في الأسبوع الماضي كتبت مقالاً في صحيفة عاجل عنوانه (القحطاني ووكر الدعارة) على خلفية حادثته في استراحة (العفجة)بمحافظة الخرج و(انتقدت) هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(بالتشهير باللاعب),إضافة لانتقادي لها (بتدبير كمين)مع شبكة الدعارة بالإيقاع باللاعب..وفقاً مما تناقلته الصحف الإلكترونية والمنتديات..وكانت ردود الفعل حيال المقال واسعة,مابين \"مؤيد\" لوجهة نظري وهم قلة وما بين \"رافض\" لها وهم كثر!!. حيث وصمتني \"معظم\" الردود المخالفة لوجهة نظري تارة \"بالعلمنة وتارة بالليبرالية\"!!.. مما دعاني بالوقوف أمام هذه الاتهامات ( بالابتسامة العريضة) لمعرفتي بقومي بأن مجرد من يطرح رأي مخالف لما ألفوه اعتبروه علماني أو ليبرالي أو مغرض حتى لو كان ذلك الرأي رأيا (فقهياً) مستمداً من أحد الأئمة الثلاثة الشافعي أو مالك أو أبو حنيفة!.. فكيف بمن ينتقد شريحة (مقدسة) في نظرهم وأقصد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.حيث جعلوها-بدون قصد منهم- تتماها مع الله سبحانه وتعالى ومع الدين..حيث ( خلطوا) بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(كشعيرة) من شعائر الإسلام وبين (جهاز) هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو عبارة عن مؤسسة (بشرية) تحاول وتجتهد بتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فمن الضرورة التفريق بين (الأمرين).. فإنكار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو إنكار لجزء من الشرع جاءت به النصوص الشرعية بوضوح,أما (نقد) أو الإنكار على المؤسسة (البشرية) هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس جُرماً أو حراماً يشنع بصاحب النقد أبشع الاتهامات ووصمه بأوصاف العلمنة والانحراف وبمحاربة الله ورسوله بمجرد أنه انتقد جهود بشرية!,وهنا أسأل (بابتسامة عريضة) كعرض صاحبتها الأولى ممن شتموني واتهموني!.. هل بمقالي السابق (أنكرت) شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي جاء به الإسلام؟أم نقدت وأنكرت ( تصرف) هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو عبارة عن جهد بشري قابل للخطأ؟!.قبل أن أترك الجواب لكم سأقلب الطاولة على من اتهمني وأدعوه بأن يتوب ويستغفر الله لأنه (صبغ) القداسة على ذلك الجهد البشري وأنزل رجال الهيئة منزلة فوق البشر ونزههم عن وقوعهم بالخطأ!. أيها الأخوة والزملاء لا قداسة ولا تعظيم إلا لله سبحانه وتعالى وما جاء به ..أما دون سواه من أفراد أو مؤسسات ليسوا بمنأى عن النقد!!. فلا داعي للحساسية المفرطة تجاه نقد (أداء) رجال الهيئة.. بل لا داعي للحساسية تجاه نقد ( المتدينين) عامة .. والذي يظن كثير من الناس أنه لا يجوز نقد شريحة المتدينين لان في نقدهم نقداً للدين وسخرية بالثوابت!!.فلو رجع أولئك الذين (يحرمون) نقد المتدينين للتاريخ الإسلامي لوجدوا أن الأدب العربي الساخر وليس النقد قد تناولهم بالنقد الجاد والنقد الساخر (ولم يصبغ)عليهم القداسة بل كانوا مثلهم مثل غيرهم من شرائح المجتمع يخضعون للنقد,حتى أن النقد طال بعض العلماء الكبار ولم يستثني أحد أياً كانت منزلته,ومن الأمثلة التي كتبت في نقد شريحة المتدينين هو الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي أحد فقهاء (الحنابلة) المشهورين الذي ألف كتابيين في هذا المجال كتاب \"أخبار الحمقى والمغفلين\" وكتاب \"تلبيس ابليس\" وكذلك ممن كتب في هذا المجال الإمام الذهبي أحد كبار علماء الشافعية الذي ألف كتاب \"زغل العلم\" الذي تكلم بالتفصيل عن شريحة المتدينين. فالنقد يا كرام أمرٌ مستحسن ومطلوب لتقويم أي مؤسسة بشرية وُجدت لخدمة المواطنين,بل يتحتم على الجميع بنقد وتبيان أخطاء وهفوات تلك المؤسسات حتى يساهم ذلك النقد في تطوير تلك المؤسسات والارتقاء بها وتلافي أخطائها الماضية. فإذا انعدم النقد فمن يصلح ويقوّم الأخطاء؟! ومن وجهة نظري الخاصة أرى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من (أفضل) المؤسسات الحكومية أداءً وعملاً والسبب يعود أنها هي (الأكثر) نقداً وتقويماً للأخطاء من مثيلاتها من المؤسسات والدوائر الحكومية الأخرى. ثمة أمرٌ مهم وهو اعتقاد فئة من الناس أن الهيئة تواجه حملة عشواء من قبل المغرضين والحاقدين, فيلزم في هذه الحالة (الدفاع) عنها حتى لو أخطأت!.ويرجعون بأن الظروف المحيطة بالمنقود لا تصلح في هذا الوقت بالنقد وتقويم الأخطاء بل بالدفاع عنها ظالمة أو مظلومة.. وهذا خطأ فادح يرتكبه أولئك المدافعين فهو ليس منهج القرآن ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى . وما يدريك لعله يزكى . أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى فأنت له تصدى ! وما عليك ألا يزكى ؟ وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ، فأنت عنه تلهى ؟! كلا ! إنها تذكرة ، فمن شاء ذكره ، في صحف مكرمة ، مرفوعة مطهرة ، بأيدي سفرة ، كرام بررة )..فالله سبحانه وتعالى (عاتب= نقد) رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم الظروف المحيطة في ذلك الوقت الذي يواجه أشد الحملات من كفار قريش ولم ينتظر القران الكريم أن يأتي النقد لرسوله مصحوبا بالشماتة والاستهزاء من قبل صناديد قريش بل سبقهم بنقد (المحب) المعين له وقطع الطريق على الحاقدين والمغرضين الذين يتحينون أنصاف الفرص بالشماتة برسول الله!. فيا سادة يا كرام بدلاً من السعي لوضع خطوطاً حمراء في وجه من ينتقد أداء رجال الهيئة.. اسعوا لإزالة الخطوط الحمراء من جدران حيطان بقية المؤسسات البشرية الأخرى.. واضربوا بالهيئة المثل الأعلى (والقدوة الحسنة) لباقي الدوائر الحكومية لتقبلها النقد وتقويم الأخطاء من كافة شرائح المجتمع, فنحن مللنا من ضرب الأمثلة (الغربية) لمؤسساتنا ولأفرادنا, ولتكن الهيئة ( النموذج الغربي) في بلدنا القابل للتطبيق,وانصروها (ظالمة) بمنعها وحجزها عن الظلم أما إذا كانت (مظلومة) فالله سبحانه وتعالى سينصرها فهو نعم المولى ونعم النصير. مسك الختام: قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) فيصل المحيميد