صليت ظهر الخميس في جامع الخليج ببريدة وبعد الصلاة حاول أحد الإخوة وهو رجل خمسيني من الصف الذي أمامي النهوض لكنه لم يستطع ومع المحاولة سقط على جنبه الأيمن ثم استلقى على ظهره . اقترب منه أحد الإخوة وحاول مساعدته لكن قواه الجسمية كانت ضعيفة جداً اقتربت منه واجتمع معي آخرون والرجل ينظر إلينا لكنه لا يتكلم . طرح أحد الإخوة نقله للمستشفى ، فقلت : نتصل على الإسعاف فهو بجوار الجامع . كنت منذ زمن وأنا أحفظ رقم الإسعاف استشعر أن اختيار ثلاثة أرقام توحي بأن الأمور الإسعافية لا تستحمل أن يتأخر المريض لاستكمال سبعة أرقام كالهاتف الثابت ، هكذا خيل لي وليتني لم اكتشف حتى استمر بقية حياتي وأنا مطمئن على مجتمعي . اتصلت بالرقم ورد علي العمليات فقلت له : نريد إسعاف عاجل لدينا رجل شبه فاقد الوعي . قال لي : عفواًً جميع الفرق خارجة لإسعاف حوادث وأقرب فرقة لكم إسعاف القرعاء وهي تبعد عن موقعي قرابة الأربعين كيلاً . قلت لمن حولي انقلوا الرجل قرب الباب وأنا أذهب به في سيارتي الخاصة . كنت في طريقي إلى المستشفى أحوقل وأتساءل كم بقي من بريده سالماً إذا كانت كل الفرق خارجة للإسعاف ؟ ومع مروري على مركز إسعاف الخليج فوجئت بسيارة إسعاف واقفة . ليس عندي من الوقت ما يكفي لمناقشتهم فذهبت للمستشفى الذي أخبرني بمؤشرات جلطة لهذا الرجل أسأل الله له السلامة والعافية وأن يجعل ما أصابه كفارة لذنوبه وأن يرده إلى زوجته وأطفاله سالماً خصوصاً ومصابه في بيت من بيوت الله وبعد أداء فريضة من فرائضه وصلاة على ثلاث جنائز . قلت في نفسي كم من مصاب بجلطة كان تأخر إنقاذه سبباً لمضاعفتها أو وفاته ؟ وكم من المسؤولين سيكون مسؤولا أمام الله عن تلك النفوس التي أزهقت بسبب إهمال الإسعاف المبكر ؟ وكم من المسؤولين من سيصطف في طابور القتلة يوم القيامة ليسأله الباري : بأي ذنب قتلت تلك النفوس حينما تساهل المسئولون في بيان الاحتياج ولم يسارعوا في تحقيق أعلى الإمكانيات ؟ وبعد أن استلم المريض ذووه عدت لمركز الإسعاف لتحقيق مبدأ المساهمة في الإصلاح وسألت : لماذا تعتذرون عن إسعاف مريض بجواركم وعندكم سيارة إسعاف متوقفة ؟ قالوا لا يوجد هنا إلا فرقة واحدة والسيارة الثانية مجرد احتياط . قلت ولماذا نضطر إلى فرقة خارج بريدة ؟ قالوا : لا يوجد في بريدة سوى ثلاث فرق كل فرقة مكونة من شخصين ودوام الفرقة اثنتا عشرة ساعة . يعني لا يوجد سوى ست فرق تتناوب على مدينة بريدة نصفها يرتاح ونصفها يداوم . وقد تأكدت من هذه المعلومة من العمليات حيث أفادني بوجود ثلاث فرق واحدة بالضاحي وواحدة بالخليج وواحدة على طريق النهضة شمال بريدة . مسكين يا صاحب الحادث رقم أربعة حتى لو كانت حياتك مرتبطة بسرعة الإسعاف فإمكانيتنا لا تسمح . وماذا لو حصلت كارثة جماعية ؟ هل يرضيك الحال ياسمو رئيس هيئة الهلال الأحمر؟؟ عذراً لثمانمائة ألف نسمة تعيش في بريدة معتقدين أن هيئةالهلال الأحمر الرئيسية قد أمنت الطوارئ الصحية في القصيم وبريدة خصوصا وأن العوق من الاتصال . كانوا يحثوننا على حفظ رقم الإسعاف للطوارئ يوم أن كنا طلاباً لكنهم لم يخبرونا أن شرط الإبلاغ ألا يتعدى رقمك ثلاثة . كنا نحلم بطائرة عامودية ولم أكن أعتقد أنه مرتقىً صعباً والآن نريد دعم لعدد الإسعافات وعدد المسعفين نريد ياسمو رئيس هيئة الهلال الأحمر أن يكون المسعف هادئ النفس مطمئن البال فحياة أشخاص مرتبطة بنفسيته وهدوئه لا نريد مسعفاً مضغوطاً في العمل لنصف يوم . نريد ياسمو الأمير من هيئة الهلال الأحمر أن تفتح باب التطوع للشباب الذين يتجمهرون في الشوارع ويضايقون الناس ليستغلوا تلك الطاقات بما يعود عليهم وعلى أمتهم بالنفع ونصيد مجموعة عصافير بحجر ولا يمنع منحهم مكافآت تشجيعية . نريد سيارة إسعاف صغيرة بكل حي تحمل تجهيزات للإسعافات الأولية للنزيف والحروق ومن يحتاج الأوكسجين أو الإنعاش القلبي الرئوي تصل بسرعة لمكان الحادث وتحدد أولويات الإسعاف في حال وجود ضغط . وأخيراً أقول : وظفوا الشباب وأنقذوا المرضى . @@@ مقالاتي السابقة في صحيفة عاجل http://www.elwsata.com/uploads/1330003861_101010.htm إبراهيم بن محمد البرادي [email protected]