في العام الماضي تم "تجسيد" الحسن والحسين بمسلسل تلفزيوني, وهذا العام "جسد"عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ويبدوا أننا اقتربنا من مشكاة النبوه!... عمربن الخطاب إمام هدى, وشخصية لها رمزيتها وقدسيتها في هذه الأمه, وقد انفرد بميزات لم تكن لغيره, منها موافقتة القرآن في أكثر من ثلاث مواطن, أن الشيطان يهابه ويفر منه, وأنه ذكر في كتب أهل الكتاب بانه إمام عادل منصور.. حدث شد وجذب بشأن مسلسل "عمر" الذي يعرض على الفضائيات, وقبل رمضان بأيام كان هناك رفض فطري من قبل شريحة واسعة من الناس للمسلسل, وقرارا بمقاطعة القناة التي ستبثه, الإ أن الأمور تبدلت حينما هب أحدهم للذود عنه, والتصدى لذلك الإحجام بتبييح رؤيته, فتهافت عليه كثيرون ممن قرروا مقاطعته.. كبارالعلماء في السعوديه وعلى راسهم المفتي أعلنوا رفضهم التام لعرض المسلسل, ومشيخة الأزهر تنادي الى اليوم بعدم نشره ومكافحته, وتقول بأن عرضه محرم شرعا, ونحن كنا الى وقت قريب من أشد الناس التزاما بمضمون تلك الفتوى!.. إن أخشى ما نخشاه من التعرض لهذه الرموز الكبيره, أن يتم خدش فطرتنا السليمة تجاههم, وإفساد خلفيات أذهاننا السامية عنهم, والتي ستتأثربعد رؤية المسلسل, خاصة حينما نقرأ عن عمر مثلا, لأننا حتما سنرجع بخيالنا لذلك الممثل بدلا عن عمرالحقيقي.. وهنا يتبادرسؤال مهم, الذي سيظهر من قبل ذلك الممثل من شكل وطباع كالحركات والابتسامات والانفعالات وغيرها عن عمر, وإظهار زوجته بغير زوجته, وبناته بغير بناته, أليس فيه ظلم وكذب وتجني على عمر, وهل يرضى به عمر, وهل يسمح عمر بأن يعرض على الناس بغير حقيقته حتى ولو كان ذلك بداعي الفن, وهل سيحتج علينا عمر أمام ربه أم لاء؟! وهنا أخاطب من أفتى بجواز تمثيل ورؤية المسلسل, وكذلك المشاهد الذي تقدم بملئ رغبته لرؤية عمر المزيف! ومادام كسر الحاجز الأخير الذي كان يواري النبي صلى الله عليه وسلم" الخلفاء الأربعه" وفتح باب الفتاوى والإباحة في ذلك, فإننا بلاشك لن نقف هنا, بل إننا سنرى عما قريب من سيقاتل كي يجسد شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبعمل درامي كبير, قد يترجم الى كل لغات العالم, وهنا الواقعة حقا!... محمد صلى الله عليه وسلم يعيش بيننا, وفي كل لحظة من لحظاتنا, ففي كل حركة نتحركها ,أو مدخلا ندخله, أومخرجا نخرجه,أو مطعم نطعمه, أونومة ننامها.. الخ, تجدنا نمتثل توجيها من توجيهاته.. وحينما يكون حال المسلم كذلك, ونكون قد رأينا ذلك الممثل الذي "جسد" صورته في مسلسل ما,واصطبغت صورته في أذهاننا, ثم سمعنا آية أوحديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم, أو شيئا من سيرته, أو أردنا أن نتبعد على نهج مما قاله أوفعله محمد صلى الله عليه وسلم, فالسؤال هنا ... ماهي الصورة التي ستترآى في مخيلة العابدين, الراكعين, الساجدين, الطائفين هل هي صورة محمد صلى الله عليه وسلم أم صورة ذلك الممثل؟!. شيئ مرعب حقا, إنها كارثة ذهنية فكرية ستحل بالأمه, لقد استبدلنا محمد صلى الله عليه وسلم بشخص من الشخوص نتعبد الله به, ونحن من صنع ذلك بأيدينا, وعلى أيد ثلة ممن يفترض أنهم من علمائنا وموجهينا!.. إن الشخصيات القوية المؤثره وخاصة التي ترتبط ذهنيا بالعابد, لاتحتاج لحكم أو شهادة من الفن كي يزكيها, لأن التاريخ قد أجمع على مكانتها وفضلها بين البشر, وسيكون الفن نقيصة عليها وليس مكملا لها, وقد تكون بالفن مبتذلة هزليه وعرضة للتمييع والنقد... الموقف من الدين موقف جدي لايتحمل الهزل واللعب أوالتهاون من خلال مسلسل يغلب عليه طابع المتعة واللهو والاسترخاء.. يقول الله جل جلاله في كتابه العظيم" وماخلقنا السموات والأرض ومابينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين" تركي الربيش [email protected]