"شايفك أمس في مطعم (...) أنصار الدولة في كل مكان، انتبه على نفسك".. بهذه الكلمات حذر مغرد مجهول، الكاتب جمال خاشقجي على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بعدما شاهده بصحة أسرته في مقهي للحلويات التركية بمدينة جدة، قبل أيام. وتساءل "خاشقجي"، في مقاله بصحيفة "الحياة" السبت (12 يوليو 2014)، عن فحوى الرسالة قائلا: "هل هذا تهديد أم نصيحة؟ أم أن صاحبها يريد أن يقول لي: (نحن هنا)؟.. دخلت على حساب (أبو عابد الموحد) مرسل التغريدة، وجدته (داعشيًّا) ملتزمًا منذ أشهر، وليس عابر سبيل يمازحني". ويواصل الكاتب قائلاً: "بحثت عنه في ذاكرة المكان الذي لا علاقة له بداعش ونظرتها إلى الحياة والناس.. عن يسار طاولتنا كان قسم العائلات، ولا أذكر أحدًا هناك لديه صفات داعشية.. عن اليمين قسم العزَّاب.. شبان عاديون يتحدثون عن كأس العالم بحماسة". ثم أضاف: "بالطبع لم يكن هناك شاب ملثم يرتدي السواد، ولكن المؤكد أن أبو عابد الموحد كان هناك، واحد منا؛ فتغريدته تؤكد ذلك.. إنه شعور غريب أن تعلم أن هناك شابًّا يؤمن بأفكار الدولة الإسلامية التكفيرية الثورية الغاضبة، ينافح عنها، ويروّج لها، يجلس على بُعد أمتار منك، ينظر إليك، هل كان يدعو لنا بالهداية؟ أم كان يردد: جئناكم بالذبح؟ كلتا الحالتين تستطيع أن تجدها لديهم: الرحمة والدعوة إن اتفقنا معهم، والذبح إن خالفناهم". وتساءل: "هل لدينا في السعودية حالة (داعشية) أخطر مما لدى غيرنا؟.. أعتقد أنه سؤال يمكن التحقق منه في شكل علمي على طريقة المعايير الاقتصادية، مثل معدل دخل الفرد أو نسبة الوفيات بين المواليد، وهي معايير ذات دلالة على تحسن الأوضاع أو سوئها في البلد المعني؛ فماذا لو اجتمع باحثون وحاولوا الوصول إلى رقم نسبة الداعشيين إلى عدد السكان؟". وتطرق إلى ثقته بأن "الداخلية السعودية لديها أرقام دقيقة بإحصاء عدد السعوديين المشتبه أنهم انتهوا مقاتلين في صفوف (داعش)، من قواعد بيانات السفر ثم الغياب غير المبرر، أو من معلومات استخباراتية أمنية.. هذا غير إحصاءات تحليلية بالسن والمناطق والتعليم.. كل تلك معلومات مفيدة لتقدير الحالة الداعشية التي نعيشها". وحذر من صعوبة تقدير الحالة "الداعشية المتعاطفة"، وهي التي يمكن أن تحدد خريطة وقوة الخلايا النائمة، مثل صاحبي في المطعم: أبو عابد الموحد، الذي قد يكون قياديًّا محليًّا معنيًّا بالتجنيد، أو مجرد شاب مكلّف بالإعلام، وهذه لا يمكن تقديرها إلا من خلال معلومات استخباراتية لا يملكها الإعلام، ولكن ثمة نافذة هائلة تطل على عالم "داعش" والتطرف؛ هي الإعلام الاجتماعي. وجولة فيه تكشف أن هناك شعبية محترمة لهم. ويستطيع الباحث المتخصص أن يتعقب مصادر تلك المعرّفات لرسم خريطة لوجودها الجغرافي. وتحدث كذلك عن خطوة المحلل ناعوم بنشتوك في موقع Vocativ المتخصص بكتابة التقارير الصحفية من عمق الإنترنت؛ لرصد أعداد المؤيدين لداعش، فلاحظ أن معظم التغريدات المؤيدة للتنظيم تأتي من المملكة، بل إن أشهر هاشتاق لتأييد داعش #حملة_مليار_مسلم_لنصرة_دولة_الإسلام انطلق من معرّف في السعودية، بعدها جاءت 95 % من التغريدات من هناك في البداية، قبل أن يتحول إلى هاشتاق عالمي دار حول العالم، فأخذ أنصار "داعش" يشاركون فيه بصور تشير إلى بلدانهم؛ للدلالة على حجم تأييد هذه الجماعة المتطرفة. واختتم قائلا: "في المقابل، هناك رفض هائل ل"داعش" والجماعات المتطرفة من عموم المواطنين، تجلَّى بوضوح بعد العملية الإرهابية ضد مركز الوديعة الحدودي جنوب المملكة، ثم مدينة شرورة التي تبعد عنه بنحو 60 كيلومترًا، التي استشهد فيها عدد من رجال الأمن، من إرهابيين مروا على برنامج المناصحة الشهير".