ورحل الصديق الإنسان خالد بن محفوظ من هذه الدنيا الفانية في هدوء وقد احاطته سمعة كبيرة في حياته التي كانت مزيجاً من النجاح والفلاح .. والمروءات والعمل الطيب .. وسبحان من جعل الموت حقاً وخاطب سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم .. عز وجل: (إنك ميت وإنهم ميتون) (سورة الزمر: 30) (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) (سورة الانبياء: 34) وجعلها سبحانه نهاية لكل حي في هذه الدنيا (كل نفس ذائقة الموت). وأشهد أن الأخ الشيخ خالد بن محفوظ .. كان رجلاً نقياً وفياً .. يكره الظلم والتكبر وكان على تواضع جم وخلق طيب كريم .. وكان قلبه معلقاً بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف .. فقد كنت أفرح وأنا ألقاه .. مرات ومرات في الطواف وبين الصفا والمروة .. معتمراً أو طائفاً .. وكان هذا الرجل يقبل على العمرة والحج حتى قال لأخي السيد أمين عطاس: (إنني يا سيد أحج والحمد لله كل عام مع الأخوة .. السادة الفلالية في المخيم الذي يقيمونه في الحج كل عام). وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الذي علمنا وهو يتحدث إلى صحابته الكرام .. إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فأشهدوا له بالإيمان .. وكنت ألقاه في جنبات الروضة النبوية الشريفة يجلس بين المنبر .. ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكنت اتابعه .. وأداعبه (يا أبا عبد عبدالرحمن انكم تزاحمونا هنا ولا نزاحمكم في الاقتصاد .. ويضحك ويردد: المورد العذب .. المورد العذب يا دكتور كثير الزحام وهل أعذب وأطهر من هذا لعلنا نلقاه صلى الله عليه وسلم يوم الزحام فيأخذ بيدنا على حوضه الشريف). هكذا كان هذا الرجل .. محباً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .. وقد وفقه الله فجمع بين عمل اقتصادي ناجح حتى اعتبر من أبرز رجال الاقتصاد والأعمال في بلادنا .. وبين سمعة عطرة ورؤية اقتصادية وممارسة نزيهة وناجحة. وكان أبوه الشيخ سالم بن محفوظ رجلاً بدأ من أول السلم وبنى نفسه وكون ثرواته بعرق جبينه .. وظل على طباعه ومروءاته .. وكان بين الناس محترماً .. وكانت والدة خالد امرأة كريمة من أسرة مكية .. ولها قلب يسع كل الناس وخاصة الأطفال الذين كانت تحنو عليهم ووالدها رحمه الله من رجالات مكةالمكرمة المحترمين. وخالد بن محفوظ .. ترك أثراً بارزاً في الاقتصاد السعودي فهو فعلاً مهندس الصيرفة السعودية كما وصفه بعض رجال الاقتصاد .. ولعب دوراً اساسياً مع والده واخوته في انشاء البنك الأهلي التجاري الذي كان خالد رحمه الله من اصحاب فكرته الاساسية ونجح خالد .. وصفق له الناس وأحبوه وحسده من حسد .. ولكن تلك الأيام نداولها بين الناس وكان يعاني في آخر أيامه من أمراض وأوجاع صبر عليها واحتسب .. وعندما كنت ألقاه أجده يتألم من نكران الجميل خاصة وتبدل بعض الناس .. ولكن تعلمنا ان الناس معادن .. والوجوه ألوان .. وكم رأينا أناساً يحيطون بنا .. أصدقاء جداً جداً واعزاء جداً جداً وإذا اقبلت الدنيا عليك اقبلوا وإن أدبرت عنك أدبروا فهم عليك لا معك يصفقون معك وأنت لا تدري يصفقون عليك أم يصفقون لك. وأشهد أن خالداً بن محفوظ رحمه الله كان من المحبين للخير والاحسان ويحنو على الفقراء والمحتاجين .. وكان يحرص على السؤال عن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتتبع حاجاتهم .. وقد فرحت وأنا اسمعهم يدعون له في سرادق العزاء .. فقد كان وفياً شهماً .. ودعم مراكز علاج السرطان والكلى وكان خالد يتابع حاجات الطللاب الممتازين من الفقراء .. ويقدم لهم المنح الدراسية ويعطف عليهم. وختاماً .. أقول رحمك الله يا خالد .. فقد كان رحيلك خسارة لنا ولأهلك ولمحبيك ولهذا الوطن الذي فقد رجلاً من رجاله المخلصين .. ولكن مكسب لك فأنت رحلت إلى جوار رب كريم كتب على نفسه الرحمة .. وما عند الله خير وأبقى .. وعزائي لإخوانك وأولادك بنين وبنات ولزوجتك الكريمة وجميع أهلك ومحبيك. (إنا لله وإنا إليه راجعون).