبل 35 عامًا، في ظل تواضع وسائل الاتصال في ذلك الوقت، وهو ما كان سببًا في ضياع الكثير من تفاصيلها الهامة التي كانت لتساعد على فهم عقلية هؤلاء الشبان الذين غرر بهم الشيطان، وأقنعهم باقتحام أقدس بقعة على وجه الأرض، ويريقوا الدماء على أرضها الطاهرة. وأثناء بحث "عاجل" عن كل ما نُشر حول الواقعة في حينها، خاصة في الصحف، عثرت داخل كتاب "أيام مع جهيمان" للكاتب ناصر الحزيمي، على وثيقة هامة ونادرة، هي تفريغ لتسجيل أول كلمة ألقاها رجال "جهيمان" داخل الحرم المكي فور احتلاله في صبيحة يوم 1 محرم 1400ه، وهي الوثيقة التي نقلها "الحزيمي" عن صحيفة "الرياض" في عددها رقم 4398 الصادر بتاريخ 17 محرم 1400ه. وتُعتبر تلك الوثيقة تسجيلا صادقًا وأمينًا للواقعة، حيث احتوت على كل ما أُذيع عبر مكيروفون الحرم بعد استيلاء رجال "جهيمان" عليه، حيث عمد المسلحون إلى مخاطبة زوار بيت الله الحرام بهدف إقناعهم بأن المدعو محمد بن عبد الله القحطاني هو "المهدي المنتظر" الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما تداخلت مع كلماتهم، أصوات بنادقهم الغاشمة التي أراقت الدماء فوق أستار الكعبة وعلى أرضية الحرم الشريف. وتعرض "عاجل" في التقرير الحالي، نص هذه الوثيقة كاملة كما نُشرت في صحيفة "الرياض"، مع جزء من التسجيل الذي يشتمل على الخطبة الأولى للمسلحين داخل الحرم المكي، وهي الخطبة التي ألقاها "خالد اليامي" بتوجيه من "جهيمان العتيبي". وإلى نص الخطبة.. (((أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. أيها المسلمون إليكم الآن بيان أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة التي جاءت في المهدي وخروجه، ليكون المسلم على بينة ولا ينخدع، بيان هذه الأحاديث تنطبق على رجل عرف أنه المهدي. الحديث الأول عن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث منه رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما" رواه أبو داود وهو حديث صحيح. الحديث الثاني عن أبي سعيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المهدي مني، أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين" رواه أحمد وأبو داود. الحديث الثالث عن أبي قتادة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يبايع لرجل بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يسأل عن هلكة العرب". [يسكت المتحدث ويبدأ رجل آخر بإعطاء تعليمات عسكرية يعتقد أنه المدعو جهيمان العتيبي، فيقول بلهجة شعبية بسيطة] الحمد لله رب العالمين والصلاة والسالم على أشرف المرسلين.. يا إخواننا انتبهوا – لتسكين الأمر – يا أحمد اللهيبي اطلع السطوح ومن رأيته يتمرد على البيبان فأطلق عليه النار. يا سلطان بن جار الله إلى الجهة الشرقية فمن رأيته يتمرد أنت وبعض الإخوان فأطلقوا عليه النار لا يسوي عليكم فوضى أو يتهدد الإخوان. يا ردن الجهة الغربية.. الجهة الغربية.. يا عبد الله الحربي الجهة الشمالية.. الجهة الشمالية.. اسمع يا راكان اطلع فوق مع اللهيبي الجهة الجنوبية.. لها محمد بن مبارك الكبير اللي كان في المدينة إلى الجهة الشمالية.. الجنوبية.. بقية الإخوان شاهد وعمر بن جار الله وسلطان بن جار الله وأبو هلال يبقون بين الركن والمقام مع كثير من الإخوان يمسكون محلاتهم.. البيعة بعد البيان وبعد ما يهدون الناس.. ليظهر للناس الحق، فمن كان يريد الحق فليأت به ومن اعتدى علينا فرب العالمين خير من (..) فاسمعوا وانتبهوا.. [ويعود المتحدث إلى إلقاء الخطبة محاولا إقناع الناس بدعوته للمهدي المزعوم] نكمل لكم ما بدأنا به من أحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم في بيان المهدي لتكونوا على بصيرة من أمر دينكم ثم يأتي عن أبي قتادة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يبايع لرجل بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يسأله عن هلكة العرب ثم يأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه" رواه أحمد. الحديث الرابع، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها.. [ويسمع صوت طلق ناري] ويعطي المال صحاحا وتكثر الماشية وتعظم الأمة يعيش سبعا أو ثمانية يعني –حجة- "رواه الحاكم وهو حديث صحيح. الحديث الخامس، عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" رواه أبو داود. الحديث السادس، قال النبي صلى الله عليه وسلم "المهدي من أهل البيت يصلحه الله في ليله" أخرجه أحمد وابن ماجة. الحديث السابع، عن عائشة رضي الله عنها قالت، قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم "العجب أنا أناسا من أمتي يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم" رواه البخاري ومسلم. فمن ذلك يتبين لنا: أولا: أن اسم المهدي محمد بن عبدالله. ثانيا: أن نسبه من قريش من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة رضي الله عنها. ثالثا: أنه يصلحه الله في ليلة. رابعا: أنه أجلى الجبهة أقنى الأنف. خامسا: أنه يظهر إذا ملئت الأرض ظلما وجورا فيملأها قسطا وعدلا. سادسا: أنه يبايع بين الركن والمقام ومعنى هذا أيضا أنه لا يطلب البيعة وإنما يبايع من قبل غيره. سابعا: أنه يلجأ إلى البيت. ثامنا: أنه معه طائفة يلوذون بالبيت لمطاردة الناس لهم في كل مكان. تاسعا: إنه يغزوه جيش وهو لاجئ بالكعبة فيخسف الله بهذا الجيش. عاشرا: أن هذا الجيش من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا من اليهود ولا من النصارى وإنما من المسلمين. وإليكم حديث الطائفة الذين معه. روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "سيلوذ بهذا البيت يعني الكعبة قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم". فيتبين لنا من هذا الحديث أن هؤلاء القوم يعوذون ومن الحديث المتقدم سابقا أنه رجل من قريش يلجأ بالبيت وحينما يعوذون فإنما هو من مطاردة الناس لهم فاجتمعوا هم وإياه بهذه الصفة وكذلك في صفة أخرى وهي أنه يخسف بالجيش الذي يغزوه ويغزوهم.. إذا تبين هذا فاعلموا أيها المسلمون إنها قد انطبقت هذه الصفات كلها.. هذا المهدي الذي سوف يبايع بعد لحظات بين الركن والمقام وهو موجود معنا الآن وكذلك أخوكم جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي، وهو موجود أيضا معنا الآن وقد كان الإخوان قبل في المدينة يدرسون وينصحون الناس [...] فصرنا نطبع الرسائل والكتب ونوزعها على الناس لنبين للناس دينهم. فأخرجنا: رسالة "رفع الالتباس" وبعدها ثلاث رسائل.. وبعدها سبع رسائل.. وبعدها رسالة "الإمارة والتوحيد" و"دعوة الإخوان" و"الميزان في حياة الإنسان". وأما هذا الرجل الذي هو المهدي فقد صار من الإخوان منذ أكثر من سنتين (..) فلجأنا هذا اليوم إلى بيت الله عز وجل ولم نجد لنا ملجأ في الأرض إلا هذا البيت العتيق لأننا نعلم أن الله يدافع عنه كما رد عنه الفيل وأصحابه وقد كان الذين فيه مشركين فكيف ونحن ليس لنا ذنب عند الناس لا إننا ندعوهم إلى الرجوع إلى القرآن والحديث والعمل بهما ولو خالف الحكومة ولو خالف المشايخ أهل المراتب والمناصب. وإن الذين سنبايعه اليوم اسمه محمد بن عبدالله وهو من قريش وأبوه من الأشراف وأمه من نسل الحسين بن علي ولد فاطمة رضي الله عنهما وجميع الصفات المذكورة في الأحاديث منطبقة عليه ولله الحمد ومن أراد التثبت من أي شيء من هذا فالمجال مفتوح ونحن إخوانكم لا نبخل عليكم بشيء إلا أن نقول {فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}. ونبشركم أيضا، يا معشر المسلمين أنه قد رؤي في المنام المرائي الكثيرة التي لا تحصر في خروج المهدي وفي بيان أنه هذا الرجل وكذلك من أناس لا يعرفونه من قبل، فلما رأوه عرفوه من رؤياهم إياه في المنام. ولعله قد بلغتكم بعضها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "في آخر الزمان لا تكاد رؤيتكم أن