كان الناس قديماَ يتراسلون بالقراطيس الخطية فيما بينهم ,للاطمئنان , ونقل الأخبار ,ومصالح أخرى, مع ما يحدث من المشقة في إعداد الرسالة من كتابة وإرسال عبر وسائل النقل القديمة كالجمال.... , وبعد أن ظهرت الصناعات واستحدث ( البريد ) أصبحت الرسائل تصل بعد يوم بمظروف مكتوب يسلمه صاحب البريد بعد أخذ توقيع المستلم , أما الآن ومع ظهور ( الجوال ) فتصل الرسالة في لحظة واحدة , المرسل والمرسل إليه كل في مكانه , ما عليهما إلا أن يحركا أطراف أصابعهما بالإرسال أو الاستقبال , بل يرسل عبر الجوال للآلاف من الناس بزر واحد , ولسهوله الرسائل بهذه الطريقة بدأ الناس يتراسلون بكثرة لأهداف عديدة , ومن تلك الأهداف , تقوية أواصر الإخاء والمحبة , وهذا شيء رائع , ولكن المشكلة أن أكثر الرسائل لا قيمة لها ولا روح فيها ,حيث أنها من الأرشيف , فالنائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة, لأنك تستقبل عدداً من الرسائل وترسلها كما جاءت ( أشبهه بالتعميم ) وتأتيك رسالتان أو أكثر من أشخاص عده ونصها واحد (مكرر ) وتأتيك رسالة بصيغة المؤنث ( عدم معرفة الضمائر ) وقد حدثني أحد الأخوة قائلا : جاءتني رسالة مماً أعرف يقول فيها أخبرك أني خرجت من المستشفى , وأشكرك على زيارتك , وأنا لم أزره (عدم التمييز بين الزائر غيره , لأنها لأكثر من شخص ), إذاً أغلب الرسائل خالية من المشاعر المرهفة , والأحاسيس الصادقة , رسائل مكررة , رسائل من الأرشيف , مشاعر معلبة , نستقبل ثم نرسل وهكذا ..وفي المقابل تأتي رسائل مشرقة من أفراد امتنا, فيها تذكير وتحفيز , وإخاء ومحبة ,ونصح وإرشاد, حتى وإن دارت تلك الرسالة , فمصدرها ومنشأها , أنامل متميزة من أبناء هذا الوطن ,وقليل ما هم, ومن الرسائل التي تقوي روابط الإخوة رسائل دعوة الزواج وغيره , ولكن المشكلة في الإرسال حيث أن البعض يرسل إلى جميع الأسماء التي في قائمة جواله, ولا يدري لمن ذهبت إليه , كالدعوة بالبطاقات , يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرحه لكتاب التوحيد ( دعوة البطاقات إذا أرسلتها إلى الناس ولا تدري لمن ذهبت إليه , فيمكن أن نقول أنها تشبه دعوة الجفلى , فلا تجب الدعوة ) ومن الرسائل الغريبة التي حدثني احد الأخوة فيقول: جاءتني رسالة من شخص اعرفه يقول فيها ( لا تنسى الصلاة على فلان الميت ! ! وهو يبعد عني ألف كيلو !! وأنا لا أعرف الميت لا من قريب ولا من بعيد, وقد أرسلها قبل الصلاة بثلاث ساعات ) فأصبحت الرسالة أشبه بالنعي على الميت, ومن الرسائل تلك الرسائل المزعجة الاقتحامية التي لا دخل لك فيها , وليست من اهتماماتك , وأمثلتها كثيرة , منها ( أقوى المقاطع الفكاهية لتحميل المقطع أرسل رقم المقطع..) وأيضاً ( لأكبر اهتماماتك أرسل رقم 1 إلى ...) وأيضا ( يلا فله دردش وتسلى مع دردشات ب75 هلله للرسالة أرسل كلمة شات ل....) وأمثلتها كثير , فعلى شركات الاتصالات تقوى الله عز وجل , حيث أنهم مؤتمنون على أرقام جوالتنا من الرسائل المزعجة الغير مرغوب بها . مع أملي في تكثيف وتقوية الحملات ضد الرسائل الاقتحامية. أخيرا أيها القراء : نحن بحاجة إلى ثقافة الرسائل والتعامل معها كيف نرسل؟ ولمن نرسل ؟ وما الهدف من الرسائل ؟ لابد أن نستشعر ما نكتب , ونصدق فيما نقول , حتى تأتي الرسائل أكلها وثمرتها وقيمتها , فتحدث بعد ذلك شعوراً من الحب والتميز , لا أن تكون رسائلنا باهتة , عشوائية , فنقوم بمسحها قبل إتمام قراءتها , وكم من رسالة ذهبت أدراج الرياح لا قيمة لها , ولا ننسى أيها الأخوة الفضلاء الرسائل المتميزة الصادقة التي تدل على معنى , فتبقى في جهازك بل في قلبك. إذا أيها الإخوة نحتاج إلى مزيد من المعرفة في فن الرسائل والمراسلات وإلى اللقاء . ابو حافظ التويجري [email protected]