الحياة الدنيا مهما طالت أيامها , وتعاقبت شهورها , وتتابعت أعوامها , لابد من الموت , والموت حقيقة كبرى , ونازلة عظمى , ( كل نفس ذائقة الموت ) وليس كل من فارقت روحه جسده بميت , انما الميت هو الحي الخامل الذي لا أثر له في حياتنا, وكم من ميت حي في قلوبنا , ومن ذلك الشيخ الجليل , والخطيب المفوه , سلطان العويد الذي عاش مع القرآن سنين عديدة , وصاحب أنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته أعواماً مديدة فعلمه مازال في أسماعنا , وأخلاقه معنا وإن مات. أيها الأخوة القراء : أول ما وضعت قدمي في مدينة الدمام في حي المباركية كان جاري رجل الاعمال المبارك عبد اللطيف الجلال أبو عبد الرحمن يحدثني كثيراً عن الشيخ وأنه إذا اشتاق له صلى معه ليراه , مع أنه يصلي معه كل جمعه . ثم كتب الله لي أن أسكن في حي الجلوية , فكنت أصلي معه , وبعد فترة من الزمن سلمت عليه وعرفته بنفسي , فسألني ما علاقتك بمدير أوقاف المجمعه الشيخ فهد التويجري ؟ فقلت له هو أخي و شيخي , فقال أنا أحب ذلك الرجل لما أسمع عنه من الخير الكثير في الدعوة إلى الله, ثم قال لي : لابد أن تكون بيننا لقاءات وانقل سلامي للأخ فهد , وإذا أتى إلى المنطقة الشرقية فلابد أن يحل ضيفاً عندي .ومازالت هذه الكلمات ترن في اذني. فمرت الأيام وجمعتهما على مائدتي في يوم أغر فلم يشبعا من الحديث عن الدعوة , ثم ألح الشيخ على أخي بالاستضافة ولكن أخي لظروف السفر أعتذر , وقال : لعل اللقاء يتجدد في المجمعة. وقضى الله أن تكون منية الشيخ سلطان قاب قوسين أو أدني من مسقط رأسه وبلد أجداده المجمعه . كان رحمه الله يتفقد جماعة مسجده في صلاة الفجر , ذات مره رأيته بعد صلاة الفجر يسلم على شخص في أقصى ناحية المسجد ثم اقترب من شخص كان بجواري فانحنى إليه و سلم عليه وسمعته يقول له : نورت المسجد ...!! كان بينه وبين سكان حي الجلوية ألفة ومحبة , فقد كان يثني على عدد من كبار السن في الحي وعدهم لي ذات مرة بأسمائهم وقال لي عن أحدهم إنه يعدل سبعين رجلاً , نعم إنه كان محبوباً لكل من عرفه وصلى خلفه , ولذا نزل خبر وفاته كالصاعقة على نفوس محبيه ومأموميه , ولقد نعي إلي خبر وفاته في رسالة جوال بعد صلاة المغرب مباشرة , وكنت في أحد مساجد حي غرناطةبالدمام وكان بجواري أحد إخواننا المصريين , فأخبرته بهول الخبر فلم يصدق , وقال يا رجل : أصلي معه كل جمعه و أحب خطبة فهي مختصرة ومصيبة للهدف , ثم بدأ يردد أنا زعلان عليه بكي . وفي نفس اليوم اتصل بي رجل كبير السن من محافظة رنية لم اسمع صوته من سبع سنوات يعزيني بوفاة الشيخ , ويسأل هل يجوز لي أن أصلي على الشيخ صلاة الغائب ؟ هذه خواطر غمستها بمشاعري حزناً على وفاة الشيخ الذي ترك بصمات خيرة في نفوس من عرفهم وعايشهم في المسجد وخارجه , ولكن أكتفي بهذا النزر اليسير , ولو التقيت بمن أعرفهم من جيراني سابقاً في حي الجلوية لكتبت عنه الكثير . رحم الله الشيخ سلطان العويد والله نسأل أن يجمعنا في جنات عدن عند مليك مقتدر, كما جمعنا في الحياة الدنيا إخوة متحابين كتبه أبو حافظ عبدالعزيز بن سليمان التويجري خطيب جامع ابن عثيمين بالخبر عضو التوعية الإسلامية في الحج [email protected]