تكذب" رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم أيضا "لم يبق من الوحي إلا المبشرات: الرؤية الصالحة، يراها المؤمن أو ترى له" رواه البخاري ومسلم. [ويعود صوت من يعتقد أنه المدعو جهيمان العتيبي ليعطي التعليمات العسكرية لعصابته] الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [نداء] عيد بن إسماعيل، رديني.. اسمعوا عيد بن إسماعيل، ورديني تذهبون مع أحمد الثاني وتأخذون بعض الإخوان اللي ما معهم أسلحة وتعطوهم وتوزعون عليهم الرشاشات وأسلحة لبعض الإخوان الذين دخلوا بدون أسلحة اجتمعوا بين الركن والمقام.. اذهب يا عيد إلى الركن والمقام.. اذهب يا رديني إلى الركن والمقام.. اذهب يا أحمد الثاني إلى الركن والمقام.. اجتمعوا في هذا الموقع، سيظهر واحد من الإخوان تعرفونه، خلوا مبايعة بعض من الناس، نحن نعرف، نعرف الذين دخلوا ونعرف إخواننا الذي يطاردون ورب العالمين يقول {ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} فإذا فهمنا هذا الشيء الذي هو من مهمتكم هذه ثم بعد ذلك.. [إطلاق رصاص] فهيد بن ردن، فهيد بن ردن اسمع! بارك الله فيك، واسمع يا بو هلال، يا بو هلال إلى الركن والمقام.. يا سيف إلى الركن والمقام.. يا مالك إلى الركن والمقام.. اذهبوا يا أيها.. [محاولة إجلاس وإسكات الناس بالقوة] وأنتم يا جميع الإخوان اجلسوا.. اجلسوا.. وليكن جميع الإخوان بين الركن والمقام، عفاج بن جار الله، عفاج بن جار الله.. انتبهوا في توزيع الإخوان بين الركن والمقام، حتى يتهيأ أمر البيعة تتأخر بعد البيان، ليكونوا على بينة وعلى ما نبايع، الدعوى ما فيها (هزة روس). المسألة فيها ضرب رشاشات! المسألة فيها ما تحتاج للمسلمين، الذي يصدق مع الله فالله يرجي لهم أن يكونوا مع الذين يقاتلون عيسى بن مريم في صحيفته ولكن لا تخافوا من هؤلاء خافوا من سيئاتكم، كذلك خذوا العفو عليكم بالرفق، ومن تمرد عليكم فكما قال الله جل وعلا {وجزاء سيئة سيئة مثلا} وقال الله {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}. أما جنود الحكومة فإذا رأيتكم أحدا منهم، يريد أن يرفع يده، فلا عليكم منهم، فعليكم أن تطلقوا عليه، لأن هذا يريد أن يطلق النار بين المسلمين فإذا.. ولكن ما في إطلاق نار الآن حتى يؤذن لكم، إن كان قبل البيعة فما هي إلا (نصب) كما أخذها خالد بن الوليد (غصب). فأما بعد البيعة فيتولاها المهدي ولكن الآن المهدي ما هو جالس ينتظر (نقبل يديه). هو يطالب مع الإخوان واحد من المطرودين.. فإذا هدؤوا الإخوان هدؤوا الإخوان. [تمر لحظات يتوقف جهيمان عن متابعة إعطاء تعليماته ثم يعاود] وكذلك الإخوان كل جهة منهم الجهة الشرقية واللي فيها والجهة الغربية واللي فيها والجهة الجنوبية واللي فيها. كل جهة يجتمعون لا يصيرون أفرادا يجتمعون على ما ذكرنا في السابق لا يصيرون أفرادا كل واحد منهم لحالهم يجتمعون كل الجماعة. يجتمعون كل جهة يجتمع بها جماعة كما ذكرنا في السابق. [ويعود خطيب الزمرة الفاسدة في إلقاء خطبته] أيها المسلمون نبشركم في هذا اليوم المبارك بخروج الرجل الصالح المهدي الذي سوف يملأ أرض الله عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا سوف تنتهي. [أصوات تهليل وتكبير.. ويعود المجرم جهيمان إلى إعطاء تعليماته مرة أخرى] يا عبد الله بن إسماعيل بن مبيريك اطلع السطوح.. اطلع السطوح أنت والجماعة معك ومعكم درابيل ورشاشات عند المنابر. اطلعوا البيعة ستتأخر قليلا. اطلعوا.. [يكرر النداء] يدلونكم الإخوان إلى أقرب طريق تطلعون فوق.. [أصوات وضجيج..] يا محمد بن مبارك، يا محمد بن مبارك الذي كان في المدينة لماذا الجهة الجنوبية. خذ سليمان واذهب إليها، فيها باب يحتاج تسكيره محمد بن مبارك الكبير. [ويعود خطيب العصابة مرة أخرى] الحمد لله إليكم أيها المسلمون بيان الموقف الحق. أنصتوا رحمكم الله حتى تستفيدوا. ثم سوف تخرجون إن شاء الله. سوف يفتح لكم باب وتخرجون. الأبواب مغلقة. الأبواب مغلقة. لا أحد