في نتائج مذهلة نشرت مؤخراً لدراسة قيمة قام بها قسم الإدارة بكلية الاقتصاد في جامعة تكساس بأوستن، وجد الباحثون أن العقل البشري يميل إلى خلق الخرافة و يلجأ إلى التفسير التآمري للأحداث عندما يفقد المرء السيطرة في شأنٍ من شؤون حياته. وفسروا هذه الظاهرة بأنها آلية بقاءٍ يحاول العقل فيها تهدئة روع النفس البشرية التي تضطرب عندما تفقد السيطره. وقد سمى الباحثون هذه الظاهرة ب Illusory pattern perception أو نمذجة الوهم. مثال على سبيل المثال: في لعبة البيسبول يلجؤ صادوا الكرات إلى إرتداء قمصان يتفاءلون بأنها تجلب لهم الحظ؛ و يبادر المشجعون بحلق لحاهم دعما لفريقهم المفضل قبل المباراة لأنها لعبة يتحكم الحظ بها بدرجة كبيره فيشعر لاعبوها ومشجوعها بفقدان السيطره. و عندما عرّض الباحثون المشاركين في التجربة الى تمارين حفزت من تمسكهم بقيمهم و عززت شعورهم بالثقة، تلاشت ظاهرة نمذجة الوهم عن عقولهم. دواءٌ بغير مداوي إن باحثي تكساس و ضعوا أيديهم، بدون قصد، على جرح أمتنا الغائر؛ فبحثهم هذا يفسر ظاهرة الركون الى الخرافات والاستئناس بالخزعبلات والشطوط الى التفسير التآمري (الذي عادةً ما يضع اليهود على رأس قائمة العلل في كل شئ) لكل كارثة أو مصيبة, مهما صغرت، وحيثما كبرت، و أينما و قعت، و وقتما حصلت، و كيفما اتسقت. فأحداث الحادي عشر من سبتمبر : مؤامرة؛ و الكساد الاقتصادي الذي يعاني منه العالم اليوم : مؤامرة؛ و رؤوس إيران النووية: مؤامرة؛ و هلم جراً . علم السبب، ففيما العجب؟ وعليه، وفي ضوء هذه الدراسة النيرة، يجد المرء أن الوضع الراهن في أمتنا الإسلامية، بطابعه الذي يحكي قصة فقدان السيطره على جميع الأصعدة، ألجأ عقولنا إلى مخرج خلق المؤامرة, و الاعتقاد بالخرافة حتى يتسنى لها طمأنة أنفسنا المضطربة. سعد العواد