بسم الله الرحمن الرحيم قرأتُ ما تفضّلتِ بكتابته الأخت الكريمة : عبير البراهيم من تحقيق حول عدم حضور بعض النساء للأفراح لعدم وجود (طق ) إسلامي في إحدى الصحف . كلنا نتفق على أهمية صلة الرحم , و هذا بلا شك حث عليه شرعنا و أعلى من أهميته . لكن هناك بعض النقاط التي وددت أن الفت نظركِ الكريم إليها – لعلكِ غفلتِ عنها - فأتمنى أن تجد مكانها المناسب من نفسكِ. 1- مما ينبغي أن تتذكّره أن ديننا حث على البهجة , لكن في إطار المشروع , فأباح لنا الدف , والدف آلة تشبه الطبل إلا أنَّ بينهما فرقاً، فالطبل هو(الذي يغطى بالجلد من جهتيه أو من جهة واحدة)؛ وأما الدف فهو (الذي يصنع من إطار خشبي يغشى بالجلد من جهة واحدة، وقد يكون له جلاجل توضع في خروق في جوانبه)؛ فهذا مستثنى من النهي، بل هو مستحب في بعض الحالات،فديننا لم يحجر علينا إطلاقا . 2- لب تحقيقكِ هو : إجابة الدعوة لحفل زواج به معازف ,و استغرابكِ لماذا لا يحضرن بعض النساء هذا النوع من الحفلات , ووصفن بالتشدد! العلماء – رحمهم الله- اشترطوا شروطا لإجابة الدعوة ، فإذا لم تتحقق هذه الشروط لم يكن حضور الدعوة واجبا ولا مستحبا ، بل قد يحرم الحضور ، ومن هذه الشروط : \" ألا يكون هناك منكر في مكان الدعوة ، فإن كان هناك منكر وهو يستطيع إزالته وجب عليه الحضور لسببين : إجابة الدعوة ، وتغيير المنكر ، وإن كان لا يمكنه إزالته حرم عليه الحضور \" ولا يخفى الجميع حكم الأغاني و الموسيقي, فذهب الأئمة الأربعة إلى تحريمها , فإذا كانت محرمة , فهي عبارة عن (منكر) , هنا حُرِّم علينا الذهاب إلى الزواج – إذا لم نستطع إنكار المنكر المتواجد فيه- فهل امتثالنا لشرع ربنا – تعالى- يعد تشددا في الدين ! 2- هناك اجتماعات أسرية نستطيع من خلالها صلة أرحامنا, لذا لا تنحصر الصلة في دائرة (الزواجات) المصاحبة للمنكر , كما يمكننا صلتهم و تهنئتهم عبر وسائل الاتصالات من هاتف ثابت و جوال و نحوهما , فلا يتسبب ذلك في قطيعة رحم – كما ذكرتِ- . 3- لنتأمل سويا فتوى فضيلة العلامة : محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى- في حضور الزواجات التي تحصل فيها بعض المخالفات من تشغيلٍ للموسيقي و غيره: \"إذا كانت الأعراس على هذا الوجه الذي ذُكر في السؤال فإنه لا يجوز للإنسان أن يجيب الدعوة إلا إذا كان قادراً على إزالة المنكر فإنه يجب عليه أن يجيب لإزالة المنكر ، وأما إذا كان عاجزاً فإنه لا يجوز أن يحضر هذه الأفراح التي تشتمل على هذه المخالفات أو بعضها ولا يحل لأحد أن يأذن لزوجته أو ابنته أو من له ولاية عليها بحضور هذه الحفلات وإذا قال أخشى أن يحصل بيني وبين أقاربي شيء من الجفاء والقطيعة فنقول فليحصل هذا لأنهم هم لما عصوا الله عز وجل في هذه الأفراح التي هي على هذا الوجه لم يكن لهم نصيب من إجابة الدعوة وإذا قاطعوا فالإثم عليهم وليس على من هجر هذه الأفراح شيء من الإثم\" . من فتاوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين لمجلة الدعوة العدد1757 ص 37. 