يخرج. الأبواب مغلقة. لا أحد سيخرج انصتوا رحمكم الله. الحمد لله الذي وعد فقال {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا، إن ربك من بعدها لغفور رحيم. يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} فهجرتهم كانت بعد الفتنة، ولو داهنوا لاطمأنوا مع أهل القرية الآمنين وما أشبه حالنا بهم.. ثم بيّن الله بالآية الآتية ما سيبدلهم به فقال تعالى {وعد الله الذي آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم.. وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا}. فالأمر بدلا من الخوف والتمكين بدلا من عدم الانتصار ولو أنهم خافوا وقالوا كما قال أهل مكة "أن تتبع الهدى معك نخطف من أرضنا" لأصحابهم ما خافوا منه ولذلك أهل مكة وقعوا فيما خافوا منه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة والسلام على رسولنا الذي أعلمه ربه بما بعثه فلم يثن ذلك من عزمه وقال الله له في الحديث القدسي "إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك" رواه مسلم. ففي البداية ابتهلاه بأهل مكة فعادوه هو وأصحابه وأخرجوهم من ديارهم، وفي آخر الأمر ابتلى الله به أهل مكة لتطهير طواغيتهم ولا بد لمن سلك مسلكهم أن يصيبه ما أصابهم. الابتداء في بداية الأمر ثم النصر في النهاية والتمكين والآن نبدأ ببيان أشياء وعد النبي بها صلى الله عليه وسلم أمته وهي كثيرة منها كثرة الخبث في الأرض ونتيجته الهلاك للصالح والطالح.. وإنهم يستحلون القتال في البيت. [صوت إطلاق رصاص] وهو سبب لهلكة العرب، وكذلك جعل الله لكل داء دواء وقد أخبر أن الأرض تملأ جورا وظلما ثم يجعل الله في تطهيرها سببا، وهو رجل صالح قد ذكر صفاته وحاله وصفة أعدائه وصفة مناصريه.. فالآن نذكر لكم أحاديث تبين لك ما مضى ذكره وأعلم أننا لا نذكر إلا ما ثبت من النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك نبين لك صفة هذا الرجل وصفة أعدائه ومن معه من ملأ.. ثم نذكر لك الأدلة بعدها ليسهل عليك فهمها وحفظها. وإليكم أول الأحاديث: روى البخاري وغيره من حديث زينب رضي الله عنها قالت استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم محمر وجهه وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من ضر قد اقترب فتح اليوم من قلب يأجوج ومأجوج. مثل هذه قيل أنهْلَكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث. انتبه يا أخي، فإن هناك فرق بين الصالح والمصلح فإن الصالح هو الذي صالح في نفسه فقط وأما المصلح فهو الصالح في نفسه والمصلح لغيره.. فالمصلح لا يهلم من أهلك الناس. ولا يحصل للناس هلكة حتى يتميز عنهم. ولا يحصل لهم نصر حتى يتميز عنهم.. والأدلة من الكتاب والسنة كثيرة ومنها قول الله تعالى {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} فما قال وأهلها الصالحون، وإنما قال وأهلها مصلحون، وفي النصر قال {فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين}. الحديث الثاني: أخرجه أحمد، وهو صحيح، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع لرجل بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يسأل عن هلكة العرب ثم يأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه". [صوت إطلاق رصاص كثيف] فالشاهد في هذا الحديث الاستحلال ويظهر أن سببه البيعة وهو يعرف من حال علماء الحكام الذين يبايعون من تولاهم ويقاتلون من خالفهم ويرون أنه خارجي ويستدلون في الحديث "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما". والخليفة الشرعي هو من اجتمع فيه شرطان أن يكون قرشيا، وأن يكون قميما لدين الله جل وعلا. وهذا قد سجل في "رسالة الإمارة". الحديث الثالث: أخرجه أبو داود، وهو صحيح، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما".. الحديث الرابع: روى أحمد وأبو داود عن أبي سعيد قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين" وهو