أزوره بين الفينة والاخرى (عندما أقلق من هموم الحياة) في مزرعتهم القديمة منذ عشرين سنة عليه نفس الثوب و(الطاقية) دون شماغ!!ولم أراه يوما لابس شماغ أوغترة ولن تستطيع أن تقنعه بخلع تلك (الطاقية) مهما كان الثمن أوالمغريات , له مكان خاص به تفوح منه رائحته الغريبة, كل همه الكاتم للكبسة والتعاون!!!..انعزل أو عزل عن المجتمع لسبب لا أعرفه؟!!انسان بسيط في كلامه نشيط في مهمة الطبخ يحب أن يخدم الناس الحاضرين وهم قلة!! لا زواج لا وظيفة لا.. لا..من أراد أن يجده فعليه الذهاب إليه مباشرة!! فهو لا يحمل الجوال ويبدو أنه يعرف متاعبه النفسية!!!عمره يتجاوز الأربعين , عايش في سعادة لا يمكن وصفها!!ولاتمل مجلسه لأنه هو الذي يتحدث فقط!!وانا استمع دون استيعاب لما يقوله ,انظر اليه عندما يتحدث وأتعجب من أحواله!!ولا يريد أحدا أن يناقشه في الأمر!!كلما أتحدث إليه في أمر من أمور الحياةيقول أنا مبسوط !!وفعلا أرى السعادة في عينيه العسليتين..نأكل ثم يقدم لي الشاي ( المحكحك)كما يسميه في إبريق معدني (أصلي)قديم جدا,وفي إحدى الزيارات وكانت شتاء وكنا على موقد النار قال لي(( يا أبو فهد الناس يحسبونن مسكين ومهبول وأعرف النظرات في عيون بعضهم, ولكن أتعلم أنك أنت الوحيد وأبوعبدالعزيز اللي يعرفون حقيقتي وعقليتي قلت لا أعرف شيئا!قال أنا مبسوط تاركاالهموم كلها انظر إلى المتزوجين أمامي أجدهم في قلق وهواش ونقرة وأجد الموظفين في مشاكل مستمرة مع مدراهم, أنا وش لي بوجع الراس والمشاكل فاقشعر بدني وتابعت باهتمام!! قال تدري وش اللي يضيق صدري يا أبوفهد بس على شرط ماتضحك قلت وش دعوى! قال : ما يضيق صدري إلاإذا خلص برميل الغاز أو خلص الحطب!!!فانفجرت من الضحك!!ثم ضحك معي علامة الفهم للموضوع ثم نظر إلى ساعته القديمة (كاسيو اكترونية سوداء)وقال لقد حان وقت نومي فالساعة العاشرة الآن ولا أستطيع أن أتأخر قلت أكيد عندك شغل ضروري الصباح قال لا ما عندي أي شغل بس متعود أنام الساعة عشر ولو تأخرت عن الوقت خلاص ما يجيني نوم إذهب إلى بيتك وأولادك ورح نم !)) قلت أنام لا أستطيع أن أنام قبل الواحدةليلا فسوف أذهب أشتري لعيالي عشا من هرفي وأشتري خبز ودجاج وحليب لأميرتي الصغيرةودفتر ل قال لا تكمل الله يرحم والديك لاوتبيني أتزوج أواتوظف حل عني يا أخي فلقد تأخرت الوقت!أريد أن أنام!! فخرجت من مزرعته ,وقد تفتحت الشرايين في قلبي ,ولم أعرف بعد أأغبطه أم أتحسر عليه, أم ..أم ..الذي أعرفه أني كلما خرجت من مجلسه أحس بشيء مريح في داخلي وأرجع إلى البيت بنفسية باهرة وأنام نوما عميقا لا تتخلله كوابيس أو أحلام وأصحو للعمل مبكرا...تحيتي