أضحكني كثيرا ذلك الخبر الذي تناقلته معظم وسائل الإعلام والذي يفيد برغبة أحد المواطنين السعوديين بشراء ذلك الحذاء الذي قذفه الصحافي منتظر الزيدي على الرئيس جورج دبليو بوش بمبلغ يتجاوز العشرة ملايين مطلقا عليه اسم وسام الحرية كما يدعي، استرحت لبرهة ثم عدت لأقرأ الخبر من جديد لربما قد أخطأت عيناي الرقم أو كان هناك خطأ مطبعيا إلا أنني وجدته في أكثر من وسيلة إعلامية فما كان مني إلا التصديق والتيقن بصحة الرقم. وما هي إلا لحظات حتى عادت بي الذاكرة قليلا؛ كيف لا وها هي الملايين تجوب الصحاري بحثا عن تلك الإبل الجميلة ( المزاين) التي تمتلك أربعة أرجل كغيرها وسنام لا يختلف عن الأخريات، كما أن هذه الإبل لا تمتلك أية من مقومات سوق العمل الحالية والمغرية لامتلاكها كدورة في الحاسب الآلي أو في اللغة الإنجليزية ...! ثم قفزت بي تلك الذاكرة إلى مزاد ( دلة ) المشهور لبيع لوحات السيارات ذات الأرقام المميزة، وكيف أن هذه الملايين تتقاذف من يمنة ويسرة وتتسابق لتكون الأعلى حتى يتسنى لها امتلاك تلك اللوحة التي قد تحمل اسما لعشيقته أو لناديه المفضل أو حتى اسم طليقته التي أحبها يوما ما ! وقبل أن اعود بذاكرتي للخلف واشتلها من بحر الملايين العميق عصفت بي الأمواج إلى مزادات شركات الاتصالات للأرقام المميزة، وما أدراك ما شركات الاتصالات وكيفية العزف على أوتار التميز - في زمن سهل في التميز- وكيف أن الملايين تتراشق من كل صوب كرشقة تلك الجزمة على بوش لاقتناء ما هو مميز ! فما لبثت إلا أن عارضتني فكرة قطعت علي تأملاتي الحلوة والعسلية مع هذه الملايين الفاتنة، حيث أنه ربما من الأفضل أن تنشأ مادة تدرس في الجامعات تكون بهذا المسمى ( إدارة الملايين ) حتى يتم من خلالها تحديد مواعيد مزايدات ( مزاين الإبل ) و مزادات لوحات السيارات وأرقام الاتصالات ، كم أنه من المهم أيضا أن يتم الإعلان عن موعد قذف الحذاء القادم حتى يتسنى للبعض تجهيز الملايين ...! ثم استوقفني سؤالا حيرني كثيرا وأقلقني في التفكير، فلو تخيلنا أن وسائل الإعلام الغربية نقلت هذا العرض الملاييني لهم وسؤلنا نحن المبتعثين في الخارج عن هذا الأمر هل هو صحيح أم لا ..؟! هل سنكون صادقين معهم في الإجابة ، أم أن بندا\" جديدا من الملايين قد يغفر لنا أكاذيبنا !!! أمجد المنيف كاتب سعودي . طالب دراسات عليا بنيوزلندا [email protected]