هو كذلك ولاشك .. الغزير بكل معاني الحياة والشامل لكل تجلياتها .. الغزير بالوطنية .. الغزير بالعلم .. والغزير بالإخلاص .. والغزير بالأمانة .. والغزير بحب الناس والمجتمع والأمة. انه النهر الرقراق .. سيرته ملئت الأفاق .. وأصبح قدورة للملايين بذكائه وفطنته .. وطموحه وصبره .. وتحمله وسعة صدره .. بكفاحه وتدرجه .. بحبه الذي لا يوصف للوطن والمواطن.. وبني الإنسان أينما حل به المكان والزمان . انه منطلق الأدب وعقل السياسية وروح الإدارة ورحيق التفاني في خدمة الناس بكافة أطيافهم بغض النظر عن المعرفة أو القرابة أو العلاقة . انه النموذج الرائع الذي لا طالما أعتز بقيمه ومنطلقاته ودينه وأمته وأفنى حياتك متنقلا بين منصات العمل الإداري والسياسي والفكري والأدبي والاجتماعي بتمثيل متناغم ورقي بالغ وتوازن كبير . لم تزيد مغريات الحياة من المناصب والأموال والنفوذ والعلاقات والشهرة وتعدد المواهب التي يملكها غازي ذلك الرجل الحالم إلا تواضعاً ورحمة ونزولاً إلى الناس سواء بعقولهم أو بأوضاعهم أو باحتياجاتهم. لا يزال المواطنين يتندرون بقصصه الجملية إبان كان وزير للصحة وتقمصه لدور المريض ودخوله على الأطباء في زيارات مفاجئة اكتشف من خلالها الكثير من التجاوزات وارتقى بالخدمة إلى أفضل أحوالها بشهادة الجميع حتى أصبح الطبيب يهش ويبش في وجه المواطن خوفا من أن يفاجأ بغازي ضيفاً عليه بلا مقدمات . لا يزال المواطن البسيط يتذكر أول وزير سعودي أوصل الكهرباء إلى القرى والهجر النائية وساوى بينهم وبين اكبر المدن في الخدمة حتى أن المزارع البسيط وأبناء القرية كانوا يدعون له بلا توقف حيث أضاء لهم الحياة وقدم لهم الحضارة على طبق من ذهب . لا يزال الطلاب في بريطانيا يتذكرون أبوته الحانية عليهم وذوبانه معهم كأخ اكبر وهو يبادلهم الابتسامة والمجالسة والمؤانسة ويقدم لهم النصح والمشورة بلا كلل أو ملل . لا يزال المواطن السعودي يتذكر مشهده الشهير حينما شمر عن ساعديه ولبس الطاقية البيضاء وباع الجبن والزيتون للزبائن في السوق بكل ابتسامة وعبرها أرسل رسالة أن العمل أين كان فخر وعزة وسمو وان الكسل والتمني والتشكي لا تزيد صاحبها إلا خبالاً . لايزال الفلسطينيون والعرب اجمع يتذكرون قصائده الرنانة في دعم القضية ومؤازرتها حتى أن الغرب اشتط غضبا منه على قصائده النارية الداعمة لقضية العرب والمسلمين المركزية عندما كان سفير للمملكة في لندن . خرج من المنصب كما دخله بلا ثراء فاحش أو استغلال للسلطة وهنا يكمن سر تمكينه في الأرض وذكره الطيب الذي ملئ السماء والأرض ومحبة الناس له التي هي بأذن الله دلاله على حب رب الناس سبحانه وهي والله لأعظم بشرى . هو بلا أدنى شك أضاف إلى الكرسي ولم يضف إليه , وضع الدنيا بين يديه ولم يضعها في قلبه فتمكن منها ولم تتمكن منه . هنيأ لك دعاء الفقراء الذين كنت تطعمهم من راتبك الشخصي , هنيأ لك دعوات المرضى الذين كنت تواسيهم وتعود إلى بيتك فتبكي على أحوالهم بكل شفافية وتجرد وإنسانية . هنيئأ لك دعوات المواطنين الذي خاطبوك فساعدتهم في أعمال ليس من اختصاصك ولا تقع في نطاق مسئولياتك هنيأ لك وسام الإخلاص فلم تهمل خطابا أو دعوى أو شكوى لمواطن فكانت تأخذ جل وقتك وأنت سعيد بذلك . هنيأ لك همتك العظيمة في الخير فكنت تسعى في توظيف موان ومواطنه وانت على سرير الموت تحتضر !! إلى جنات الخلد يا غزير المكانة والقدر والتاريخ .. وليس بعد هذه الرحلة العظيمة إلا التتويج من ملك هو ارحم بنا من أنفسنا سبحانه . سلطان بن عبدالرحمن العثيم مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات عضو المؤسسة الامريكية للتدريب والتطوير ASTD [email protected]