يولد الإنسان وينمو ويمر بمراحل الطفولة والشباب والرجولة والكهولة ثم العودة للخالق سبحانه ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، قال الله تعالى :- (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( أكثروا ذكر هادم اللذات ) ، والسعيد إن شاء الله من استغل المراحل الثلاث الأخيرة بطاعة الله سبحانه والتقرب إليه ، والأسعد من يسعى ويبحث عن عمل الخير ويوصي غيره بالبحث له عن عمل مشاريع الخير وهو قادر على ذلك ، لا يبتغي من ذلك إلا رضا الله سبحانه الذي منحه هذا الخير الذي ينعم فيه . مساء يوم الجمعة 27/ 8 /1432 ه الموافق 28/ 7 / 2011 م ، فقدت محافظة البكيرية أبرز أبنائها البررة وأحد رموز ورواد العمل الخيري بالمملكة ، والذي ولد في البكيرية سنة 1342 ه ، إنه معالي الفريق أول متقاعد / عبدالله راشد البصيلي ، حيث انتقل إلى رحمة الله تعالى في مدينة الرياض عن عمر يناهز التسعين عاماً ، قضاها في خدمة دينه ووطنه ومجتمعه رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، إنه سميع مجيب . الفريق البصيلي غني عن التعريف ، ليس لأنه (حارس الملوك ) ، كونه قائداً للحرس الملكي في عهد الملك / فيصل ، والملك خالد ، والملك فهد ، بل لأنه من نذر نفسه لعمل الخير في شتى صوره ، والبحث عنه في كل مكان المتمثل بمشاريعه الخيرية ، التي زرعها في معظم المدن والمحافظات ، بل وفي الدول العربية والإسلامية....ولن أتطرق إليها فقد سبق وأن ترقت لها معظم صحفنا المحلي. وبحكم علاقتي القوية فيه وبأبنائه وأبناء أخيه ، فقد سعدت كثيراً بحضور مجلسه العامر في البكيرية ، خصوصاً بعد إحالته للتقاعد ، فقد كان يحب مسقط رأسه ، وينتقل إليها في السنة ثلاث مرات تقريباً . كان رحمه الله دائم الابتسامة ، صاحب نكتة ويبحث عنها ، لا يتكلم إطلاقاً عن حياته العسكرية وحراسته للملوك من منطلق الأمانة والإخلاص لولاة الأمر ولعمله ، حيث كان لا يعرف أحد عن عمله العسكري سوى أنه قائداً للحرس الملكي فقط إلى أن توفي رحمه الله ، كان لا يستجيب لدعوات محبيه من باب حرصه أن لا يكلف على أحد منهم ، كان زاهداً جداً لا يحب المظاهر ، يعيش عيشة البسطاء ، لا حشم ولا خدم ، سيارته من أقدم السيارات وهي من نوع مرسيدس موديلها على ما أعتقد من صناعة التسعينات...قد لا تصدق أن من يبذل مئات الملايين على المشاريع الخيرية أن تكون تلك مركبته..وأعتقد أن الكثير من يقرأ هذه السطور لن يصدق ذلك أيضاً . كان رحمة الله تعالى يحمل وطنية خالصة تجاه وطنه ، وخصوصاً مسقط رأسه محافظة البكيرية ، فقد أنشأ على نفقته الخاصة ، أولى مشاريعه التأهيلية وهو مركز التأهيل الشامل مع تجهيزه تجهيزاً كاملاً بالأجهزة الخاصة بالنزلاء ، وأنشأ جامعاً يحمل اسمه بالإضافة إلى إنشاء عدد من المساجد ، وداراً لتحفيظ القرآن الكريم ، كما أنشأ أكثر من ستة مجمعات سكنية تتكون من خمسة أدوار جعلها وقفاً لله تعالى ، كما شملت مشاريعه الخيرية معظم مدن ومحافظات المملكة حباً لوطنه وتقرباً لله تعالى . لن أوفي هذا العلم البارز في عمل الخير حقه في بضعة سطور فهو أكبر من ذلك بكثير ، لكن فقط أردت أسجل فيه كلمة وفاء لما قدمه من أعمال يرية عملاقة لوطنه ولمجتمعه . دعاؤنا له بالرحمة والغفران وأن يسكنه فسيح الجنان ، وأن يلهم زوجاته وأبنائه وبناته الصبر والسلوان ، والعزاء لأنفسنا نحن أبناء محافظة البكيرية بفقدنا ابناً باراً بما تحمله هذه الكلمة من معنى . وختاماً..رحمك الله يا أبا محمد ، وستجد بإذن الله ما قدت يداك في موازين أعمالك...أنه سميع مجيب . علي عبدالله الشمالي [email protected] البكيرية