مع أن رعاية الموهوبين تم إدراجها ضمن سياسة التعليم في المملكة عام 1389ه إلا أنها بقيت حبيسة الورق حتى السنوات القليلة الفائته حين تم بعثها من مرقدها على عدة مراحل كان آخرها ما نحن بصدده الآن ويتلخص المشروع الحالي بوجود قسم في كل ادارة تعليم بمسمى رعاية الموهوبين , ويتبع له مركز لرعاية الموهوبين له مديره ومعلميه يتوزع معلمو رعاية الموهوبين على المدارس ويختارون عددا من الطلاب لتصنيفهم ضمن الموهوبين ثم يبدأ هذا المعلم الوحيد باعطاء الطالب الموهوب برامج بهدف اثراء موهبته وتنميتها هذه البرامج وبصورتها الحالية لن نر لها أي ايجابيات وستبقى مجرد عبء إداري ومالي على وزارة التربية والتعليم والسبب أن المشروع ولد ولم يكتمل الاعداد له : * يلاحظ أن الذي يحدد الطالب الموهوب هو معلم عادي حضر دورات قصيرة في هذا المجال . وفي النهاية يتعلق مصير عدد من الطلاب على قراره ورؤيته التي قد تكون قاصرة كقصر دوراته وخبرته , فقد يهمل أحد الموهوبين فعلا ويصاب بالاحباط ولن يسأل عنه أحد ونكون هنا قتلنا موهوبا .وقد يركز على من يضنه موهوبا وهو مجرد حافظ لا أكثر * الاهتمام بالطالب قد يولد لديه شعورا بالغرور والعلو على أقرانه وبالتالي خسارة موهبته , وهذه الحالة تحتاج الى متخصصين لعلاجها ولا أرى في البرامج الحالية ما يدل على الاهتمام بهذه الحالات وان كنت أعتقد انه ليس من الحكمة خلق المشكلة ثم الشروع في البحث عن حل لها , * لاأدري كيف سيقوم معلم واحد باثراء معلومات الموهوب في مختلف التخصصات ؟ أما إن كان فقط سيعلمه مهارات البحث العلمي ومهارات التفكير , ففي اعتقادي أن جميع الطلاب لهم الحق وهم بحاجة لتعلم هذه المهارات وليس الموهوب فقط وماذا بعد ؟ هذا هو السؤال المهم , قدمنا رعايتنا للموهوب - على افتراض اننا اتبعنا الطرق الصحيحة بخلاف الحاصل الآن - ووصل الى المرحلة الثانوية واجتازها الى مرحلة الجامعة , وماذا بعد ؟ هل سنرعاه ايضا خلال دراسته الجامعية ؟ وماذا نتوقع منه أن يقدم للوطن ؟ الا يجب طرح هذا السؤال قبل البدء في البرنامج ؟ لدينا نماذج مشرفة جدا من أطباء ومهندسين وغيرهم برزوا على مستوى العالم قبل أن تعرف وزارتنا ما هو الموهوب , فهل نحن نطمح لتقديم شيئا أكبر من ذلك ؟ أم أن كل طموحنا ان يحصل أحد طلابنا على مركز متقدم في إحدى المسابقات العلمية العالمية , وبعدها لانسمع له أثرا وقد يكون تخرج من الجامعة وبقي عاطلا أو حالفه الحظ وحصل على وظيفة مشغل حاسب أو مدخل بيانات في إحدى الوزارات , وكلما أراد تطوير برنامج أو فكرة قيل له : ما يهمنا هو توقيعك للحضور والانصراف في الوقت المناسب , فلا تحرص على شيء غير هذا . يجب علينا أن نتذكر بأن كل العلماء في العالم سواء الحائزين على جوائز نوبل أو الملك فيصل , أوالذين لم يحصلو على أي جائزة ولكنهم قدمو الكثير لأوطانهم وللبشرية , لم يمرو على معلم لرعاية الموهوبين إطلاقا بل رعوا أنفسهم بأنفسهم وساعدتهم البيئة التعليمية العامة في بلدانهم فإن كان مايهمنا هو مواكبة المتقدمين بعلمهم فعلينا أن نوجه جهودنا لتغيير طريقة تدريسنا ومناهجنا كلها وحتى يومنا الدراسي يجب أن يعاد النظر فيه , ويجب الا نهمل الطريقة المحبطة التي يتعاطى فيها المجتمع مع المميزين والمبدعين , وتكون بيئتنا التعليمية صانعة وراعية للموهوبين . وإن كنا نريد تعليم موهوبينا طرق التفكير وحل المشكلات فقط كما يحصل الآن , فالواجب ادراج هذه النقاط في المنهج العام ليستفيد منها الموهوب وغيره ولن يضر أي منهم تعلم هذه المهارات بصورة جماعية أما إن كنا نريد هالة إعلامية وإنجازات ورقية فعلينا الاستمرار في فرز التلاميذ وعزلهم عن بعضهم ؟ ويجب أن نهتم كثيرا برفع التقارير الدورية التي تبين جهودنا الورقية . سيبقى السؤال قائما , وماذا بعد رعاية الموهوبين ؟ عيسى بن محمد الغفيلي - الرس