تابعت كما تابع الكثيرون غيري ما صاحب معرض الكتاب الأخير بالرياض والمستمر حتى الآن من أحداث وفعاليات بل ومشاكسات وتبادل تهم أعتدنا حتى السأم على رؤيتها وسماعها بشكل دوري وفي كل وقت تقام فيه هذه الفعالية . فثلة ترمي بعض منظمي المعرض بالانحراف الأخلاقي والسعي لهدم الدين ونشر الفساد بل وتصفهم بأنهم من أعداء الدين ! والساعين لنشر الفتنة وبث كل ما من شأنه هدم أخلاقنا والتعدي على ديننا. وأخرى تتهم جزافا المحتسبين بأنهم ثلة متهورة , صداميون بطبعهم يسعون لمقاصدهم باستخدام القوة وتغيير المنكر -كما يرونه- بأيديهم دون أي اعتبارات تنظيمية و بعنجهية واضحة لا تحترم النظام. وبرؤية حيادية متأملة ستجد أنه من الصعوبة بمكان أن تعرف المتهم الحقيقي بهذه الشوشرة الحادثة والمتكررة بين الطرفين وأن تقطع بتحميلها كاملة لطرف دون الآخر وكذلك لا تستطيع أن تعرف سر تكررها سنويا بشكل غريب . وهنا تصبح الحاجة ملحة لدراسة الظاهرة و لنشر ثقافة الاختلاف وبث روح الحب فهي العلاج الناجع في حل بل وتجاوز مثل هذه الخلافات التي باتت تتكرر بشكل مزري فيه من الإساءة لنا كأبناء دين واحد ووطن واحد الشيء الكثير . ربما يكون قد جانب الصواب بعض مشرفي المعرض ومنظموه بفسحهم لبعض من الكتب التي تثير استفزازنا بشكل مباشر ومارسوا بعض الممارسات التي تدعم هذا الجانب فنحن بفطرتنا شعب متدين نرفض كل شيء يسيء لرموزنا أو حتى يمس معتقداتنا أيا كانت الذريعة التي يسلكها فاصدوا هذا الخط , ومع هذا الخطأ الجسيم إلا أني لا أجد مبررا واحدا لأولئك الشباب المتحمسين والمحتسبين والذين انتشرت لهم بعض مقاطع الفيديو المزرية والتي تبين كيف تصادموا مع رجال الأمن واشتبكوا مع بعض منظمي المعرض وجاهروا بالإنكار والتعبير عن رأيهم بمنظر غير حضاري أبدا. وان كنت أميل للاتفاق مع معظم ما طرحوه من ملاحظات إلا أن الأسلوب الذي سلكوه لم يكن داعما لرؤيتهم بل كان عكس ذلك تماما . وقد علق الشيخ خالد المصلح تعليقاً جميلاً على خلفية ما حدث حيث قال: "من الفقه الغائب عن كثيرين أنه قد يترك المشروع من إنكار المنكر أو المعاقبة عليه لمصلحة دفع قالة السوء عن الإسلام وأهله، واستحضر من السنة في ذلك احتجاج النبي صلى الله عليه وسلم في ترك قتل المنافق الذي ظهر نفاقه بقوله: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه". وكذلك فعل بعض الكتاب المجتهدين والذين أخطئوا الطريق و راحوا للتشنيع والتجريم بكل منظم وداعم لإقامة مثل هذا المعرض السنوي ,بشكل فيه من المزايدة على الدين والوطن والانتماء الشيء المثير. وأرى أنه مع إشاعة ثقافة الاختلاف واحترام الآراء ونقاشها بشكل علمي و حضاري والاستنارة في ذلك بآراء العلماء الراسخين بالعلم وكذلك الطبقة النخبوية المثقفة من المجتمع سنستطيع أن نجعل من مثل هذه الفعاليات نواة جميلة لجمع المختلفين ونشر المحبة والتشاور الجميل لما فيه مصلحة الوطن ومواكبة التقدم الثقافي العالمي بما لا يتعارض مع قيمنا ومبادئنا . يقول الكاتب طارق حسن السقا في أحد مقالاته (أما المتلقي – أنا وأنت – فما علينا إلا السعي للإلمام بأكبر قدر من الزوايا والرؤى المختلفة للصورة الواحدة, وحينما يدرك أي منا قصورا أو خللا عند صاحب رؤية أو صاحب فكر ، فكل ما علينا أن نتحلى بالإيجابية و نعرض تصورنا ورؤيتنا لهذه الزاوية القلقة – من وجهة نظرنا – عند الآخر, وليكن الهدف والقصد من وراء كل ذلك أن نكمل ما عنده من قصور, أو لنضيف له زاوية غائبة ، أو لنزوده ببعد كان عنه مطموساً , على أن يتم كل ذلك في جو من التقدير والاحترام لكل صاحب رأي سواء اتفقنا معه أو اختلفنا). فاصلة ختام * جميلة تلكم الصورة التي توضح معالي وزير الثقافة والإعلام وهو يتجول في المعرض وقد علق على صدره شعار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد قرأت بها الكثير من الرسائل الرائعة التي أتمنى أن تكون حجر الزاوية لبناء روح ايجابية لدى الجميع نجني حصادها محبة وألفة وتقدم وحتى اختلافا حضاريا لا يفسد للود قضية , وأتمنى أن يقرأها الجميع كذلك ! . محمد بن ناصر الحربي بريده [email protected]