! لم اصدق ما قاله لي أحد الزملاء عن أحد أقاربه الذي يعمل حارس في أحد مدارس البنات بعنيزة ما يعيشه يومياً من مضايقات يعجز الرد عليها لكون هذه الوظيفة هي مصدر رزقه ولا هناك بديل عنها . لن أتكلم عن حضور هذا الحارس للمدرسة قبل العصافير ليقوم بفتح جميع الفصول وخروجه بعد خروج آخر معلمة أو طالبة يعني بعد خروج مدير إدارة التربية والتعليم أحياناً لأنه يقوم بالتجّول داخل المدرسة فصلاً فصلا وإغلاق الإنارة والنوافذ والأبواب إضافة إلى دخوله لدورات المياه والتأكد من إغلاق صنابير المياه !! وتأتي الطامة الكبرى عندما يوجه له الأمر في نقل زبالة المدرسة ( كرمكم الله ) يومياً ورميها في مرمى النفايات !! قلت لعل زميلي يبالغ فيما قال فلم آخذ بما قال كله ووافقته على بعضها.. ولكن عندما تحدث لي حارس مدرسة أخرى يعمل براتب ( 2000 ريال ) ويزاول أعمال اعتقد أنه يعجز كبار مسئولي التعليم عن القيام بها رغم ضخامة راتبهم . هذا الحارس المسكين يقسم بالله أنه لا يصلي الفجر مع الجماعة بل يصليها في غرفة الحارس سألته لماذا ؟ قال أحضر قبل أذان الفجر وأقوم بجولة كاملة في فناء المدرسة وممراتها الجانبية كإجراء أمني ثم اتجه إلى الفصول وافتحها كاملة . قلت أعانك الله . قال انتظر لم أكمل قلت ما ذا بقي ؟ قال أقوم بنقل زبالة المدرسة إلى مرمى النفايات إضافة إلى عملي وهو متابعة الطالبات والمحافظة عليهن بعد الله والتأكد من بطاقة ولي الأمر عند خروج الطالبة قبل وقت الخروج ! ثم سألته عن وقت مغادرة المدرسة ؟ قال أغادر بعد الساعة الواحدة ظهراً وأحياناً تزيد حتى الثانية ظهراً ! قلت له يعني تعمل ( 9 ) ساعات يومياً . قال نعم وب 2000 ريال وزد عليها بعض الريالات . ولا تشمل الخميس والجمعة ولا الإجازات الدراسية قلت له هل يوجد في غرفة الحارس تلفزيون تقّطع فيه هذا الوقت الطويل . قال لا . والأعظم من ذلك لو قام أحد أولياء الأمور بالجلوس معي في غرفة الحارس فسيطوى قيدي مباشرة قل هذا سجن انفرادي ماهي جريمتك ؟ فضحك ولكن لم يكن ضحكه من سعة بالصدر ولكن ضحكة ضيقة يسأل الله الفرج منها !! تعجبت وقلت أيعقل أن يكون هذا في بلادنا لم اصدق أن ما قاله يعيشه حراس مدارس البنات الذين لهم حقوق وواجبات ولم نسمع أن من ضمن واجبات هذا الموظف المسكين نقل الزبالة ( كرمكم الله ) ولا دخول دورات المياه وبراتب زهيد لا يكفي أبسط المتطلبات لكوني اسمع أن هناك عقود للصيانة والنظافة . ولكن لأنهم موظفين على عقود لا تحسب لهم عطل الأسبوع ولا الإجازات الدراسية ومهددون بالطرد إذا لم ينفذ الأوامر فهم صامتون يتجرعون مرارة هذا العمل يومياً ولكن إذا تذّكروا أولادهم وما يحتاجونه من مصاريف صبروا على ذلك رغم رداءة الراتب . وأزيدكم من الشعر بيت . لا يوجد لهم إجازة مرضية ولو كانت بتقرير طبي ! . دمعت عيني عندما قال لي أحد حراس المدارس أنه سيعمل في الإجازات بأحد المطاعم \" توصيل طلبات \" لأنه لا يصرف له رواتب في الإجازات !! من أين يأكلون يا سادة إذا كان عنده أبناء وبنات وإيجار منزل . كيف يعيشون يا أصحاب السعادة . تنامون وتهنئون بنومكم وهؤلاء أخوانكم وأحبائكم ! هل يلجئون لسؤال الناس والتسول ؟ صدمت بعد أن تعمّقت في السؤال عن وضع حراس المدارس بوجود موظفين وموظفات على عقود أيضاً بعدها اتضح لي أن هذه المعاناة ليست فقط لدى حراس المدارس بمحافظة عنيزة بل في مناطق أخرى وأخشى أن لا تكون في جميع المناطق فهناك موظفين ومراسلين ومحضرات المختبر والإداريات والمراقبات جميعهم محرومين كما حرم هؤلاء الحراس فلا راتب في إجازة الولادة ولا العطل الرسمية ولا حتى العطل الأسبوعية . فمن المسئول يا سادة ؟ ماذا قدم مدراء التعليم لهؤلاء الموظفين !! هل خاطبوا وزارة التربية والتعليم عن تحسين أوضاعهم بصرف راتب الإجازات الأسبوعية والعطل الدراسية ؟ أجزم أن معالي الوزير لن يسكت وسيبذل قصار جهده لتصحيح أوضاع أخوانه الموظفين والموظفات لكون الدولة أيدها الله بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين حفظة الله ورعاه تسعى جاهدة لتصحيح أوضاع موظفي وموظفات القطاع الحكومي وأكبر دليل هو الأمر السامي الكريم رقم 8244/ م ب وتاريخ 25/6/1426ه ولكن أعتقد أنه لم يصل هذا الأمر لمعالي الوزير . أتمنى أن نجد تجاوباً من مدراء التعليم عامة تجاه موظفي العقود وأن لا يكون ما قلته مجرد حبر على ورق وأن يقوموا بدراسة أوضاع موظفيهم والرفع لمراجعهم وكتابة التوصيات وستلقى إجابة بإذن الله تعالى . عبد الرحمن علي الخليفي / عنيزة [email protected]