حديث حسن. فالآن نبين لك حاله من البداية ثم نبين حال أعدائه وصفاتهم وحال الطائفة التي معه لتكون على بينة. فحاله لابد فيه من عدة شروط: أولا: أن يكون اسمه محمد بن عبدالله ويكون أقنى الأنف أجلى الجبهة. ثانيا: أن يكون قرشيا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثالثا: أن يلوذ بالبيت. رابعا: أن يكون أعداؤه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. خامسا: أن يكون مهلكهم في البيداء في القفر. سادسا: أن تكون الطائفة التي معه، أن يكون لها صفتان تكون هاتان الصفتان متوفرتين في هذا الرجل ولولا هاتان الصفتان لادعت كل طائفة هذا الشيء ولاذت بالبيت وجاءت من السوق بقرشي له مثل هذا الاسم. أولا: أن يلوذوا بالبيت ولا يكون اللواذ إلا خوفا من شيء هو عدم القدرة في دفنه. ثانيا: أن يخسف بعدوهم في موضع واحد وهو البيداء، وتكون صفة عدو الرجل والطائفة واحدة. وهذا يفهم من الحديثين الآتيين: الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت (...) رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلنا يا رسول الله لقد صنعت في منامك شيئا لم تكن تفعله فقال: "العجب أن أناسا من أمتي يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا في البيت خسف بهم، فقلنا: يا رسول الله أن الطريق قد تجمع الناس، فقال: نعم فيهم المستصغر، والمجبور، وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويذكرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم". الحديث الثاني: أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيلوذ بهذا البيت –يعني الكعبة- قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم". فاجتمعت هاتان الصفتان في هذين الحديثين، ويظهر أن سبب الغزو هو البيعة والتجمع لأنه لو كانوا بعدا، وكانوا غير مجتمعين لم يحتاجوا أن يرسل جيش، والشاهد من الحديث المتقدم ذكره، أنه يبايع الرجل بين الركن والمقام ولم يستحل هذا البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ويفهم من هذا أنه لا يطلب البيعة وإنما يبايعه القوم من غير طلب منه لها. وإليك صفة ما يقع لهذا الجيش وكيف يعدكم لتأخذوا الخبر من الشرير.. قال مسلم في حديث حفصة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض تخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم ثم يخسف بهم فلا ينطق الشرير الذي يخبر عنه". ثم بعد ذلك، فاعلم أن الوحي قد انقطع ولم يبق إلا المبشرات وهي الرؤيا. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: تكاد رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكذب "رواه البخاري ومسلم.. وأقر صوادق الرؤيا إذا وافق السنة كما ورد في حديث ليلة القدر. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أرى رؤياكم قد تواطأت". فأقول بعد ذكر الأدلة المتقدمة وانطباقها على الإخوان الموجودين اليوم وعلى رجل منهم فقد وردت قرائن المسلمين في هذا الرجل على ثلاثة أحوال: القسم الأول: جاء في مرائي أناس لا يعرفونه فعرض عليهم في المنام أن هذا هو المهدي فقابلوه في اليقظة وعرفوه بعلامات ظاهرة فيه. القسم الثاني: رأوا أن المهدي سيخرج قريبا. والقسم الثالث: رأوا تاريخ بيعته ورأوه يبايع له بين الركن والمقام وغالبهم لا يعرف هذا الرجل، وقد بلغت أكثر من العشرين بل أكثر من الخمسين رؤيا إلى هذا اليوم ويقوم بجمعها من أصحاب الرؤيا ثلاثة من الإخوان ومن أراد التبين من ذلك فليسأل فهو (مراس بن ملعاط الغامدي) و(يوسف أكبر آل رضا) و... (صوت لغط وضجيج شديدين ومحاولة المجرمين تهدئة المصلين وإسكاتهم). [بعد ذلك يأتي صوت –غير واضح تماما- يفهم منه أنه صوت المدعو جهيمان العتيبي زعيم العصابة، وهو ينادي في الناس لمبايعة (مهديهم المزعوم).. من حوله أصوات تكبير وتهليل من زمرته يتخلل ذلك أصوات إطلاق رصاص متواصلة وشديدة.. إلى أن ينقطع التسجيل..])))