ما أن صدرت فتوى إرضاع الكبير التي انطلقت مؤخرا حتى طارالمجتمع محلقا بها فهاج وماج بين قيل وقال وكثرة سؤال خصوصا بعدما أخذت الفتوى ابعادا غير مقبولة في الشرح والتفصيل علما أن تلك الفتوى ليست جديدة فهي قد صدرت قبل سنة ونصف تقريبا عن الدكتورعزت عطيه احد علماء الأزهر حين افتى بشرعية ارضاع المرأه لزميلها في العمل حتى تحل الخلوة بينهما وسميت وقتها بفتوى إرضاع الزميل فلاقى استهجانا ومن ثم ابعادا عن مركزه في الازهر ردعا له . أما في مجتمعنا فقد أصبح حال الناس بين أحوال فمنهم من أخذته الدهشة والتعجب ومنهم كال النقد والسب ومنهم من ادخلها الى عالم النكت والفكاهة. حيث انها قدجمعت بين الجد والهزل فاصبح لاجدها جد ولا هزلها هزل فهي من جهة فتوى دينية يجب توقيرها واحترامها ومن جهة اخرى فتحت بابا للسخرية فتداول بها الصغار والكبار من النساء والرجال والولدان فكل صنف منهم يطوله نصيب منها فصار معنيا بها فهي لم توفر احدا فالنساء المعنيات بالادرار والارضاع .! يتوجسن خيفة من ارضاع الرجال ولوسلمنا بالامر فلكم ان تتخيلوا لو ان رجلا بالغا ارتشف حليبا من سيدة فهل سيكون بعدها محرما لها هل هذا مقبول وهل سينطبق عليه ماينطبق على الاخ والابن بمجرد رضعه,! والرجال ليسوا بأحسن حال من النساء فهم يتضاحكون ويهزؤون مبدين استعدادهم للرضاعة بعد هذا العمر , واما الصغاروهم الفئة المغبونة المغلوبة فلسان حالهم يقول كيف بالكبار ان يزاحمونا على قوتنا ومصدر رزقنا الوحيد ,! وانا ارثي لحال ذلك الحليب فهو لن يكفي تلك الجيوش من بعض الرجال اللذين غشيهم حب البر والصله والاحسان فاصبح كل منهم يطمح لان يكون ابنا بارا او اخا واصلا ,,,!!! وهناك من تسائل متهكما بعد تلك الفتوى بانه اذا قدرله وشرب من حليب زوجته وهو في ذلك العمر هل يصبح ابنا لها وبالتالي تحرم عليه ومنهم من تحير في امر العوانس والقواعد اللواتي لايدررن الحليب هل يبقين بدون محارم ان كن وحيدات وماذنبهن وهل من مخرج لهن وفي المقابل الحظ كل الحظ لمن ينسكب منهن الحليب بغزارة ووفره الى اخر التهكمات التي قيلت. وعلى ضوء ماحدث ان اخوف مانخافه في الحقيقه ان تتسبب تلك الفتاوى الغريبه بجعل فتاوى العلماء محل اخذ ورد من قبل العامه ومحل استهجان لن يعود على الدين بخير فتزول الهيبه من القلوب ويقل احترام الفتاوى وبالتالي الامتثال لها فحري بمن تبوأ الافتاء بأن يتبصر قبل اصدار مثل تلك الانواع من الفتاوى وليعلم بان عقول الناس متفاوته فيخاطبهم على قدر عقولهم والا يباغتهم بما قد لايستوعبوا وليبتعد عن الفتاوى المثيره قدر الامكان حيث ان المتابع للحال في هذه الايام يرى الناس كماقلنا بين ساخرومستهزئ وهم الكثره ولم تؤخذ الفتوى منهم على محمل الجد وعلى هذا او اليس الادعى تجنب تلك الاثارة حماية لهيبة الدين. ثم اقول رأيا لمن تبنى تلك الفتوى ولعلي أصيب ولست باعلم منه بلاشك ان كنت استندت في فتواك على حالة سالم مولى حذيفه وسهيله رضي الله عنهم جميعا أوليس هناك فارق وبون شاسع بين تلك الحاله الخاصه التي وجه بها الرسول صلى الله عليه وسلم وبين حاله العامه اللذين افتي لهم بالرضاعه , حيث ان سالم مولى حذيفة كان ربيبا قد تربى في بيت حذيفة وسيهلة منذ صغره وقد خالطهم والتصق بهم زمنا فكان كابنهم فزالت بينه وبينهم الغربه التي تكون بين الناس العاديين وهذا ما استدعى سهيلة رضي الله عنها ان تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فاجابها بارضاعه , وهنا اقول لو ان الفتوى خص بها على صنف واحد من الذكور وهم اللذين تنطبق عليهم مثل تلك الحاله تماما الن يكون الامر ادعى للقبول أي ان يقتصرالارضاع على من أخذ طفلا \" بظم الالف\" ثم ربى عند احد الاسر وعاش معها سنوات طوال واختلط بهم فكان كفرد من افراد تلك الاسره فتكون تلك الحاله موازية لحالة سالم مولى حذيفه ويحل بها اشكالا كبيرا. وبهذا ستنقلب الفتوى من فتوى جدل وحيره الى محل تقدير واعجاب لانها فتحت بابا كبير من ابواب التكافل الاجتماعي من خلال مساعدة الايتام خصوصا ان كثيرا من الاسر لديها الرغبه في تبني او تربية واحدا من هؤلاء الايتام لكنها تصطدم بعائق مهم وهو خشيتها من انها بعد ان تعتاد عليه ويصبح كابن لها ان يفترقا بعد بلوغه تماشيا مع توجيهات ديننا الحنيف مما قد يورث اثرا نفسيا سلبيا عليه وعلى الاسره نفسها. تركي الربيش,,, [email protected]