رحمهم الله تلكم البطلتين الشهيدتين غدير كتوعة وريم النهاري واللتين آثرتا إنقاذ طالبتهن ممن لا زلن يعشن أعمار الزهور عن النجاة بأنفسهن من الحريق الذي ابتلعهن في مدرستهن الأهلية "براعم الوطن" ،ونحسب أنهما تمثلتا قوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا(. استشهدت الشهيدتان في مقابل حياتنا جميعاً كما دلت على ذلك الآية الكريمة،فغفر الله لهن ورحمهن وجعل مثواهن الجنة برحمته فهو أرحم الراحمين ومُنجد المستضعفين. لن أغوص كثيراً في مسببات هذا الحادث الجلل،فلعل الكثيرين ممن يحسنون ترتيب الكلمات وجمع المسببات الحقيقية من مصادرها الصحيحة،سبقوني في الإدلاء بدلوهم في هذا الشأن، ومن المؤكد أن القارئ ستنهمر عليه المقالات التي تعطي الحدث نصف حقه ، وعلى المتلقي الاستعداد للاطلاع على هذه المقالات طوال الأسبوعين المقبلين،وبعدها سيعود كل كاتب وكل مكتوب له إلى قواعدهم سالمين ناسين أو متناسين! لافرق. لا أعرف إن كان اللوم يلقى على الدفاع المدني مثلاً في عدم نجدة المدرسة المنكوبة، أو إذ كان لا يعلم أن نوافذ المدرسة مُسيجة بقضبان الحديد! ، أو من جانب آخر هل كان هناك من تقاعس من قبل إدارة المدرسة عن تأمين وسائل السلامة ومخارج الطوارئ في مثل هذه الأزمات،أو أن اللوم الكبير يقع على وزارة التربية والتعليم ممثلة بإدارة التربية والتعليم، في عدم متابعتها لوسائل السلامة في جل المدارس،كل مانعرفه أن المدرسة بحسب صحيفة الرياض والتي بدورها علمته من مصدر رسمي بتعليم جدة كانت ملاذاً آمناً !للدورات التدريبية! واجتماعات المعلمات والمشرفات التربويات رغم أن المبنى بحسب وصف الخبر شبيه بالسجن من الخارج فضلاً عن ممرات وسلالم ضيقة في الداخل مع وجود الكافتيريا في القبو في موقع يتكدس فيه الطالبات غالباً،معتبراً ذات المصدر أن نتيجة الإصابات وحالات الوفاة كان ضئيلاً ! مقارنة بواقع المبنى فلله الحمد على لطفه الذي لم يكلنا إلى كفاءتنا!. كذلك هل يجعلنا الحادث نتحدث ونستفهم عن من أوصل هذه الطاقات البشرية من المعلمات للرضاء بنصيبهن والصبر على فتات مادي قليل من المدارس الأهلية هرباً من البطالة. جلها افتراضات لمسببات لابد وأن البعض أو الكثير منها قد حدث،وإلا لما تكررت هذه الفاجعة الثانية بعد شقيقتها الأولى المتمثلة بحريق المدرسة المتوسطة للبنات بمكة المكرمة في مارس 2002م ذلك الحريق الذي أودى بحياة 15 طالبة. حري بالمسئولين العمل بجد وتقصي الحقيقة المجردة للمتسببين بوجود مدارس غير مهيأة لحالات الطوارئ القصوى،ومعاقبة كل مقصر وإعلان ذلك للملأ،فأهالي الضحايا والرأي العام كذلك الذي هالته الفاجعة،لهما الحق التام في معرفة المقصرين وحجم محاسبتهم. أخيراً أقل ما يمكن عمله في هذه الدنيا لهاتين الشهيدتين،هو العمل على منح أسرتيهما منزلين ،حيث أن من كان يدفع إيجار شقتي الأسرتين استشهدتا، فمثلاً الشهيدة ريم النهاري يقول خالها حسب ما نشر أن ريم كانت رحمها الله تعول أسرتها لأن والدها مصاب بأمراض القلب ووالدتها توفيت قبل عام، ولديها أخ معاق وخمسة أشقاء أطفال وكان همها وشغلها الشاغل رحمها الله توفير (إيجار الشقة التي يسكنون بها) كذلك حبذا لو تم إطلاق اسم الشهيدتين على أكبر مدارس البنات في محافظة جدة،أو أي محافظة أخرى ليكون ذلك تخليداً لهاتين البطلتين المفخرتين وليكون خير دافع وجالب للهمة لطالبتهن آلاتي نجين مقابل استشهاد معلمتيهما!. فما أجمل على سبيل المثال لو شاهدنا مسمى مجمع الشهيدة ريم النهاري لتحفيظ القرآن الكريم ومجمع الشهيدة غدير كتوعة للموهوبات،ولا أعتقد أن وزارة التربية والتعليم ستبخل بهذا القليل على هاتين البطلتين اللتين نرجو الله أنهما لا يخرجان عن دائرة الأصناف الواردة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (الشهادة سَبْعٌ سِوى القَتل في سبيل الله، المَطْعُون شَهِيدٌ، والغَريق شهيد، وصاحِب ذاتِ الجَنْب شهيد، والمَبْطُون شهيد، وصاحِب الحرق شهيد، والذي يَموت تحتَ الهَدْم شَهيد، والمرأةُ تَمُوت بجُمْعٍ شَهيدة) . وقفة: القليل من الإهمال قد يولد الكثير من الأذى سلطان الفراج [email protected]