ليس خافياً على الجميع الحمى المسعورة التي تعم وسائل الإعلام حالياً ،بالتنظير ومنح صكوك الولاء لهذا الوطن العظيم وحجبها عن آخرين، لمجرد خلاف في الرؤى يرد كثيراً حين عرض موضوع عام ، يهم شرائح كبيرة من المجتمع. فمصطلح (الوطنية) يعيش أوج عصوره في مجتمعنا السعودي في الأوانة الأخيرة، فتجد أن خلاف في وجهات النظر حول مسائل ليست بالضرورة \"مسلمات\" تذهب بطرفي الخلاف نحو مناحي اتهامية خطيرة ، فلا يبالي أحدهم ولكي يقنع الطرف الآخر بوجهة نظره ، بإرهابه بعبارات كبيرة لم يصل النقاش لمستوى يحتم ورودها، مثل (وطنيتك تحتم عليك هذا) أو (هل تجد أن هذا الكلام يصب في صالح الوطن) و (ليس من الوطنية ترديد هذا الهراء!) أو (حكم وطنيتك لكي تعود إلى رشدك). الأغرب من كل هذا، حينما تصدم بأن طرفي الخلاف في الغالب محسوبين على طبقة ينظر لها من منظور تقدير وإعجاب من العامة وهي طبقة (المثقفين والإعلاميين)، مما يجعلك أمام تساؤلات تدخل الريبة في أمرك: يا ترى هل هم صادقون فيما يتهمون؟ ، أم أنهم يريدون فقط تعبئة كل من في الوطن ضد مخالفيهم!.. و كلا الحالتين أسوأ من الأخرى!.. ففي الحالة الأولى ، إذاء كان صادقاً فيما يتهم ، فأنك بالتأكيد ستراودك الشكوك في فكر هذا المثقف أو الإعلامي، إذ أنه يكيل التهم الخطيرة هذه لمجرد خلاف في وجهات النظر!، أو نقاش حاد على أمر ما!! ، أليس يزعم أنه مثقف كبير! أو إعلامي لامع!، أفلا يؤمن بحق التعبير وحرية التفكير، ثم لك أن تسأل ، هل هو الوطني الوحيد المؤهل لإطلاق هذه الأحكام!.. أما في الحالة الثانية وهي التعبئة ضد مخالفيهم ، فالمصيبة هنا تكون أعظم لأن هذا المثقف أو الإعلامي يتحول إلى شخص انتهازي!، يحاول استغلال هذا الوطن لخدمة مصالحه وطموحاته، فمن يخالفه.. عدو! للوطن ويحاول بشتى الطرق استعداء الجميع عليه!!.. أما من وافقه فهو (وطني صميم)!! .. ولا يكتفي بهذا بل يُسبغ عليه الشهادة التي لا تصدر إلا من سعادته! وهي أن هذا الرجل \"وطني غيور\". أتمنى على قارئ هذه السطور أن يسترجع الذاكرة القريبة، وسيجد الكثير ممن طُعنوا بوطنيتهم لمجرد رأي عابر! أو خطأ بسيط! لا يسلبهم هذه الوطنية بالضرورة، فليسوا بجواسيس للكيان الصهيوني! (لاسمح الله)، بل أنك ستجد هؤولاء (المطعنون) في مختلف المجالات!،حتى تلك التي وُجدت للترفيه عن الناس كالفن والرياضة!. كل الأماني بأن تقل ترديد هذه الجُمل الإقصائية! للمخالفين في وجهات النظر ،في وسائل الإعلام، فالوطن كبير ويتسع للجميع حتى للمخطئين بحقه، إن هم عدلوا عن ذلك، كما هو نبراس بلادنا وقيادتها الرشيدة التي أسست لجان مناصحة لمن اكتوت بنارهم من شبابنا (المغرر بهم) كي يعودوا مواطنين صالحين،والذي يُجمع الكل على شناعة خطأهم،ومع ذلك أعطوا فرصة، فما بالك بمن خطأه إن وُجد غير مُجمع عليه!. سلطان عبدالرحمن الفراج email [email protected]