في كل بيت يوجد فيه أحد كبار السن, أما الوالدين أو الجد والجدة وهم جميعا منبع البركة والطمأنينة. والاركان التي تسند الاسرة قبل البيت ,من الوقوع والانهيار. ولكن ماذا لو !! تزعزع هذا الركن ؟ ولم تستطع ان تسندة مع العلم انه هو الذي سندك طول حياته.. هذا المرض السارق هو ( الزهايمر ) وأبي الغالي مصاب به .. ولماذا هو سارق !! لأنه عندما يسقط هذا العملاق في عتمة الذاكرة, وعندما تكون مرآته مغبشة لايرى فيها بوضوح, عندما يكون المرض في الكبرياء والكرامة, وتشعر أنك غبت عن الفهم والادراك ثم ترجع لك اجزاء القصة وتغيب الف مرة فهنا يحدث الشرخ وانكسار الروح وفوز الكآبة والحزن .. أبي مازال موجودا بهيبته وقوامه ولكن هو لايعرف حتى ملامح نفسه .. وهذه البدايات فقط من هذا السارق !! اما قسوة هذا المجرم فهو عندما يسرق حتى الكلمات والأحرف من لسان أبي وحتى إحساسه وشعوره بالجوع وحاجته إلى الحمام نسيها وسقطت من ذاكرته إلى الظلام.. فهو يرى الوجوه التي تحبه ورعاها بحبه, وكانت زينة حياته الدنيا كلها .. ولكن لا يعرفها .. فهو يعيش بينهم ولكن بوحدة وأحيانا يحسبهم أعداء , وحتى بيته الذي بناه بشقاء السنين لم يعد له ولا يرتاح فيه .. فعلا بلا ذاكرة لا يوجد إلا الفراغ ... عندما أتذكر شخصية والدي وأذكر ذاك الهدوء والاتزان والحكمة وسرعة البديهة وحتى ( العيارة ) أحيانا .. ويأتي هذا السارق ويسرق كل هذه الصفات .. فهو يغيب العقل, ويعدم الحس ويبقي هذه الروح خاوية وهذا الجسم فارغا .. بإمكانك في أي مرض سؤال المريض ؟؟ ما يؤلمك ؟؟ وماذا تحتاج ؟؟؟ ولكن الزهايمر يسرق الكلمات والتواصل ,, ولا تبقى إلا نظرات الأعين الحزينة, وبعد ذلك تأكل وجهه العبرات وينكسر وينزل رأسه.. أبي الغالي الآن يعيش على إحساسنا وحبنا له .. نشعر بجوعه, ونحس ببرده, ونبتسم عنه , وبعيداً عنه ندعو له ونبكي عليه.. فنحن لا نعلم متى هذا الشريط يتوقف؟ وعلى أي جزء؟ وما هي الذكريات الباقية وأي شي سوف يمسح؟ فعلا أيقنت أن ابن آدم ضعيف ولا يستطيع أن يفعل شيئاً بدون عقله.. * ولنبدأ تجربة بسيطة وهي عندما نضيع بعض الاشياء التي تخصنا, ونبدأ بعصر ذهني لنتذكر . ونفشل ونحاول ونفشل أيضا.. عندما تفقد محفظتك أو جوالك أو مفتاح سيارتك !! وأيضا ما هو شعورك عندما تقابل شخصاً تعرفه ويعرفك بالاسم وتنسى اسمه؟؟ ما هو شعورك بالوهلة الأولى !! تخيل أن هذا الشعور على أغلى ما تملك وملازم معك كل العمر ... * هذا السارق سرق جدي ثم جدتي وأبي الحبيب مصاب به.. وإلى الآن لا يوجد له علاج ولكن له دعوات ودعوات وأجر بإذن الله .. أرجو التأمل في هذه الحقيقة .. قال تعالى ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئاً ) اللهم أشف جميع الناس وارحم أموات المسلمين واكفنا شر الأمراض يارب العالمين ... فيصل فهد العثيم متطوع بالتوعية عن مرض الزهايمر فيلادلفيا ..أمريكا