4- قد يكون من المصلحة لصاحبة الزواج المصاحب للمنكرات في حالة عدم حضور المدعوّة لحفلها, بحيث تستفهم عن عدم الحضور فتوبخ نفسها و يتضح لها الحق , قال العلاّمة الرباني ابن عثيمين – رحمه الله – في شرح الممتع على زاد المستقنع , باب :وليمة العرس :\" فلو قال قائل: إذا لم أحضر ترتب على هذا قطيعة رحم، كما لو كان صاحب الوليمة من أقاربه، وعندهم منكر ودعاهم، فإذا لم يُجب غضب عليه، وتقطعت الصلة بينهما. فالجواب: ولو أدى ذلك إلى قطيعة الرحم؛ لأن الله تعالى قال في الوالدين، وهما أقرب الأرحام: {{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا}} [لقمان: 15] . ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس فلا يحل، وربما يكون امتناعه عن الحضور لوليمة قريبه المشتملة على المحرم، سبباً لهدايته، فيعتب على نفسه، ويوبخ نفسه، ويقول: إنه بفعله هذه المعصية اكتسب هجران قريبه، فيرتدع، وكثيراً ما يقع مثل ذلك، إذا هجر الإنسان قريبه أو صاحبه سابقاً فإنه يراجع نفسه، ويتأمل، وربما يرجع عما كان عليه من المعصية. المهم أنه لا يجوز الحضور، ولو أدى ذلك إلى قطيعة الرحم، والقاطع هو الداعي إذا قطعت الرحم\". 5- استوقفني ما نقل من رأي الدكتور : ناصر العود , فأقول : لا شك أن التواصل الاجتماعي من الأمور المهمة التي يجب على المسلم أن يحرص عليها , لكن ! هناك بعض النقاط المناقَشَة وهي على ما يلي : أ- \" ولكن إذا كان سبب عدم الحضور منطلقا من تحفظ البعض على ما هو موجود في حفل الزواج من أدوات موسيقية فان ذلك اجتماعيا مؤلم، لأنها قد تسبب آثارا سيئة من قطع الرحم ووجود النزاعات والخلافات \" , كذلك من المؤلم أن نحضر زواجات بها موسيقي , فكان من الأولى أن توجهوا التوجيه السليم للذين أحيوا ليلتهم بالمعازف و أنهم السبب في عدم حضور المدعوات لحفلهم لوجود المنكر . ب- \"وأيضا حدوث بعض الضغط النفسي على صاحبة الوليمة بسبب ما يفرض عليها من قبول أو رفض لنوع معين من \"الطق \"يكفي هنا (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ). ج \"لأن الشرع أيضا حث على إجابة الدعوة حتى وإن حملت شيئا من المنكر\" عفوا : ما دليلكم على ما تفضلتم به ؟ تمنيتُ لو فصّلتم أكثر في هذه المسألة ليتضح الحق للجميع. 6- ثمّة بدائل عدة لتحقيق الغرض دون الوقوع في المنكر ومن ذلك القيام بصلة الرحم و تهنئة ( العروس ) قبل موعد زواجها أو بعده أو الحضور للزواج الخروج مباشرة بدون الاستماع للموسيقي وهذا بلا شك فيه تحقيق لمصالح عدّة , منها:تأليف القلوب بإجابة الدعوة, و إنكار للمنكر بلا منكر أعظم والدعاء للعروس بالبركة, وغير ذلك . 7- تمنيتُ لو أخذتِ برأي الجانب الآخر اللاتي لا يحضرن الزواج لأجل المنكرات و عدم قدرتهن على الإنكار , ليكون التحقيق متكاملا مفيدا , و أكثر متعة. حفظكِ الله يا عبير,و جعلنا الله و إياكِ ممن يسخّرن أقلامهن للدفاع عن الحق و مزيد من الارتقاء أتمناه لكِ. و السلام عليكم . عائشة بنت ناصر الكليب- طالبة دراسات عليا