مفردة مُعقب دخلت إلى لغتنا العملية مع الأنظمة الإدارية تقريبا . ولا أعلم عن تعامل رسمي يجري إنجازه دون " معقب " .. وحقيقة هي مهنة ارتزق منها قوم في بلادنا وعلى وجه الخصوص ، أو لنقل إننا أكثر من غيرنا . ونرى باستمرار البحث عن معقب بواسطة إعلانات مبوبة. وفي المعاجم : والمُعَقِّبُ الذي أُغِيرَ عليه فَحُرِب، فأَغارَ على الذي كان أَغارَ عليه، فاسْتَرَدَّ مالَه ( وهذه صفة لا تليق بالمعقّب عندنا ). وتأتي المفردة عن الحديث والتحدث والحوار فيقال : عقّب فلان على فلان ، أي على ماقال من أفكار . ويختلف المعنى في قوله تعالى :لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه أَي لا رادَّ لقضائِه. وقال الخليل: كلُّ مَن ثَنَّى شيئاً فهو معقِّب قال لبيد: حَتَّى تَهَجَّرَ للرّواح وهاجَها طَلَب المعقِّبِ حقَّه المظلوم قال ابن السّكيت: المعَقِّب: الماطِل، وهو هاهنا المفعول به، لأنَّ المظلوم هو الطالب، كأنّه قال: طلب المظلوم حَقّه من ماطله. وقال الخليل: المعنى كما يطلب المعقِّبُ المظلوم حقَّه.. المهم أن الكلمة فصحى . وترد الكلمة في اللغة الإنجليزية تحت اسم Expeditor وهو الذي يُفعّل بسرعة أو يُعجّل . لكن يقل استعمالها بسبب أنهم لا يحتاجون إلى معقب لتسيير أمور حياتهم . فكل شأن أهلي يأتي بواسطة البريد ، سابقا ، ولاحقا عن طريق الحاسوب والهاتف . والبعض عندنا يرى أن الحاجة إلى المعقبين ستظل قائمة مادام التعب ينشأ من تباعد الأماكن في مدننا ، وزحمة السير وقلة المواقف والأرقام وتضارب أنظمة مع أنظمة أخرى. وفي الشركات الكبيرة في بلادنا مكانة محبوبة للمعقب ! مؤقتة أحيانا . فقد كنتُ أمشي في دهليز منشأة كنتُ أعمل فيها . وبينما أنا كذلك إذ قابلني وجها لوجه موظف ذو مرتبة عليا . لاحظتُ أنه فتح يديه الاثنتين وكأنه يهم باحتضاني ، وبترحيب عالي الصوت قائلا : أهلًا ... أهلًا .. عبدالعزيز . وعجبتُ لأنني لم أعتد ذلك منه . لكنني اكتشفت أنه يقصد معقبا يعمل بذات المنشأة واسمه عبالعزير ، يسير بمحاذاتي مباشرة ، ولدى الأخير للموظف جواز سفر الخادمة لإخراج إقامة..