في مقالها «لا تزال مساواة المرأة في الولاياتالمتحدة وهماً!» تقول الكاتبة الأميركية (Jessica Valenti) مؤسسة حركة فيميناشين: «لا أعارض هنا إدانة الأعمال الوحشية التي تتعرض لها النساء في الخارج. ولكن الكثير منا في الولاياتالمتحدة تجاهل الظلم الذي تتعرض له نساؤنا. إن النساء الأميركيات يعانين تحت ظل الوهم الجماعي أن المرأة في أميركا قد حققت المساواة. ولكنا في الواقع نحتفل بلحظة (قوة وانتصار المرأة) التي لا وجود لها. إنه سراب المساواة الذي خدعنا بأنه الحقيقة. ورغم الانتصارات التي حققتها المرأة على مر السنين، فإن النساء ما زلن يتعرضن للاغتصاب والاتجار بأجسادهن والانتهاك والتمييز العنصري. لقد حان الوقت لنوقف خداع أنفسنا ونصرخ بقوة (النساء في هذا البلد لا يتمتعن بالحقوق التي نعتقد أنها أصبحت من المسلمات)، فبعد كل هذه السنين لا يزال يتم العثور على جثث نساء أطلق عليهن النار في الشارع، وترتكب حوالي ثلث جرائم قتل النساء في الولاياتالمتحدة على يد الزوج أو الصديق، وأحد الأسباب الرئيسية للوفاة بالنسبة للنساء الحوامل هي القتل على يد أحدهما. وقد أظهرت دراسة أجراها المركز الوطني للبحوث وعلاج ضحايا الجرائم أن العدد الفعلي لاغتصاب النساء في الولاياتالمتحدة في عام 2008 كان أكثر من مليون حالة. والإحصاءات المحزنة لا تتمحور فقط حول العنف، فأكثر من %85 من النساء في الولاياتالمتحدة ليس لديهن عائل! مما يضطر المرأة للعمل وتقاضي حوالي 76 سنتا مقابل دولار واحد للرجل! وتشكل النساء الغالبية العظمى للفقراء في أميركا. فلماذا إذاً لا نزال نلبس الغمامة؟ يعلم معظم النساء أن التحيز ضد المرأة موجود، ولعل مسألة مواجهة هذه الحقيقة قد تكون مخيفة للغاية، أو ربما تشمئز بعض النساء الأميركيات من رؤية أنفسهن «كنساء مضطهدات»، ويشعرن أنه من الأسهل النظر إلى النساء في الدول الأخرى على أنهن هن الضحايا الحقيقية! إن الحق في التصويت والعمل خارج المنزل والقوانين التي تجرم العنف المنزلي لا تغير من واقع حياة المرأة، فهي لا تحمي مليون امرأة من الاغتصاب أو تمنع تعرّض الجنديات للاعتداء». كانت هذه مقتطفات يسيرة من مقال جيسيكا فالنتي، وأحب أن أضيف لها هذه الأرقام: - 10.4 مليون أسرة تعولها الأم فقط- دائرة الإحصاءات الأميركية. - في كل 90 ثانية اغتصاب، وفي كل حالة اغتصاب يبلغ عنها هناك 10 حالات لا يبلغ عنها RAINN. - 42 مليون جنين قتلوا بالإجهاض في أميركا خلال العقود الثلاثة الأخيرة. - أكثر من 65 مليون شخص أميركي مصابون بأمراض جنسية لا يمكن شفاؤها - CNN. - %22.1 من الأميركيات تعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو صديق - وزارة العدل الأميركية. - %89 من الخدم وعمال التنظيف هم من النساء، بينما يشغل الرجال %97 من المناصب القيادية العليا في الشركات الكبرى - وزارة العمل الأميركية. - %78 من النساء في القوات المسلحة تعرضن للتحرش الجنسي - وزارة الدفاع الأميركية. كل ما أشرت إليه أعلاه ما قصدت من إيراده هنا عقدا للمقارنة بين المرأة المسلمة والسعودية تحديدا والمرأة الأميركية أو الغربية عامة، لعلنا نحطم ذلك الانبهار الذي يسكن البعض، فالمقارنة لا ينبغي أن تنعقد أصلا، فللمرأة المسلمة خصوصيتها الدينية التي تجعل لها دورا وأهدافا تميزها. إذ تحدها أحكام وضوابط الشرع وتحقيق ذاتها وغاياتها في إطار رضا ربها. وإن كان هناك من نموذج مشرق يحدونا الأمل لتطبيقه في واقعنا، وتطمح المرأة المسلمة لبلوغه، فهو بلا شك ليس النموذج الغربي وما آلت إليه أوضاع المرأة. وإنما الرجوع ينبغي أن يكون لما أقره الإسلام وفرضه لها من حقوق في الكتاب والسنة. وكم ستكون المقارنة والمقايسة حينها خادمة للمرأة مناصرة لها محققة لرعايتها وكرامتها وسعادتها في حال أخلصنا النية في التغيير والإصلاح. إنما أردت توجيه الرسالة لكل من يعتقد أن تلك المخططات التغريبية والخطوات المتتابعة الحثيثة في سبيل تخليص المرأة من حجابها، ومزاعم مساواتها بالرجل، والدفع بها إلى أسواق العمل كيفما اتفق، وشرعنة الاختلاط وغير ذلك - يمكنه أن يرتقي بالمرأة! إن نتائج عقود من النضال والمساعي المضنية لحركات تحرير المرأة الغربية لم تخدم إلا الرجل، وها هي الأرقام والحقائق تتحدث عن الواقع الأليم الذي وصلت إليه المرأة. بعض رؤساء تحرير صحفنا الرسمية السعودية يمنعون نشر المقالات والتقارير التي ترفض ما لا يمت للحقوق الشرعية بصلة، أو التي تطالب بمراعاة خصوصية المرأة وما يضمن لها الراحة والأمن في التعليم والعمل ، وحجتهم في ذلك أنه لا يجب نشر أية أفكار أو رؤى تتعارض مع الانفتاح والإصلاح وتعوق التنمية!! أظن -والله أعلم- أن تلك العقليات التي يحملونها أحوج ما تكون هي إلى الانفتاح والإصلاح الحقيقيين .