.. حتى الملائكة تسأل .. لازلت مؤمنة بشيء واحد وهو التساؤل ولا أعلم حقيقة إلى أي مدى يصل هذا المعنى وماهي حدوده ؟ . هذه الفكرة كانت موجودة بداخلي ومنعت منذ صغري وعلى مقاعد الدارسة قتلت ، فلا يحق لي أن أسئل عن حالي ومالي ، ولا عن سلامة عقلي وسلامة معلوماتي التي تقدم لي بوجهة نظر مؤلف الكتاب ومصدقة من وزارة التربية والتعذيب ، وليس للمدرس حيلة في تغييره لأنه مكبوت ومربوط اليد وهو من نتائج هذا التأليف فليس علية لائم . قد تتساءلون عن أي منهج تتكلم عنه هذه الفتاة ؟ وأتمنى أن لا أتهم بالانشقاق المنهجي ، كما من المفيد في هذا السياق أن نعالج الأشكال المختلفة للانشقاق المنهجي التي سوف تظهر في القرون القادمة جراء الضغط المجتمعي عن منع الكلام بالمحرمات الاجتماعية وهما ( الدين والسياسة ) . يجب طرح سؤال مبدئي عما إذا كانت المحرمات في العالم الإسلامي قد ترسخت فعلاً في أعماق الناس أم أنها حولّت إلى أدوات سياسية و اجتماعية ؟ عندما طرحت سؤالي المبدئي كانت صياغته صعبة بالنسبة لي كما صعوبة عمل بيت من الشعر للفرزدق عندما قال \" قد تمر علي ساعة وقلع ضرس من أضراسي أهون علي من عمل بيت من الشعر \" ، وهذا السؤال يعيشه كثير من الناس كما تجربة الكاتب نجيب الزامل ( من الشك إلى اليقين ) عندما أبحر في أسئلته ليجد الجواب اليقين له . مضامين الأسئلة هو عصف فكري للإنسان ونتائجه يقينية وإبداعية بامتياز لتغيير ذاته وارتقائه للأفضل ، فهو يؤدي إلى انبهار ثم انصهار ويترتب عليه انبثار الشخصية ووضوحه وثقته بنفسه عندما يكثر من الأسئلة ليجد الجواب الوافي عن تجاوزه لهذه المحرمات الاجتماعية ، وهناك استمرارية من قبل بعض ولاة الأمور أو الدعاة لعدم وضع هذا التجاوز ليعيش هذا الجيل في نمط سائد دون تغيير ووضع الحدود لهم وتكون الحلقة في طرح الأفكار إما البعد عن الإرهاب أو التلقين الدائم لهم دون السماح لهم بتفجر هذه الأسئلة وكأن المجتمع نصفه إرهابي لكثرة الكتابات عن هذا الموضوع ، وبطبيعة الحال مجتمعنا (غلبان ) عن هذه الاتهامات , فالتشدد أو الفكر التكفيري لا يشكل إلا 2 % من المجتمع والباقي يضيع بين السير وراء التناقضات الاجتماعية والسياسية ، وحرمة الأسئلة عن الجيل الحالي ، ودعاة تجاوزهم الجيل . وظيفة العقل هو السؤال عندما تنتهي علامة الاستفهام ينتهي العقل ومرض ، ونبدأ بالإعاقة العقلية وكم من إعاقة عقلية في مجتمعنا ، فالأسئلة بركان يجب أن تكون لها متنفس وإذا حرمت عليها الظهور تنتهي إما بالاكتئاب أو الجنون فالعيادات النفسية أصبحت تنافس العيادات الجسدية للضغوط التي تواجهه وكثرة صفوف المكتئبين أمامها . ديكارت قال \" أنا أفكر إذن أنا موجود \" وأقول أنا \" أنا أسئل إذن أنا موجود \" ديننا قائم على السؤال وإسلامنا قائم على السؤال لنجعل حياتنا مليئة بالأسئلة حتى نجد النور من بعده ، وكما قلت في عنوان مقالتي\" حتى الملائكة تسأل\" .... سديم الضراب