في الحقيقة دائماً نقف ومع الأسف مبهورين أمام بعض الأجانب وتحديداً غير العرب , ومن ثم نبدي الإعجاب بهم كثيراً , ونلوم أنفسنا لماذا لا نكون مثلهم ؟؟ , خصوصاً وأن ديننا وأخلاقنا وآدابنا العربية الأصيلة تحثنا على هذا الجانب ، وأؤكد على القضايا الحيوية , كالالتزام بالمواعيد والصدق في الحديث والأمانة والشفقة والرحمة ، ولا أخفيكم سراً أنني أصنف نفسي من أول المبهورين بذلك , وقد أكدت ذلك في مقالة نشرت هنا قبل عام واستشهدت بمقولة الإمام ( وليس الفنان ) محمد عبده حينما زار أوروبا قبل أكثر من قرن وأعجب ببعض السلوكيات مثل الالتزام بالمواعيد والصدق في الحديث والأمانة , إذ قد لفت نظره أن أكشاك البيع مفتوحة وليس فيها بائع ، وما عليك إلا أن تأخذ ما يعجبك وتضع قيمته في صندوق مغلق , ولو ذهبت دون حساب لا يسأل عنك أحد , بل تفاجأ أنه إذا ضرب مع أحدهم موعدا وتأخر عنه الإمام برهة ذهب وتركه لأنه لم يلتزم بموعده , فقال مقولته المشهورة ( وجدت في أوروبا إسلام بلا مسلمين ووجدت هنا مسلمين بلا إسلام ) , ولو أن البعض رد عليه وقال إنهم يتركون لك بنساً أو أقل منه ويسرقون بنوكاً ودولاً بكاملها !! . لكني هنا أوجه حديثي لمن لازال مصراً على رأيه , وذلك بالإعجاب بهم وسلوكياتهم , كما هو أيضا منبهر بهم ويتحدث على المنابر عن ذلك , بل ويؤلف الكتب واحدا تلو الآخر ، ويستهجن أي نقد لهم ، وأي تصرف منا نحوهم , والدليل رأيهم فيما كتبه بعض المقهورين من قصائد وما دبجوه من مقالات فرحاً بحذاء منتظر الزيدي , فجاءت مقالات بعض مفكرينا تتحدث عن التخلف العربي وجمال الحضارة الغربية , وأننا لن نصل إليها إلا بعد قرون عدة ، وكان آخرهم الأستاذ إبراهيم البليهي عضو مجلس الشورى والمفكر المعروف والذي أثار زوبعة في النادي الأدبي في جدة وتعرض لردود أفعال كادت أن تخرجه من القاعة أكثر من مرة وقد يفعلها ، لأنه لا يقبل الرأي الآخر أطلاقاً مهما كان صائباً حسب معرفتي الشخصية به , ومن هنا أقول لهؤلاء : إن من لا يعيش بينهم في بلادهم سنوات طويلة يظل محجوبة عنه المعلومة الدقيقة عن هؤلاء , كما أنه ليس مخولاً للحديث عنهم , خصوصاً وأن من عاش هناك ردحاً من الزمن تجده يخالف هؤلاء المفكرين الرأي , وعندي نماذج منها سمعتها منهم شخصيا , والسبب أنهم عاشوا بينهم واختلطوا بهم وأكلوا معهم , بل وسافروا معهم ، ويؤكدون أن لديهم من الانحرافات الشيء الكثير , لكنه لا يُسمع صوتهم , بل إن الصوت الأعلى دائماً لمن هو قابع لم يغادر الوطن إلا لزيارة خاطفة أو مشاركة له في مؤتمر وهذا مصدر استغرابي !! . ولذا لا أريد أن استفيض في هذا الحديث عن كل شيء يؤكد مصداقية من ينتقد الغرب من خلال أفعالهم الغير سوية , ويقول ما يعرفه عنهم - بعكس من هو منبهر دائماً بهم - وذلك من خلال عدد من القصص الغير مصدقة , حيث تجد منهم من يقابل والده أو والدته في الشارع ويأخذه بالأحضان وعندما يسأله سائل منا يقول : إنني منذ كم سنة لم أره ، أو إطلاق حرية العيش للفتى والفتاة بعد الثامنة عشر كيفما اتفق دون قيود , بل ويعاقب والده لو نهره أو رغب تأديبه ، وأقرب مثال على ذلك الشابة ( بريستول ) ابنة حاكمة ألاسكا ( سارة بالين ) والمرشحة التي خسرت منصب نائب الرئيس الأمريكي عن الجمهوريين , وهذه البنت حملت سفاحاً من صديقها ( ليفي ) وعندما سئلت والدتها عن ذلك قالت إنني أنا ووالدها ( نود ) ندرك جيداً مخاطر الحمل لكن ( بريستول ) قادرة على تحمل المسؤولية ورعاية ابنهما القادم ، أي أن المسألة ليس كيف حملت خارج إطار الزواج أو قبل الزواج فهذا لا يهم أبدا , لكن المشكلة هي في مدى تحمل مسؤولية الأمومة , وبالمناسبة وضعت مولودا في الأسبوع الماضي , وهذه وغيرها كثير مما نقرأ عنه دائماً ونسمع عنه , مثل زواج يتم بعد أن أنجبت الزوجة طفلاً أو طفلين أو تزوجت وهي حامل ، كلها أهديها لمفكرينا لأقول : هذا هو المجتمع الذي تعلنون دائماً انبهاركم به وهذا من سوف تصدرون لنا منه الأخلاق والآداب , خصوصاً وأن هذه القصة لامرأة كانت في طريقها لحم أكبر دولة في العالم. حمانا الله وإياكم من كل سوء ومكروه وحفظ لنا ديننا وأمننا وأخلاقنا وبلادنا إنه سميع مجيب . أسعد الله أوقاتكم عبدا لرحمن بن محمد الفرّاج [email protected]