لن أتحدث عن جديد يخفى على أحد وإنما أتحدث عن ماهو متعارف عليه لكن حجبه عدم الجرأة . تسمعه في كل المجالس عندما يكون المتحدث آمنا من الرقيب ليتشفى بالبوح بما يحشرج في صدره ليس في جهة حكومية معينة بل في كل الجهات . حينما تتفحص الفساد الموجود في المؤسسات الحكومية والذي أنشئت لأجله هيئة خاصة تجد أن هذين الركنين هما أسه وأساسه وغيرهما ناتج عنهما . الركن الأول : النفاق والتملق والذي يتربى عليه الموظف من أول مباشرته حبنما يتملق لرئيسه المباشر والذي هو بدوره يقوم بنفس الدور مع رئيسه حتى تصل إلى أعلى الهرم . وعلى الرغم من أن كل شخص يعرف ذلك الموال - إذ أنه كان مرؤوساً ونافق وتملق مع رئيسه - إلا أنه يتقبله بل يصدقه وهذا ما أستغربه كثيرا . فرأي الرئيس هو الأصح ومخرجاته هي الأفضل ولا معارض لما طرح ولا راد لما قضى . وهذا المنهج هو الذي سيحقق للمتملق أن يتدرج في مراتب الوظيفة بسلاسة فائقة بينما تجد المخلصين في مواقعهم يراوحون .. ذلك أن مبادئهم السامية لا تسمح لهم بهز الرؤوس . تذكرني بأحد البريطانيين الذين عملوا في الخليج وقال في مذكراته : في الخليج امدح رئيسك يرشحك نائباً له بعد ساعة . ومن هنا ساس المراكز مجموعة من المتملقة الرويبضة فساد الفساد وانتشر ، وأصبحت ترى مخرجاتهم منتفشة منمقة تعجب الرائي لكنها كسراب بقيعة . أما الركن الثاني : فهو تلك التقارير التي لا تعدو مخرجاتها جمال صفحاتها وألوانها ، أو جميل عباراتها ومفرداتها . سخرت لأجلها الجهود ، وصرفت لأجلها الأموال فهي الهدف الحقيقي للقيادات التي لا يهمها النتاج الذي يعفيها من المسؤولية أمام الله بقدر ما يهمها ابتسامة القائد الذي يعلوها مع إدراكهم أن ذلك القائد كان مقوداً وكان ينفخ في بالونه كسابقه ، كلما دخلت أمة لعنت أختها . ومنه تصريحات المسؤولين التي تذكر مستوى الانجاز متغاضية عن حجم الإهمال والذي يفوق إنجازهم بحيث لو غمس فيه لم يظهر لإنجازهم المنفوخ لا طعماً ولا رائحة . بهذين الركنين ضاعت أموال الأمة ، وفسدت التعاملات ، وضعفت المخرجات حتى ترى مشاريع نفذت بمستوى أداء عابر السبيل الذي لم يصل بدراسة مشروعه مستوى ظل جسمه ، حتى تجد أن ذلك المشروع سرعان ما يحتاج إلى إعادة فتضيع الأوقات والأموال . بين الأسطر السابقة ملفات وشواهد مخفية بيد أني أهدف إلى إثارة القضية فلعل نفساً أبية تصحو فينقذ الله بها البرية . سائلا الله تعالى أن يرزقني وإياكم سلامة القصد وحسن النية . للمزيد من مقالاتي في عاجل أو مراسلتي على هذا الرابط http://www.elwsata.com/uploads/13464...new_page_1.htm إبراهيم بن محمد البرادي