وسط زحمة مراجعاتي للدوائر الرسمية , نصحني الكثيرون اللجوء الى معقب لاختصار الوقت والجهد , ودوما ما كنت استغرب وماذا بجعبته أكثر من المجهود الذي أقوم به , وقد وجدت نفسي في أحيان كثيرة أستسلم للظروف وألجأ الى ما يسمى معقب . وهو رجل يحمل شنطة , يضع فيها الجوازات أو الهويات التي يشتغل عليها , وبعضهم يستعمل مطاطة يلف بها عنق الأوراق ويمنع تساقطها , وكانت كلمة معقب جديدة على مسمعي عند عملي في منطقة الخليج تماما مثل كلمات تعلمتها مع مرور الوقت مثل : مرة , تطعيس , تفحيط , تقبيل , متسبب ..... الخ والعديد من المعقبين الذين تشرفت بمقابلتهم أحيانا بالشارع لأنهم لا يملكون مكتبا أو في مكاتبهم الضيقة الراسية بجانب المؤسسات الرسمية مدخنين , والنسبة الأكبر تمنح مواعيد دقيقة باليوم والساعة والدقيقة , وعند الموعد تغلق جوالها لساعات أو أيام . يمتلكون أعصاب هادئة , وأمزجة متقلبة بحسب طبيعة الزبائن , أحدهم زودني بفاتورة بدون توقيع أو اسم المكتب أو رقم هاتف أو أي تفاصيل , وعندما رمقته بنظره فضوليه رمقني بأخرى معاتبه , وكأنني لا سمح الله اتهمته باللصوصية ..............؟ أحدهم التقيته في العتمة , وتسلم أوراقي ومشى , وعندما سألته عن رقم جواله , قال نلتقي هنا غدا ولا داعي للاتصال , قلت سبحان الله , هل تضمن حياتك وحياتي حتى الغد , تضايق وحشر في جيبي بزنس كارد , لا أدري هو له أم لطبيب الأسنان ............؟ قبل أيام قرأت في صحيفة اعلانية عن حاجة مؤسسة كبرى لمعقب بمؤهل المرحلة الابتدائية , ولا أدري ما السر في هذا الشرط , ما المانع أن يكون جامعيا , بل من وجهة نظري المتواضعة يجب أ يكون جامعيا , فمهنته حساسة , وفي ذمة شنطته أو مطاطته أرواح أطفال وعائلات . فهو يشرح برامج كمبيوتر غاية في الدقة والتعقيد وحتى يعرف نقاط ضعفها أكثر من المبرمجين الذين يدرسون في أعرق الجامعات وحتى يتابع القرارات قبل وبعد وأثناء صدورها بعضهم يعمل كالفيروس يدرس النظام أكثر من الذين صاغوا بنوده , ثم يفتي لزبائنه بناء على تحليلاته والسحر الذي يعول عليه في انجاز أي معاملة سواء كانت قانونية أم قانونية ...؟ وخلال تعاملي مع عشرات المسؤولين في مواضيع تتعلق بأوراقي الخاصة أو غيري , تمنيت أن هؤلاء المعقبين الذين يستيقظون مع صلاة الفجر يوميا يتبعون لجهة رسمية أو لديهم مرجع نطلق عليه شيخ المعقبين , يتولى التنسيق بين الطرفين , ويحدد الأسعار ...؟ زحمة المدن وتباعد المسافات والدوائر الرسمية في العديد من الدول العربية هي التي شجعت هذه الشريحة من المعقبين على الاستمرار , وكنت أتمنى على كافة دولنا العربية , تأهليهم بدورات تطويرية , فحتى حارس العمارة في بعض الدول يلتحق بدورة تأهيلية ...؟ لقد كانت عبارة وزير العمل في المملكة الدكتور عادل الفقيه واضحة في عزمه على تصويب الأمور عندما قال ( شكرا لمن أهدى الي عيوبي ) , وفعلا هكذا يكون المنصب مكرسا لتصحيح الأمور بعين المسؤول وحكمته , بصورة نقية خالية من الشوائب والمواد الحافظة ؟ أمنيتي والعشرات غيري من المواطنين والوافدين أن تنتهي المعاملة عند شباك واحد , وعدم ارغامها على التجوال برحلة بين عشرات الشبابيك في عشرات الدوائر , وربما في عصر التقنية أصبحت الأماني سهلة ؟ والأمنية الثانية أن يكف الأطفال بالتدخل في أوراق الكبار , فأنا لا أتخيل طفلا يهمس في أذن والده الذي عجز عن تجديد أوراقه , أن الحل يا والدي أن تحضر أوراقا جديدة وتضع عليها أسمائنا وصورنا ... ؟ والأمنية الثالثة , أن يتم مراجعة القوانين وتصويبها شهريا , فبعض البنود العقيمة , جاثمة منذ عقود ولم يتفحص قلبها أحد ...؟ والأمنية الأخيرة , أنه مع قرارات تشغيل الاناث أن يكون هناك معقبات , فكم سيدة أعمال تفضل التعامل مع سيدة مثلها ؟ وكم زوجة تلوم زوجها لأنه عجز عن انجاز معاملة , لو كان هناك معقبات لنعم العديد من الأزواج بالهدوء ..؟ لقد استوعبت أرض المملكة وما زالت ملايين البشر الوافدين غالبيتهم بفضل الله مسلمين , وكنت أشعر بالأسى عندما ألمح وافدا استغل الأرض التي يرتزق من خيراتها , فيعربد بمخدراته وخموره وقلة أدبه , وكم تمنيت أن تكون مفرزه في بلده تحجب من على شاكلته من القدوم الى المملكة لأنه يشوه صورة بلده وبلدنا ؟ قبل أيام اندلع عراك بالأيدي - كنت شاهد العيان - بجانب حاوية نفايات , كاد أحدهم والذي يمتلك عيون ابليسية اجرامية يذبح منافسه على الغنيمة الموجودة بداخل الحاوية وهي كراتين فارغة يجمعوها ويتاجرون بها , حيث أصر كل منهم أن الحاوية له , من أحضر هؤلاء وأين كبيرهم .....؟؟ أنا من أشد المؤيدين لليد الوطنية الحريصة والمسؤولة , وقد لمست أثناء تدريبي لعشرات الشباب الذين انخرطوا في برامج السعودة حسا وطنيا , يفتخر به أي مسؤول وولي أمر , كما كان قرار وزارة العمل بنظام النطاقات حكيما في اغلاق أي مؤسسة متقاعسة في تحقيق نسبة السعودة , حيث عمل القرار على تحمير وجوه مئات الشركات ......؟ ورغم كل ذلك ما زالت شكاوي التلاعب بالسعودة الوهمية وتجارة الفيز ونقص القضاة في قضايا الحقوق قائمة رغم كل الاحتياطات ... ؟ لا أجد مبررا لأحد بعدم العطاء , فأي دولة عربية تمنح مواطنيها رواتب بدل بطالة , وتعاقب من يوصد الباب في وجوههم سواء كانوا من الشباب أو الفتيات ؟ وكم دول عربية أرسلت مئة ألف من أبنائها وبناتها مع مرافقيهم على نفقتها في برنامج الابتعاث , ماذا يريد شباب الوطن دلالا أكثر من ذلك ... .. ؟ وكم دولة عربية خصصت ربع ميزانيتها للتعليم ؟ عالم الشغالات والسائقين والمشعوذين له عالم اخر , فيه تطيب الحكايات المرة والحلوة ...أما عالمي ...؟ فطين عبيد اعلامي فلسطيني [email protected] - - - - - - - - - - - - - - - - - تم إضافة المرفق التالي : صورة فطين.jpg