كلما مللت من الركض واللهثان خلف الأحلام الزائفة – وقفت ثم نظرت . – نظرت إلى عيون الكرة الأرضية . ثم ناجيت أحلامي وطلبت منها العودة – ولكن إلى أين ؟. إلى رملة المساء الذهبية !! هي وحدها الباقية لي , وهي وحدها التي تقبل كل الكلمات المباحة- لاشيء ممنوع , حتى الكلمات الصادقة يمكنها المرور بلا مراقبة . أخذتنا الثورات , وجعلتنا نركض حفاة عُراة في صحراء قاحلة . - هل هو يوم الحشر ؟!!!!! ( من يدخل النار أولاً ؟) كل ساعة تمر , بل كل برهة تمر علينا نولي وجوهنا إلى شطرٍ عربيٍ أصابته العدوى . هكذا وبسرعة ضوئية يتهاوى البناء المزيف , والهرطقة المنتفخة , والكروش الكبيرة التي تنفجر بسرعة . ثم ُنفاجأ بجائع يصرخ بأعلى صوته" يسقط النظام "!!. - ثم يسقط في نهاية التخريب. إنها تكنولوجيا العيون الجائعة. إنها سُحب التغيير تحمل العيون الصغيرة كحبات الملح . لقد مللت الثورات بالأراضي المالحة ,لأنها وبكل بساطة لا ينفلق زرعها. هل يمكن أن تلتقي الأيادي المالحة في الأجواء المالحة ؟ ( قفوا أيها الأموات ولا تتحركوا وانظروا هناك ) "إنها سحابة تتحرك متجهةً نحونا فيها حبات ملح وعيون صغيرة " . هل ماؤها خصب ؟. هل نستطيع أن نزرع عليه ( اللوبيا والكوسة )؟, هل هذه العيون التي تتحرك مع السحاب عيون أمي وأبي وجدي وجدتي ؟ هل العيون التي تتظاهر مع السحابة عيون أمواتٍ آخرين ؟. " ولكن الأرض المالحة هل تخصب " رملة المساء التي أُقعي فوقها كل مساء ككلب خائف تقول لي :- نعم وممكن لا !!! وتقول أيضاً لقد مرت في زمن ما سحابة مشابهة والفرق بين السحابتين أن القديمة يقودها رجال ملثمون ويدركون جيداً ما يفعلون وسحابتكم هذه تقودها أجساد بلا رؤوس !!!! وتقول أيضاً :- أنا غير متأكدة ولا أعرف التكنولوجيا . وقد حذرتني أيضاً عن الخوض بهذا المجال . وقالت:- عُد إلى أيامك الأولى , إلى زمن كنت تلبس رأساً – عُد إلى حلقاتك الجميلة أنها بمثابة رُقية حقيقية تحفظك من الخوض بالأراضي المالحة ( هل تريدين مني يارملة الجن البائسة أن أستمر كلباً مقعياً دائماً على صدرك ؟). الغصة التي تقف في حلقي لا تدعني أصرخ بقوة . وكلما حاولت انتابني نوبة من خيبات الأمل أضافت على عمري عشر سنوات قادمة , فأشعرتني أنني شيخ من شيوخ المظاهرات القديمة التي تحمل رؤوساً لها " شنبات" إنها معركة بيني وبين الملح تُحركها نُباح الكلاب الضالة , فتغشاني قشعريرةً مُستمدة من سحابة 11 مارس منزوعة الدسم . وفرسان حنين غادروا وهم يصرخون بمؤخراتهم . والعيون التي تزحف مع السحابة صارت عيون عمياء( فقط نزلت بلورات الملح التي لا تسقي الأرض) فأعود أُناجي عنزاتي وأنا أنزع عن جفوني حبات الملح الباردة . مساءُ مُلبد بالغيوم المالحة – شرطة – ملثمون – سيارات سوداء- على جوانبها خطوطٌ زرقاء – همسات من هنا وهناك – إِشارات مرورِ تفتح ببطء – مشائخ ودعاة يرقون الناس والحَمام بصوت عريض- مدافع صغيرة موجهة إلى العيون التي مع السحاب- بروقٌ زرقاء وحمراء على جوانب الطرقات . إنها ساعة الصفر . وسعد بن أبي وقاص المزور يرمي من بعيد وهو منبطح على جبل في أرض الضباب – الطلقات فارغة من الملح وعندما لم تسيل دماء قال :- سوف أرفع دعوى على مصنع السلاح الذي غشنا –" ومن غشنا فليس منا ". غبارٌ كثيف جاء يسأل – أجواء باردة عادت . وعندما هطلت ذرات الملح اقتنعت أن " اللوبيا –والكوسة " فشلت ولادتها وعادت إلى رحم أمها المدعوة " الأرض المالحة " وأخيراً رفعت سماعة التلفون واتصلت على رملة المساء . "أشعلي النار واطبخي لنا القهوة إنني قادم " في البيت تركت أحذيتي , خفت من الزيدي أن يقتلعها من رجلي لضرب (السيد بوش) ثم تحسست جيوبي جميعها أبحث عن "نصف ريال" من مخلفات آخر الشهر خوفاً من مصادرته. في النهاية سألت نفسي :- لماذا الخوف ؟ أنا ذاهب ناحية رملة المساء لأقعي فوقها , وليس معي بيضاً أقذفه على المارة وهل يمكن أن أكون متهماً برمي البيض؟؟. كل الوثائق التي في جيبي تؤكد أنني مولود في سنوات الملح وتعلمت منذ طفولتي شرب الملح . وكل السحب التي تحمل ذرات الملح مرت على جسدي . فلماذا أخاف من الملثمين؟ في 11 مارس لا أحد يصدق سعد بن أبي وقاص المزور بعد اليوم وحنين الحقيقة مختبئة تحت عناقيد العنب فوق قمم الرمال . والسحب التي تحمل عيوناً وأجساداً بلا رؤوس صادرتها المرتفعات الجوية , والأراضي المالحة لا تمطر فضة , والبكاء على الأحباب فرض من فروض القدر . وكل إنسان لا يملك " رملة مساء " فإنه جاهل- ثم وصلت أخيراً بسلام إلى رملة المساء بلا أذى , وقمت بتنظيف عيوني من بلورات الملح , وتجمعت كل العنزات للترحيب بي وسألتني بصوت واحد هل أنت معهم؟ فصرخت عليها بقوة همجية . زنقة زنقة – بيت بيت – حارة حارة لا رجوع - إلى الأمام – ولكنني لست معهم !!!!! فأنا مولود بأراضي الملح. ودمتم " موسى النقيدان "