هذا المقال من جزئين نشرتم الحزء الأول سابقا في زاوية بأقلامهم وهذا الجزء الثاني ولكم الشكر الخميني عرف يلعبها صح (الارتقاء) (2/2) استطاع الفكر الشيعي أن ينتج دولة تخدمه, وهو يحاول الآن صنع خيارات ردعية على كل الأصعدة, فقد طورت الدولة الفارسية نظام ردع طائفي ميلشياتي (من الميليشيا), زرع ويزرع عند أي بؤرة يحتمل أن تكون عنصراً معادياً للدولة الإيرانية في مستقبل الأيام , مثل: حزب الله في لبنان, والمنظمات السرية العسكرية العراقية, التي تضغط على الجزيرة العربية من الشمال ليوازيها من الجنوب جماعة الحوثي, أما من الشرق والغرب فهناك جماعة البحرين الكبرى شرقا, والبقيع غربا. أما على سبيل الجغرافيا السياسية فهم الآن استقروا على منابع النفط ,ويحاولون السيطرة على مداخل المنطقة, فإيران تسيطر على مدخل الخليج العربي, وكذلك تحاول السيطرة على باب المندب عن طريق الحوثي, ولقد حذر الشيخ القرضاوي من دعوة تنتشر في مصر للمذهب الشيعي عن طريق الدعاة المدربين طائفيا وعسكريا في إيران, وللأسف لاقى تحذيره ردوداً غريبة من بعض الطيبين السنة سواء كانوا مفكرين إسلاميين في مصر أو علماء السعودية, وهذا التغلغل الفارسي في مصر للسيطرة على المدخل الثالث للمنطقة قناة السويس, وأخيرا قطعت المغرب علاقتها مع إيران مؤخرا, ونحن نعرف ماذا تطل عليه المغرب؟ البحر الأبيض والمحيط ومضيق جبل طارق وهو الأهم. إن إيران تنتشر الآن في آسيا و أفريقا, وهذا الزحف ينبغي على الدول العربية ألا تعول في ردعه على أمريكا, فلقد بدا واضحا أن من مصلحة أمريكا رفع المذهب الشيعي من مستوى الوجود إلى مستوى المنافس للمذهب السني, لكي تبقى المنطقة تعيش في وضع دائم استطيع أن اسميه وضع الترقب السالب, هذا الوضع يجعل الطرفين يترقبان أي فرصة سائحة للانطلاق, ولكن ليس للتعايش والنمو بل لإسقاط الآخر, أرجع إلى أمريكا التي لا أرى المراهنة على موقفها من إيران, وأنها هي التي مكنت لإيران هذا العلو لتجابه المشروع السني, فلو تتبعت أخطر الموجودين على إيران لتوصلت إلى أن باكستان بسلاحها النووي كان خطر, ولقد سيطرت عليها أمريكا وتحالفت معها, أما حكومة طالبان السنية الخطرة جدا على المشروع الإيراني, فقد كان هناك تحالف أمريكي إيراني كامل في هذه الحرب حيث استعملت الأراضي الإيرانية برا وجوا وبحرا وقدمت كل الخدمات اللوجستية من قبل إيران لأمريكا وتم لها ذلك, ثم بقي الخطر الآخر على المشروع الإيراني وهو صدام حسين, ولقد كان التعاون الإيراني الأمريكي في هذه الحرب أكبر. علاوة على أن أمريكا لم تعد ذلك القطب المسيطر على العالم, وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية المتردية مؤخراً . مما سبق يلزم إعادة الدراسة لمستوى التبعية لأمريكا, وليس المقصود المقاطعة التامة بل الانعتاق قليلاً وإيجاد خطوط أخرى, وكلما كانت البدائل ذاتية أصبح الموقف السياسي للعرب أفضل . هذه هي السياسة ولابد من التعامل معها على حسب المصلحة, فالمشروع الإيراني كبير طائفيا وسياسياً واقتصاديا, ولا نستطيع مجابهة مشروعهم إلا بمشروع كبير استراتيجياً, هذا المشروع لابد أن يكون رؤية متكاملة في كل المجالات, فلا يأتي شخص أو جهة لصياغة تلك الرؤية, بل المؤمل أن يشترك مراكز وجهات ومؤسسات وخبراء في صناعة المشروع. وبعيدا عن التوحد الخليجي وتوحيد العملة وموضوع التنمية والإنتاج الصناعي والتنوع الاقتصادي والحل العسكري , هناك في رأيي ثلاث توجهات لابد من الإسراع في تحقيقها حالاً سوف أعرضها المهم فالأهم: الأول: ينبغي على الحكام العرب أن يبسطوا الحريات للشعوب, لأن المراهنة في وقت الأزمات ستكون على الشعوب , فالأب عندما يكبر ويحتاج, لن يبقى بجواره إلا أبناؤه إذا كان الأب حانياً عطوفاً, أما لو كان قاسياً ظالماً سوف يجد نفسه وحيداً, بل سوف يترصد له أبناءه , ولنا في صدام حسين موعظة حسنة. الثاني: فتح المجال للمنظمات الإسلامية والجمعيات الخيرية لنشر المذهب السني في أفريقيا وآسيا, ولا أقول بتخفيف بل إزالة القيود الأمنية والمالية التي خدعتنا بها أمريكا حتى حل محلنا الدعاة القميون ( من قم ), هذا سوف يعيد علو الكعب السني في أفريقيا وآسيا وسوف يعيد التوازن الديمغرافي للسنة في القارتين. كذلك زيادة تفعيل الجامعات الإسلامية لتدريب الدعاة الأسيويين والأفارقة, ليعودوا لديارهم داعين للمذهب السني. ثالثاً: إعادة النظر في مسألة السنة في إيران, بإقامة علاقات معهم ودعمهم مادياً وعلمياً, وتدريبهم دعوياً, وفتح قضياهم على المستوى الدولي, باختصار لنداويها بالتي كانت هي الداء. سليمان الغنيم