يبقى الإنسان ُ ملكاً إذا احتفظَ بشخصيته المُستقلة و التي تُمثل انتماءاته وهويته ، فكيف بالملك الذي يتمتع بالإنفراد والتميز الذي رسمه الإسلام لحياته وهو أعظم دين عرفته البشرية وناسب إنسانيتها وأعطاها حقوقها بلا نقصان ! هل نتساءل ماذا سنعكس للكون حينما نرى إقلاع ألف طائرة خارج أسوار الوطن وهي تضم الملايين من من يحملون حقائب السفر وأحلام المُتعة ثم يتوزعون على خارطة العالم .؟ يحدث أن نرى بشراً يحملون أدياناً مختلفة في بلادنا ، ويحدث أن تهتم بهم قنوات نشر الإسلام لدينا، ويحدث أن نصادف المئات عبر الانترنت وان نجد من يقوم بتلك المهمة أيضاً ، ولكن ما الذي يحدث عندما نواجه المختلفين داخل بلدانهم التي نسافر إليها ؟ وماذا نفعل إذا كُنا ندرك أن حضور المسلم بكامل حواسه وبسلوكه وفكره يعكس شيئاً أمام العالم ؟ هل يستعد المنتمون إلى الإسلام وإلى بلاد الحرمين لحوار ديني ذو أبعاد راقية في صدفة سفر عابرة تجمعهم مع أشخاص يتساءلون بشغف .؟ لما لا يحدث و ملايين من البشر يحاولون فهم الكون ويبحثون في كل يوم عن الحقيقة !! سنتساءل كثيراً حينما نرى الصورة لا تنعكس في هجرات الدراسة أو مواسم السفر ، ثم سندرك إن تغييب الشخصية المستقلة والانتماء لدى البعض نابعٌ عن تربية خالية من تبجيل الإسلام ، وإظهارهُ للغير بصورته الحقيقية المُتناسبة مع روح الإنسان وجسده وعقله وعاطفته ، تربيةٌ خالية من جعله دستوراً لحياتنا لا إرثاً إنسانياً يُلقن . في الإسلام قيم كثيرة تشد الأنظار وتنبهر لها العقول ، كونه الدين الذي يلامس احتياجات البشر ! لازلت أتذكر سائق سيارة الأجرة الصيني ،الذي كانت عائلته البوذية تعتبره الابن العاصي لأنه لا يصلي في المعبد ، كان يقول أنا لا أؤمن بالبوذية ولا أشعر بروحانية أو رب حقيقي أفعل لأجله ما يفعلون،كان فقيراً وبسيط التعليم وتعلق كثيراً بفكرة الصدقة في الإسلام والتوازن المادي الذي تؤدي إليه هذه الفكرة ! صوت الآذان تتكرر فيه القصص ويبهر أصحاب الديانات الأُخرى ويطلقون عليه الأغنية الجميلة للوهلة الأولى ،و كثير من سياح العالم من يبدي اهتماما بالغاً بالثقافات والديانات وأسرارها أثناء السياحة وينقب دائماً عن أسرار التعلق والانتماءات المختلفة ، وبين هذا وذاك أين من يشير إلى الشمس ! نشر الإسلام وإيصال صوته للكون هو ليس مسؤولية الدعاة وحدهم ، أنه حضور أرواحنا التي تعتنق ديناً استطاع احتواء الإنسان وتحقيق العدل والمساواة والحرية في حياته للأبد . إذا كانت مستشارة الدولة الألمانية أنجيلا المسيحية تدعو إلى الحوار الأعمق مع الإسلام ، وإذا كانت كاتبة فرنسية شهيرة قد أصدرت كتاباً عن الشخصية الإسلامية عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم . فكيف نخطط نحن للحوار مع العالم أو حتى للسفر دون أن تسقط الهوية في الحدود ! منيرة السليم