حبيبتي .. آسرة فؤادي .. حاضنة آمالي وذكرياتي .. فرحة وفخر أيامي ولحظاتي .. من أجرى دموعها ؟ من أشعل أحزانها ؟ من أقلقنا عليها وأقلقها علينا ؟ . بلادي السعودية .. حبيبتي .. حبيبة المسلمين .. أيتها الطيبة الطاهرة الأصيلة الشامخة \" فِداكِ نفسي \" , يا أرض الخير والتقى والكرم والمروءة لا تحزني لا تنحني لا تسكبي الدموع , يا أرض الشريعة والكرامة والأمن يا أرض المآذن والمصاحف و محاضن التوحيد . أيا توأم روحي : بوحي .. بأسراركِ .. بوحي .. من بدَّدَّ أفراح وبسمات العيد على شفتيكِ وبث الأتراح والحسرات بين جنبيكِ ؟ أأوجعتكِ اعتداءات الأشهر الحُرُم جنوبا أم فضائح الخيانة والفساد غربا ؟ أيعتصر قلبكِ الحنون فقد أبنائكِ شهداء الجهاد على الحدود وشهداء الغرق بجدة مع يقينك أنهم شهداء بإذن خالقهم ودَّعوا دنيا الزيف والكدر إلى حياةِ الصدق والصفاء وعفو الكريم ورحمته , أتلمّس غضبكِ من ذلك العدو المجرم الحاقد المتربص بأطرافكِ ولكني لا أظنك تخشينه أو يؤرقكِ أمره للحظة فأنت أعلم من غيرك أن لكِ أبناءٌ لن يسمحوا أن يُستلب شبرٌ من حِماك وفي أجسادهم عِرّقٌ يرِفّ , ومثلهم بناتك بل وأكثر وأقسم وأنا إحداهن وأنا غير المكلفة شرعا بجهاد السلاح أنني ما سمعت أو قرأت ساعةً عن عدوٍ يُدحر أو شهيد ٍيسقط على الحدود إلا وتاقت نفسي لما هم فيه وما يقومون به من واجب الذود والحماية للعقيدة والوطن وكم أغبط أولئك الرجال فهنيئا لهم . حبيبتي .. مَلِكَتي و مملكتي : حفظتُ منذ طفولتي بيت طُرفة : \" وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضةٍ ... على المرءِ من وقعِ الحسام المهند \" لذا أدركُ الآن معنى أن تأتي الطعنةُ من أبنائكِ فتتسع الجراح ويحتدُّ الألم ويبقى الأثر ! أدركُ أن فجيعتكِ في قِلَّةٍ من أبنائك الفاسدين في جدة ممن خانوا دينهم وأرضهم وهدروا المليارات وتقاعسوا وارتشوا واختلسوا فتسبّبّوا في إزهاق أرواح البشر وتدمير ممتلكاتهم و تحويل كل ما يحيطهم من مشاريع فاشلة مغشوشة إلى قطع فلينيَّة تتقاذفها مياه المجاري والمطر ! أقول أدرك بوضوح أن فجيعتكِ تلك لا يمكن أن يشابهها أو حتى يقاربها أذى عدوٍ خارجيّ لطالما اعتدنا منه وأمثاله مقابلة كفّكِ الباذلة الممدودة بالسلام دائما بالجحود والحقد والعداء , لذا يظل غدر القريب المؤتمن قاسيا مفاجئا , ورغم ذاك فلا تعجبي غاليتي السعودية لبيعهم إياكِ فقد باعوا دينهم وأنفسهم وذممهم قبلكِ , وتنازلوا عن النعيم المقيم عند ربهم حين رضوا بالحقير الزائل الذي نهبوه , ومع أن قائدكِ عبدالله بن عبدالعزيز سددّ الله للخير والحق خُطاه أعلن البُشرى بحلول أوان المواجهة والمحاسبة و فضح التقصير والإجرام وإنزال العقوبة بمن يستحقها إلا أنني أعرف أيضا أن قصَّتكِ المأساوية لم ولن تنتهي بعد ولن تلتئم و تَطْهُر جراحكِ النازفة بتطهير جدة وحدها ففي كل منطقة هناك بعضُ ضعيفي الولاءٍ والانتماء , وفي كل وزارة الكثيرون من مضيِّعي الأمانات والحقوق , وفي كل مؤسسة ودائرة نرى الفساد الإداري والمالي يُعيق خطوات النهوض والتطور , وفي كل موقع كان لنا معك مواقف مُخزية من الخذلان والسلبية والعقوق حين صمتنا وتستّرنا على كل تلك الفظائع التي كانت تحصل بحقكِ ! نعم ورب الكعبة فمن منا لا يعرف قريبا أو صديقا أو جارا يسرق أو يعبث أو يتلاعب في مقرِّ عمله ؟! والآن وبعد أن جربنا بشاعة الفساد وعواقب وشناعة الصمت والخنوع نطلب منكِ أيتها الغالية الصفح ونعاهد الله ونعاهدكِ ألاّ سكوت بعد اليوم وليتوقع ذلك المعتدي المُفسد هنا سؤالا وردعا بين أيدينا ولينتظر هناك جزاءً وفاقا بين يدّي العليم العظيم . حبيبتي السعودية / هنيئا لك عودة سلطان العطاء لحضنك المعطاء و كل عام وأنتِ رائعة , سالمةٌ عزيزةٌ بشرع الله . ريم سعيد آل عاطف . [email protected]