المقولة السابقة لثاني رجل في الدولة الإسلامية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أيده الوحي. نجده في لحظات تأمل خلال فترة حكمه وخلافته يشكو متألماً من أن قوله للحق أفقده جميع أصحابه، إن هذه المقولة التي أصبحت من الحكم الخالدة تتناقلها الألسن عبر الزمن ليست لإنسان عابر على صفحات التاريخ، وإنما هي لرجل وحاكم يضرب به المثل في العدل وقول الحق ولم تعرف الإنسانية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً في حكمته وعدله ورحمته. ولعمري أن ما قاله عمر بن الخطاب قبل أربعة عشر قرناً من الزمن نكاد نلمحه في أهل هذا الزمان ، فمن تأخذ بيده الى جادة الحق والصواب في محاولة لإنقاذه من شر نفسه الأمارة بالسوء، يتخذك خصماً وقد يرفعك إلى مرتبة العدو اللدود... وللصادحين بكلمة الحق أقول : لا تهتموا على مثل هؤلاء، فالذي يأبى من الحق ويأنف العدالة، كانت صداقته ومودته زائفة، لذا فإن فقدانه مكسب، وتركه راحة. قال الشاعر : إذا المرء لا يرعاك إلا تكلُّفاً فدعه ولا تُكثر عليه التأسُّفا وأنت يا قائل الحق ، ثق بأنك المنتصر في النهاية ، وجزاؤك المجد والعزة وراحة البال في الدنيا والجنة في الآخرة . وثق تماماً بان من يعرضون عن الحق ، سيكونون الخاسرين في الدنيا والآخرة، فإعراضهم من إعراض الغافلين عن نفعه على المديين القصير والبعيد، وسيعضون أصابع الندم حتماً ولكن ولات ساعة مندم! وليعلموا بأنهم أخطأوا في حق أنفسهم قبل أن يخطئوا في حق الآخرين، وليتيقنوا بأن شعاع الشمس لا يخفى ونور الحق لا يطفأ ، وانه لابد للحقيقة من أن تشرق عما قريب كشمس الضحى في رابعة النهار كي تغسل بنورها قلوبهم الحالكة بالسواد. ومضة: قال المتنبي: وليس يصح في الأنام شيء إذا أحتاج النهار إلى دليل أحمد سعد الطيار [email protected]